حصار قريش وحصار غزة

تاريخ الإضافة 24 سبتمبر, 2025 الزيارات : 130

حصار قريش وحصار غزة 

المقاطعة وسياسة الحصارعند كفار مكة

في العام السابع من البعثة اجتمع كفار مكة اجتماعًا طارئًا وعاجلاً، بعدما رأوا من اجتماع بني عبد مناف للدفاع عن رسول الله، وخرجوا منه في نهاية الأمر بتفعيل سياسة الحصار الاقتصادي والاجتماعي لبني عبد مناف، وإعمال سياسة التجويع الجماعي لهم، سواءٌ أكانوا كفارًا أم مسلمين.

بنود المقاطعة:

اتفقوا على أن أهل مكة في علاقتهم مع بني عبد مناف ينفذون ما يلي:

  1. : أن لا يناكحوهم -لا يزوّجونهم- ولا يتزوجون منهم.
  2. وأن لا يبايعوهم، لا يبيعون لهم ولا يشترون منهم.
  3. وأن لا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم.
  4. وأن لا يقبلوا من بني هاشم وبني المطلب صلحًا أبدًا.
  5. ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يُسْلموا رسول الله  لهم للقتل.

هكذا في غاية الوضوح: السبيل الوحيد لفك هذا الحصار هو تسليم الرسول  حيًّا ليقتله زعماء الكفر بمكة.

وقد صاغوا هذا القانون الجائر في صحيفة، ثم علقوها في جوف الكعبة، وبالفعل بدأ تنفيذ هذا الحصار في أول ليلة من ليالي المحرم في السنة السابعة من البعثة، وقد دخل بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلى شعب أبي طالب وتجمعوا فيه، ومعهم رسول الله؛ وذلك ليكونوا جميعًا حوله كي يحموه من أهل مكة.

المعاناة والألم مع الحصار الظالم:

وصور الباطل تتكرر ومن حينها تكون قد بدأت مرحلة جديدة من المعاناة والألم، تلك التي عاشها المسلمون في بداية الدعوة الإسلامية، فقد قُطع الطعام بالكلية عن المحاصرين، لا بيع ولا شراء، حتى الطعام الذي كان يدخل مكة من خارجها وكان يذهب بنو هاشم لشرائه، كان القرشيون يزيدون عليهم في السعر حتى لا يستطيعون شراءه، ومن ثَمَّ يشتريه القرشيون دون بني هاشم.

وقد بلغ الجهد بالمحاصرين حتى كان يسمع أصوات النساء والصبيان يصرخون من شدة وألم الجوع، وحتى اضطروا إلى التقوت بأوراق الشجر، بل وإلى أكل الجلود.

الهم بقتل الرسول أثناء الحصار:

ثمَّ إنَّ المشركين اشتدُّوا على المسلمين ؛ حتَّى بلغ المسلمين الجهد، واشتدَّ عليهم البلاء، وأجمعت قريش أن يقتلوا رسول الله ﷺ  علانيةً؛ فلـمَّا رأى أبو طالب خسة القوم؛ جمع بني عبد المطلب، وأمرهم أن يُدخِلوا رسول الله ﷺ  شِعْبَهم، ويمنعوه ممَّن أراد قتله، فاجتمعوا على ذلك مسلمُهم وكافرُهم، فمنهم مَنْ فعله حَمِيَّةً، ومنهم من فعله إيماناً، ويقيناً، وكان أبو طالب إذا أخذ النَّاسُ مضاجعهم؛ أمر رسولَ الله ﷺ فأتى فراشه حتَّى يراه من أراد به مكراً، أو غائلة، فإذا نام النَّاس؛ أخذ أحد بنيه، أو إخوته، أو بني عمِّه، فاضطجع على فراش رسول الله ﷺ، وأمر رسولَ الله ﷺ أن يأتي بعض فرشهم، فيرقد عليها .

