لعل ابنك هذا نزعه عرق
في يوم من الأيام .. وفي خيمة أعرابي في الصحراء ..
جعلت امرأة تتأوه تلد .. وزوجها ضمضم بن قتادة (من بني فزارة)عند رأسها ينتظر خروج المولود ..
اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت ..
لكنها ولدت غلاماً أسود !!
نظر الرجل إلى نفسه .. ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان .. فعجِبَ كيف صار الغلام أسود !!
أوقع الشيطان في نفسه الوساوس ..
لعل هذا الولد من غيرك !!
لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه !!
لعل ..
اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية .. حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلموعنده أصحابه ..
فقال : يا رسول الله .. إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسود !! وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط !!
نظر النبي إليه .. وكان قادراً على أن يسمعه موعظة حول حسن الظن بالآخرين .. وعدم اتهام امرأته ..
لكنه أراد أن يمارس معه في الحل أسلوباً آخر ..
أراد أن يجعل الرجل يحل مشكلته بنفسه .. فبدأ يضرب له مثلاً يقرب له الجواب ..
فقال له صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل ؟
قال : نعم ..
قال : فما ألوانها ؟
قال : حمر ..
قال : فهل فيها أسود ؟
قال : لا ..
قال : فيها أورق ؟( الذي يميل لونه من البياض إلى السواد)
قال : نعم ..
قال : فأنى كان ذلك ؟!
يعني : ما دام أنها كلها حمر ذكوراً وإناثاً .. وليس فيها أي لون آخر .. فكيف ولدت الناقة الحمراء ولداً أورق .. يختلف عن لونها ولون الأب ( الفحل ) ..
فكر الرجل قليلاً .. ثم قال : عسى أن يكون نزعه عرق .. يعني قد يكون من أجداده من هو أورق .. فلا زال الشبه باقياً في السلالة .. فظهر في هذا الولد ..
فقال صلى الله عليه وسلم: فلعل ابنك هذا نزعه عرق ( رواه مسلم) ..
سمع الرجل هذا الجواب .. فكر قليلاً فإذا هو جوابه هو .. والفكرة فكرته .. فاقتنع وأيقن .. ومضى إلى امرأته .
العِرْق هو الأصل من النسب، والمقصود أنه جاء على صفات واحدٍ من أجداده.