من كلام السلف عن الورع 
جلس عمر بن عبد العزيز يتباحث مع رعيته أمرهم ويستمع لهم على ضوء السراج وبعد أن انصرف من عنده من الرجال دخل عليه احد أصحابه واخذ يسأله عن أحوال البلاد وأمور الشعب ثم سأله عن أحواله وأحوال أهله فقال له عمر : انتظر قليلا فقام إلى السراج فأطفأ شعله وساد الظلام في إرجاء المجلس فقال له الرجل لماذا أطفأت السراج يا أمير المؤمنين فرد عليه عمر: إن زيت هذا السراج من بيت مال المسلمين فعندما كنت تسألني عن أحوالهم كان صرف هذا الزيت في حقه ولكن عندما سألتني عن أحوالى لم يكن هذا في حق المسلمين فليس لي أن استخدم مال المسلمين في غير حقهم .
وكتب رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما: أن اكتب إليَّ بالعلم كله!، فكتب إليه: إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كاف اللسان عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعل.
ولما سأل عمر بن الخطاب الصحابة ما تقولون في الورع ؟ فبعضهم قال: الورِع هو كثير الصلاة ، كثير الصيام ، كثير الصدقة، قال : الورع ترك الحرام .
وقال بعض السلف : لأن أترك دانقاً من حرام خيرٌ من سبعين حجةً نافلة .
ما هو الدانق ، الدرهم ستة دوانق ،والمقصود شيء بخس، لا يذكر.
ورأى بعض العلماء وهو حذيفة بن قتادة التجار في السوق يحرصون على الصلاة والصف الأول فسر بهم وقال: خيرٌ من حرصكم على الصف الأول أن تتقوا الله في تجارتكم فلا تغشوا ولا تخدعوا الناس وصلوا في الصف الأخير، فهذا خير مقاما لكم عند الله أن تأتوا متزاحمين على الصف الأول وقد أكلتم حراما أو غششتم الناس في تجارتكم .
الصديق أبو بكرٍ رضي الله عنه لما جاءه غلامه بطعامٍ وكان قد اشتد جوعه فأكل وكان من عادته أن يسأل عن الطعام ما مصدره فسبحان الله من شدة جوعه أكل دون أن يسأل، فقال له الغلام: لم تسألني اليوم عن مصدر هذا الطعام قال: إنما شغلني الجوع فمن اين لك بهذا الطعام؟ قال:قوم كنت قد تكهنت لهم في الجاهلية فاعطوني حلوانا (مكافأة أوهدية)، فجعل أبو بكر رضي الله عنه يتقيأ ما في بطنه رغم أنه ما كان يعلم أنه حرام ، لكن حتى لا يكون الحرام مخالطاً بدمه ولحمه جعل يتقيأ ، ويذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم (كل لحٍم نبت من حرام فالنار أولى به.) نسأل الله العافية .
وزينب بنت جحش زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم لما سألها عن كلام المنافقين عن عائشه الصديقة بنت الصديق قالت يا رسول الله أحمِي سمعي وبصري ، والله ما علمت عنها إلا خيرا .