هشام بن عمرو:

وقد ظلت تلك المأساة ثلاث سنوات، فتحركت مشاعر الإنسانية والرحمة في قلب رجل يدعى: هشام بن عمرو في شهر المحرم من السنة العاشرة من البعثة، فقصد زهير بن أبي أميَّة المخزومي، وكانت أمُّه عاتكة بنت عبد المطَّلب، فقال له: يا زهير! أقد رضيت أن تأكل الطَّعام، وتلبس الثِّياب، وتنكح النِّساء وأخوالك حيث قد علمت، لا يبتاعون، ولا يُبتاع منهم، ولا يَنكْحون، ولا يُنْكح إليهم؟ أما إني أحلف بالله، لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام، ثمَّ دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم؛ ما أجابك إليه أبداً، قال: ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنَّما أنا رجلٌ واحدٌ، والله لو كان معي رجلٌ آخر؛ لقمت في نقضها! فقال له: قد وجدت رجلاً، قال: من هو؟ قال: أنا، فقال له زهير: أبْغِنَا ثالثاً.

فذهب إلى المُطْعِم بن عديٍّ، فقال له: يا مُطْعِمُ! أقد رضيت أن يَهْلِك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهدٌ على ذلك، موافقٌ لقريشٍ فيهم؟ أما والله لو أمكنتموهم من هذه؛ لتجدنَّهم إليها منكم سراعاً! قال: ويحك! فماذا أصنع؟ إنَّما أنا رجلٌ واحدٌ.

قال: قد وجدت لك ثانياً، قال: من؟ قال: أنا، قال: أبغنا ثالثاً، قال: قد فعلت، قال: مَنْ؟

قال: زهير بن أبي أميَّة، فقال: أبغنا رابعاً، فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فقال له نحواً ممَّا قال للمطعم بن عديٍّ، فقال له: ويحك! وهل نجد أحداً يعين على ذلك؟

قال: نعم، زهير بن أبي أميَّة، والمطعم بن عديِّ، وأنا، فقال: أبغنا خامساً، فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطَّلب بن أسد، فكلَّمه، وذكر له قرابته، وحقَّهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الَّذي تدعوني إليه من أحدٍ؟

قال: نعم، ثمَّ سمَّى له القوم؛ فاتَّعدوا خَطْم الحَجون ليلاً بأعلى مكَّة، فاجتمعوا هناك، وأجمعوا أمرهم، وتعاقدوا على القيام في الصَّحيفة حتَّى ينقضوها، وقال زهير: أنا أبدؤُكم، فأكون أوَّل من يتكلَّم، فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أميَّة عليه حُلَّةٌ، فطاف بالبيت سبعاً، ثمَّ أقبل على النَّاس، فقال: أنأكل الطَّعام، ونلبس الثِّياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون، ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تُشقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة !

فقال أبو جهل – وكان في ناحية المسجد -: كذبت والله لا تُشقُّ !

فقال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب! ما رضينا كتابتها حين كُتبت، فقال أبو البختري: صدق زمعة، لا نرضى ما كُتب فيها، ولا نُقِرُّ به، فقال المطعم بن عديٍّ: صدقتما، وكذبَ مَنْ قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، وممَّا كُتِبَ فيها، وقال هشام بن عمرو نحواً من ذلك، فقال أبو جهل: هذا أمرٌ قضي بليلٍ، تُشُووِرَ فيه في غير هذا المكان.

وكان رسول الله ﷺ قد قال لأبي طالب: يا عم ! إن ربي الله قد سلط الأَرَضَة(النمل الأبيض) على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسماً هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منه الظلم والقطيعة والبهتان؛ فقال: أربك أخبرك بهذا ؟ قال: نعم؛ قال: فوالله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش فقال: يا معشر قريش ! إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا، فهلم صحيفتكم، فإن كان كما قال ابن أخي، فانتهوا عن قطيعتنا، وانزلوا عما فيها، وإن يكن كاذباً دفعت إليكم ابن أخي، فقال القوم: رضينا، فتعاقدوا على ذلك، فقام المُطْعم بن عدِيِّ إلى الصَّحيفة ليشقَّها، فوجد الأَرَضَةَ قد أكلتها، إلا «باسمك اللَّهمَّ».

وقد أسلم بعد ذلك هشام بن عمرو، أسلم بعد فتح مكة، بعد أكثر من عشر سنين من هذا الحدث، وأسلم أيضًا زهير بن أبي أمية، أما بقية الخمسة فقد ماتوا على الكفر. ولحكمة كان يعلمها فإن الله  شاء أن يتأخر هذا الإنقاذ إلى مدة ثلاث سنوات، ولو شاء سبحانه لحدث مثل هذا الاجتماع من الرجال الخمسة أو من غيرهم بعد شهر واحد أو شهرين من بداية الحصار، لكن لا؛ فقد كان هذا التأخير مقصودًا، لقد خرج المؤمنون من هذا الحصار أعمق إيمانًا وأقوى تمسكًا بدينهم وعقيدتهم، لقد وقع الابتلاء والامتحان، ونجح المؤمنون فيه، فإنه لا بد أن يثبت الصادقون صدقهم بالتعرض للبلاء والثبات على الحق

حصار غزة:

حينما نستعرض هذا المشهد في السيرة النبوية، لا يغيب عن وعينا مشهد غزة، وهذا الحصار المحكم الحلقات الذي له قرابة 17 عامًا واشتداده في هذه الأيام تمهيدًا لمشروعهم الوهمي بتهجير أهل غزة وتحويلها إلى “ريفيرا غزة”، كما قال الرئيس الحالم الأمريكي.

2 مليون إنسان محاصرين في هذا الحيز الذي لا يتجاوز 300 كم مربع، ضربوا الآبار وعيون المياه وشبكات المياه بالصواريخ فدمروها، ومنعوهم من الطعام والمساعدات، وحولوا حياتهم إلى المشهد الذي نراه جميعًا على الشاشات ليل نهار.

إنها معركة الصراع بين الحق والباطل، بين الظلم والعدل، بين صاحب الأرض والمغتصب، بين صاحب الحق والمدعي.

 العجب أن من بني جلدتنا من يشاركون في هذا الحصار وهذا التجويع، وفي نفس الوقت يرسلون لإخوانهم الصهاينة الطعام والبترول وكل المستلزمات، أما حينما يكون الوضع متعلقًا بغزة فالمعابر مغلقة وننتظر أوامر السيد الذي يدير المشهد.

التفكير خارج الصندوق:

سبحان الله لما بدأ البعض يفكر خارج الصندوق، ظهرت بعض المؤشرات الإيجابية، ولذلك أنا أقول إننا ندعم أي شيء يصب في موضوع كسر الحصار وفك الحصار عن إخواننا بغزة.

عندنا أكثر من اتجاه:

1-المشهد الأول: ظهرت السفينة التي سُميت بـ”حنظلة” لكسر الحصار، أي نعم هي وصلت ولكن حُوصر الذين كانوا فيها ورُحلوا جميعًا”لكن كان الهدف من هذه الرحلة الرمزية كسر الحصار بأي شكل من الأشكال، وفضح وتعرية هذا العدو الغاصب المعتدي الذي يقف بجيشه وسلاحه أمام هؤلاء المدنيين من جنسيات مختلفة.

2- المشهد الثاني: حركة أغلبنا قال عنها إنها حركة ساذجة جدًا، شاب مصري في هولندا، ذهب إلى السفارة المصرية وأغلق عليهم الباب بالقفل وصور المشهد عبر الفيسبوك والميديا.

تحول المشهد إلى “ترند” على مستوى العالم، وكثير ممن علقوا قالوا: “هذه ألعاب صبيانية، هذه سذاجة في التفكير، وماذا يجدي غلق باب سفارة؟ سيكسر القفل وتنتهي المسألة!!!

لكن سبحان الله تحول الأمر إلى عدوى في الخير، بدأ الناس في أكثر من مكان على مستوى العالم يغلقون أبواب السفارات، ويصلون إلى أبواب بيوت السفراء أنفسهم ويغلقون عليهم الأبواب، كرمزية لغلق معبر رفح أو المعابر بصفة عامة.

3- المشهد الثالث: وصل الحال في مصر أن بعض الشباب ضحوا بأنفسهم واحتلوا مركزًا للشرطة، لا أدري كيف حدث هذا وما تفاصيله، لكن صوروا بث مباشر من المكان وقد حبسوا الضابط المسؤول، وقالوا: “نحن نقوم بهذا العمل لتفتحوا معبر رفح لإخواننا بغزة”.

هذا الضغط الرمزي البسيط جدا أدى إلى أن دول العالم بدأت تتحرك وأذن سيدهم بفتح المعبر، ففتح المعبر ومرت المساعدات.

4- المشهد الرابع: بعض النشطاء وضعوا في زجاجات بلاستيكية بعض الأطعمة الجافة مثل الأرز والعدس وغيرها وأغلقوها، وقالوا: “بسم الله وبسبب حركة التيار تجاه غزة تصل الزجاجات.

وقد صُورت فيديوهات ومقاطع من داخل غزة لبعض الزجاجات وصلت بالفعل فيها أرز.

هذا كله ليس المقصود منه أننا سنرسل كمية كبيرة تغطي حاجة 2 مليون، لكن هنا تعرية لهؤلاء الذين يدعون الإنسانية ويدعون الالتزام بالقوانين وحماية الأطفال، ووحقوق الإنسان إلى آخره.

ها هو الأمر أسهل وأبسط مما تتخيلون. التفكير خارج الصندوق خلال هذا الأسبوع وهذا الضغط أدى إلى تخفيف حدة الحصار والتفكير في أمور إيجابية أكثر.

5- المشهد الخامس: الآن في عدة دول أوروبية كان من المستحيل أن تُعرض مجرد فكرة أو تُناقش الاعتراف بدولة اسمها فلسطين، الآن بريطانيا أعلنت، فرنسا أعلنت، كندا أعلنت، هناك عدة دول لا أذكر بالضبط كم عددها أعلنوا أنهم سيؤيدون في الأمم المتحدة في شهر سبتمبر تأييد قيام دولة فلسطين.

اللهم لك الحمد؛ وماذا يفيد هذا؟ هذا يفيد بأن وجهة النظر الغربية اللامحايدة التي تقف دائمًا مع الجانب الإسرائيلي الصهيوني بدأت تتغير.

6- المشهد السادس: الآن قرأت خبرًا من يومين في بلجيكا في منظمة اسمها “منظمة هند رجب”. هند رجب هذه بنت صغيرة قُصفت بالنيران وقد كانت تجلب الطعام لأسرتها، فأسست منظمة عالمية “انترناشونال” باسمها، منظمة هند رجب.

وصل إلى معلوماتهم أن في بلجيكا بعض الجنود الإسرائيليين فقدموا طلبًا إلى المدعي العام بالتحقيق معهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وبالفعل تم استدعاؤهم واستجوابهم وأعلن المدعي العام تحويل القضية إلى محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

هذا الأمر مزعج جدًا جدًا لأنه كان مستحيلًا أن يحدث أو يُتخيل حدوثه خاصة مع إسرائيل أو جنود إسرائيليين.

فنحن الآن نتكلم عن تغير خريطة العالم وتشكيل وعي جديد زالت معه أكذوبة هذا الاحتلال الغاشم وما يدعيه من أقوال كاذبة في أنهم يمنعون المساعدات عن الإرهابيين والمخربين إلى آخر عباراتهم المعلومة.

التحقيقات الآن تشير إلى أن ضرب الأطفال في غزة يكون بالتصويب على الرؤوس والصدور، ليس قتل خطأ ولا شظية من صاروخ أو قنبلة، بل هو قنص متعمد.

وتحدثوا عن “مساعدات الموت” في مشهد مشهور، الصحف والأنباء كلها نشرته، عن طفل حكى هذا المشهد، جندي أمريكي -أظنه كان تبع مساعدات الأمم المتحدة أوتبع الجيش الأمريكي لا أعرف التفاصيل- يقول إن هذا الطفل من شدة الجوع قَبّل يده حتى يعطيه الطعام. قال: “وبعد فترة، إذا بالجنود يفتحون النار على هذا الجمع من الناس، وكان هذا الطفل الذي بيده كيس العدس والأرز مقتولًا من ضمن القتلى”. جندي أمريكي ذكر هذا المشهد المرير.

إذًا نحن الآن في تعرية لهذه الجرائم التي تعدها محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية من جرائم الحرب، والتي من أول بنودها أن تجويع المدنيين واستعماله كسلاح في أي نزاع مسلح هو جريمة حرب.

فنحن نحتاج أن نفكر خارج الصندوق مثل:

  1. هل من الممكن قيام تحالف إنساني عالمي لدعم المحاصرين والمجوعين بغزة؟
  2. هل من الممكن تفعيل منظمة مثل منظمة هند رجب لتتبع جرائم الحرب وقتل النساء والأطفال والمدنيين؟
  3. هل من الممكن دعوة البرلمانيين هنا، نواب البرلمان الذين ينيبون عنا في البرلمان الكندي، أن تكون كندا قوة ناعمة بحكم فاعليتها ودبلوماسيتها وعلاقاتها الدولية، أن تقود تحالفًا دوليًا إنسانيًا لفك الحصار عن غزة ودعم المحاصرين بغزة؟
  4.  بالإضافة طبعًا المقاطعة الاقتصادية والدعم المعنوي وجهود الإغاثة التي تقوم بها بعض الهيئات الرسمية المعروفة، لكن نحتاج إلى فاعلية أكثر وأكثر حتى نُعذَر إلى الله سبحانه وتعالى.
  5. هل نمتنع عن الطعام والشراب؟ بعض الدعوات تقول بأنه: “والله أنا أشعر بحرمة أني آكل أو أشتري طعامًا لأولادي أو أني أخرج أنا وأولادي إلى مكان”يا أخي هذه كلها مسألة عواطف، لن يُنبنى عليها شيء.
  6. من الممكن أن نوفر من ميزانية الأسرة ونجعل نفقة ثابتة شهرية لدعم إخواننا بغزة، لكن ماذا يفيد أنك تجوع أنت وأولادك أو أنك تمتنع عن الحياة العادية؟ديننا دين توازن، يعني لو واحد أبوه مات وظل حزينًا عليه سنة واثنين وثلاثة هل سيعود للحياة؟

فكّر ماذا بعد؟الآن نحن في مصيبة كبيرة، في مصاب إنساني عظيم، فلا تفكر في أمور لن ينتفع منها إخوانك بغزة.

يعني بعض الحلول العجيبة التي يطرحها الناس هي حلول داخل البيت، نحن نتكلم عن حلول تحرك العالم في زمن الميديا، في زمن الأخبار.

الناس زمان كان عندها استعداد تظل على قناة مثل قناة الجزيرة من الصباح إلى المساء، لم يعد هذا الآن.

القنوات الإخبارية فقدت الشغف عند الجيل الحالي، الجيل الحالي هو جيل التيك توك والإنستغرام وهذه الأشياء السريعة.

 جيل ليس عنده صبر أن يشاهد الخبر وتحليل الخبر وما وراء الخبر، والمحلل الاستراتيجي و”معنا ومعنا”،  كل هذا انتهى ومضى زمانه، هذا للجيل السابق.

7- نحتاج إلى إخوة عندهم خبرات لدعم القضية من خلال إنستغرام وتيك توك وفيسبوك، كل هذه الوسائل مطلوبة، هذا هو الدعم الحقيقي، الدعم الإيجابي، ونشر القضية بكل اللغات مطلوب.

إذًا فلنفكر خارج الصندوق. نحن حصرنا التفكير في أن “حرام نأكل وحرام نشرب ويجب الخروج للمظاهرات ويجب المقاطعة الاقتصادية”. كل هذه خطوات جميلة، لكن وماذا بعد؟ لا بد من التطوير أكثر وأكثر وأكثر ونواصل الضغط بكل القنوات المشروعة والسلمية التي توصلنا إلى عمل تحالف إنساني لفك الحصار عن هؤلاء.

المعلومات الأخبارية المنشورة الآن : في 40,000 طفل رضيع مهددون بالوفاة، 40,000 طفل ليس عندهم حليب الأطفال، أمهاتهم لا يأكلون فبالتالي ما فيش إرضاع ولا في شيء.

650 ألف طفل في غزة مهددين بالموت جوعًا.

نحن نتكلم عن قضية من أخطر ما تكون إنسانيًا، لا تحتاج إلى ترف عقلي ولا ذهني ولا محاولات ولا حوارات ولا مناظرات.

العينة بيّنة والمشهد يراه الجميع.

فكل واحد منا يبذل جهده بكل ما آتاه الله من قوة أو علم أو خبرة أو حركة في أي اتجاه، حتى ولو قليل يصب في دعم إخواننا، لا تبخلوا به.

مدرب نادي مانشستر سيتي:

وأنا ذكرت لكم قصة مدرب نادي مانشستر سيتي الذي كان يُكَرَّم، أعطوه الدكتوراه الفخرية، هذا من حوالي شهر تقريبًا، وتكلم عن غزة في حفل تكريمه.

وقال: إن الذي يحدث في غزة الآن -ودوري أنا بهذه الكلمات- يذكرني بقصة سمعناها ونحن أطفال، أن حريقًا كبيرًا قام في الغابة، فكان هناك عصفور صغير يملأ فمه بالماء ويلقيه على النار. فقال له الثعبان: “ماذا تفعل أيها العصفور؟ وهل هذا الماء القليل يطفئ النار؟”. قال له: “أنا أؤدي دوري فحسب”.

أنا أؤدي دوري.

اسأل نفسك ما هو دورك؟

ما هو الدور الذي تستطيع أن تقوم به لتخفيف وطأة الحصار عن إخواننا؟

لدعمهم؟ لنشر قضيتهم؟ لاكتساب التعاطف الدولي؟ لإنهاء هذه المأساة الحقيقية؟

إذا بذلنا جهدنا وبذلنا ما في وسعنا نُعذَر إلى الله سبحانه وتعالى. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].

نسأل الله سبحانه وتعالى لإخواننا بغزة فرجًا قريبًا وفتحًا مبينًا.

اللهم ارزقهم من حيث لا يحتسبون،

وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف،

وأنزل عليهم رحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك لإخواننا بفلسطين وبغزة وفي مشارق الأرض ومغاربها أن ترفع عنهم البأساء والضراء.

اللهم اكشف الكرب والبلاء عن المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.

اللهم أنزل عليهم رحمتك، اللهم أنزل عليهم رحمتك،

اللهم اشملهم بعفوك ولطفك وكرمك وإحسانك.

اللهم إنا نسألك لهم يا رب العالمين من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد،

ونعيذهم من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد.

اللهم استر عوراتهم وآمن روعاتهم.

اللهم أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف.

اللهم انصرهم بنصرك، اللهم انصرهم بنصرك يا خير الناصرين،

واحفظهم بحفظك يا خير الحافظين.

اللهم ارحم أطفالهم ونسائهم وضعفاءهم ومرضاهم.

اللهم ارحم جوعهم، اللهم ارحم جوعهم، اللهم ارحم ضعفهم.

اللهم لا نملك إلا أن ندعو لك ونبذل ما في وسعنا، فوفقنا إلى ما فيه مرضاتك،

ووفقنا إلى ما فيه السبب لتخفيف المعاناة عن إخواننا، وأعنا يا رب على ذلك،

وهيّئ الأسباب يا من تخلق الأشياء من العدم.

هيّئ الأسباب لنصرتهم، هيّئ الأسباب لَعَوْنِهِم.

اللهم أمدهم بمدد من عندك، اللهم أمدهم بمدد من عندك.

اللهم أرنا بأسك في كل من جوّعهم وعطّشهم وضيّق عليهم الحصار.

اللهم أرنا فيهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.

أنت حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

Visited 217 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع