فقه الصلاة 34- فضل صلاة الجماعة وحكمة مشروعيتها وآداب المشي إليها

تاريخ الإضافة 9 يونيو, 2023 الزيارات : 6729

فضل صلاة الجماعة :

ورد في فضلها أحاديث كثيرة نذكر بعضها فيما يلي :

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) متفق عليه .

 

2 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت لها درجة وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث : اللهم صل عليه اللهم ارحمه . ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ) متفق عليه وهذا لفظ البخاري .

كيف نوفق بين ما ورد في الحديثتين من اختلاف الأجر ؟
يجُمع بين هذه الروايات: بأن حديث الخمس والعشرين ذكر فيه الفضل الذي بين صلاة المنفرد والصلاة في الجماعة، والفضل خمس وعشرون، وحديث السبع والعشرين ذكر فيه صلاته منفرداً وصلاته في الجماعة، والفضل بينهما، فصار المجموع سبعاً وعشرين( فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/222-223.).(

بمعنى أن الفضل =25 صلاة ،وصلاته منفردا ، وصلاته في الجماعة =27 ضعفا

وبعض العلماء قال ربما يكون صلى الله عليه وسلم أخبر أولاً بالقليل، ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها.

أو أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة: فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون، بحسب كمال الصلاة، ومحافظته على هيئتها، وخشوعها، وكثرة جماعتها، وفضلهم وشرف البقعة
.

ويزيد فضل الصلاة مع الجماعة بزيادة عدد المصلين؛ لحديث أبيّ بن كعب – رضي الله عنه-، وفيه: ”…إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل ) رواه أبو داود

3- براءة من النار وبراءة من النفاق لمن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك تكبيرة الإحرام:

لحديث أنسرضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتِبَ له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق ) رواه الترمذي وحسنه الألباني
ومعنى قوله ”براءة من النار“ أي نجاة وخلاص منها،
وكتب له ”براءة من النفاق“ أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق ويوفقه لعمل أهل الإخلاص، وفي الآخرة يؤمنه مما يعذبه المنافق.

4- أجره كأجر الحاج المحرم:

عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ومن خرج إلى ‏ ‏تسبيح ‏ ‏الضحى لا ‏ ‏ينصبه (لا يخرجه )‏ ‏إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما ‏ ‏كتاب ‏ ‏في ‏ ‏عليين( . رواه أبو داود وصححه الألباني

توضيحات حول الحديث
أ – قوله صلى الله عليه وسلم ( فأجره كأجر الحاج المحرم ) له ثلاثة تفسيرات :
-1
أي كامل أجره ، بأن يأخذ ثواب الحاج المحرم .

-2 أي كأجر الحاج المحرم من حيث أخذه ثوابا على كل خطوة يخطوها ، فالماشي إلى المسجد والحاج كلاهما لهما ثواب على كل خطوة يخطوهما ، وإن اختلف الثواب بينهما .

– 3 أنه مثل الحاج المحرم من حيث أن له ثوابَ الصلاة من أول خروجه من بيته حتى عودته ، وإن لم يكن يصلي في كل الوقت ، كما أن للحاج ثوابَ الحج من أول خروجه إلى عودته ، وإن لم يكن في شعائر الحج طوال هذه الفترة

ب – قوله ( تسبيح الضحى ) أي صلاة الضحى .

ج – قوله (ينصبه ) بفتح الياء أي يتعبه ، وبفتحها أي يقيمه .

دذهب بعض العلماء إلى استحباب صلاة الضحى في المسجد أخذا بهذا الحديث ، وعدوها من الاستثناءات في أفضلية صلاة التطوع في المنزل ، وذهب اّخرون إلى عدم ذكر المسجد في الحديث فتحصل الفضيلة بأدائها في أي مكان .

و – قوله ( كتاب في عليين ) كناية عن رفع درجتها وقبولها . منقول من عون المعبود بتصرف .


5- فضل الصف الأول وميامن الصفوف :

عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)
وعن عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله وملائكته يصلون على ميامين الصفوف
ومن وصل صفّاً وصله الله وعليه صلاة الله تعالى وملائكته؛ لحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله وملائكته يصلون على الذين يَصِلُون الصفوف، ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة) صححه الألباني
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من وصل صفّاً وصله الله، ومن قطع صفّاً قطعه الله عز وجل) صححه الألباني

حرص السلف الصالح على صلاة الجماعة
وقد كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يعدون فوات صلاة الجماعة مصيبة.

وقد وقع أن بعضهم خرج إلى حائط له أي حديقة نخل فرجع وقد صلى الناس صلاة العصر، فقال: إنا لله فاتتني صلاة الجماعة أشهدكم عليه، أن حائطي على المساكين صدقة.

وفاتت عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما صلاة العشاء في الجماعة فصلى تلك الليلة حتى طلع الفجر جبراً لما فاته من صلاة العشاء في الجماعة.

وعن عبيد الله بن عمر القواريري رحمه الله تعالى، قال:

لم تكن تفوتني صلاة في الجماعة، فنزل بي ضيق فشغلت بسببه عن صلاة العشاء في المسجد، فخرجت أطلب المسجد لأصلي فيه مع الناس، فإذا المساجد كلها قد صلى أهلها، فرجعت إلى بيتي وأنا حزين على فوات صلاة الجماعة، فقلت: ورد في الحديث: أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ سبعا وعشرين فصليت العشاء سبعا وعشرين مرة)وهذا غير مشروع لنهي الرسول عن صلاة الفرض في يوم مرتين ) ثم نمت، فرأيتني في المنام على فرس، مع قوم على خيل، وهم أمامي، وأنا أركض فرسي خلفهم فلا ألحقهم فالتفت إلي واحد منهم، وقال: لا تتعب فرسك فلست تلحقنا فقلت: ولم يا أخي؟ قال: لأننا صلينا العشاء في جماعة، وأنت صليت وحدك فاستيقظت وأنا مهموم حزين» اهـ.

وينبغي أن نعلم أن مافعله الشيخ اجتهاد خاطئ لنهي النبي عن صلاة الفرض في يوم مرتين
ولكن ذكرتها للفائدة الأخيرة (وقال: لا تتعب فرسك فلست تلحقنا فقلت: ولم يا أخي؟ قال: لأننا صلينا العشاء في جماعة، وأنت صليت وحدك )

حكمة مشروعية صلاة الجماعة :
من الملامح البارزة للتشريع الإسلامي أن كثيراً من العبادات تشرع في اجتماع المسلمين، وذلك :
1– لإظهار شعائر الله سبحانه وتعالى وتعظيمها ، لأن الناس لو صلوا كلهم في بيوتهم ما عرف أن هنالك صلاة.

2-إظهار عِزِّ الإسلام، فلا شك في أن وجود المسلمين بهذا الشكل إظهاراً لعز الإسلام
يقول الفيلسوف الفرنسي رينان : إنني كلما رأيت المسلمين وهم يصطفون صفوفاً في صلاة الجماعة تحسرت على أنني لست بمسلم.
ونقول له: وما كان يمنعك وباب الإسلام مفتوح؟!

3- تعليم الجاهل ما يجهله من أحكام الصلاة .
4- إزالة الفوارق الاجتماعية بين المسلمين جميعا غنيهم وفقيرهم
5-الدعوة إلى الله بهذا المشهد ، وكثير من غير المسلمين يسلمون بسبب منظر المسلمين في صلاة الجماعة

قصة شاب يوناني :
حدث أن شابا يونانيا لا يعرف كلمة واحدة من اللغة العربية، وكان يصلي القيام في رمضان و يصبر إلى الركعة الأخيرة ، ولما سألوه عن سبب إسلامه قال: رأيت المسلمين يصلون فأحسست أن هذه هي الطريقة التي لا يعبد الله إلا بها.
فبدأ يصلي، فلما بدأ يركع ويسجد ويفعل مثلما يفعل المسلمون شعر بالراحة وشعر بسمو روحه وبمعانٍ عظيمة جداً، فأسلم، كما أنه دعى غيره للإسلام، فزار بعض أقاربه اليونانيين ، ليدعو إحدى قريباته من النساء إلى الإسلام، وسئل ماذا قلت لها؟
قال: أنا ما قلت لها أي شيء، إنما فعلت ما حدث معي، قلت لها: لا تجادلي كثيراً، لكن جربي وصلي مثلما يصلي المسلمون، وانظري كيف ستشعرين؟
والعجب أيضاً أن شقيقته أسلمت بنفس الطريقة لما دعاها إلى الإسلام، فهذا مذهبه في الدعوة إلى الإسلام أن يقول: أدخل في الصلاة ، وانظر كيف ستشعر؟! والقصص في ذلك كثيرة ً.

6-تقوية روح الأخوة بين المسلمين ؛ لأن ملاقاة الناس بعضهم لبعض توجب المحبة، والألفة، ومعرفة أحوال بعضهم ، فيقومون بعيادة المرضى، وتشييع الموتى، وإعانة المحتاجين

7– تعويد الإنسان ضبط النفس؛ لأنه إذا اعتاد على متابعة الإمام متابعة دقيقة، لا يكبر قبله، ولا يتقدم ولا يتأخر كثيراً، ولا يوافقه بل يتابعه تعود على ضبط النفس.

8-اجتماع المسلمين في أوقات معينة يربيهم على المحافظة على الأوقات.
إلى غير ذلك من الحكم الكثيرة

 

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 25 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع