خلق التغافل

تاريخ الإضافة 12 مايو, 2022 الزيارات : 6203

خلق التغافل :
الغفلة عدم إدراك الأشياء حولك ، يعني غائب عن الوعي ، التغافل أن ترى الأشياء وتبصرها لكنك تتغافل عنها…. لا تلتفت إليها .

ومن التغافل أن تتغافل عن الزلات والهفوات والأشياء الصغيرة والحقيرة ، يقولون في ذم بعض الناس أنه يتصدى في الأمور التافهة ، يجعل من الحبة قبة ، إلى غير ذلك.

فالمسلم أبدا لا يكون غافلا إنما يكون متغافلا ، وقد ذكر لنا الله هذه الصفة في نبينا -صلى الله عليه وسلم- في سورة التحريم قال الله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) [التحريم: 3].
ففي هذه الآية الكريمة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسر لحفصة رضي الله عنها بسر وطلب منها ألا تذكره لأحد فذكرته لعائشة فأطلع الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- على الأمر ، فعاد عليها في هذا ، وذكر لها بعض ما دار بينها وبين زميلتها دون استقصاء لجميعه؛ تمشياً مع أدبه الكريم؛ فقد لمس الموضوع لمساً مختصراً لتعرف أنه يعرف وكفى، ومضمون هذا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم كل ما دار، لا الطرف الذي حدثها به وحده، ولكنه تغافل عنه كرما منه -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يكون العتاب قاسيا وشديدا .
فالتغافل التغاضي عن الزلات لا تكثر من العتاب ، والقسوة في الكلام حتى لا يكون الأمر فيه ضيقا لمن حولك.

حاتم الأصم أتدرون لماذا سمي بالأصم؟

ومن علماء القرن الثالث الهجري حاتم الأصم أتدرون لماذا سمي بالأصم؟ جاءت امرأة لتسأل عن مسألة، فاتفق أنها خرج منها صوت ريح البطن (ضراط ) دون أن تقصد ، فكربت وخجلت المرأة وتغير لونها واستولى عليها الحرج ، فقال حاتم: ما اسمك ؟ قالت فلانة ، قال ارفعي صوتك فأوهمها أنه أصمّ فكرر السؤال وكررت الإجابة فقال ارفعي صوتك أنا لا أسمع فسرّت المرأة بذلك،والتفتت لصديقتها قائلة : الحمد لله لم يسمع الصوت، فلقّب بحاتم الأصم ولم يكن أصما إنما من كرم أخلاقه تصنّع هذا .
والرسول -صلى الله عليه وسلم- علمنا التغافل في العلاقة بين الزوجين قال : «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»

معنى لا يَفْرَك: لا يبغض
في الحياة الزوجية البعض منا لا يرى إلا السلبيات ، ويبالغ في إظهارها ، ويقول : زوجتي فيها وفيها ….. من السلبيات ، ولو تغافلت عنها وأبرزت الجمال والمحاسن والصفات الطيبة والإيجابية لظهر لك الكثير من الأمور التي كنت غافلا عنها ، التركيز على السلبيات والسيئات يجعل الإنسان يضيق ويسخط على الشخص الذي يعيش معه .

والعكس أيضا يحدث فنحن بشر فينا محاسن وسيئات فينا سلبيات وإيجابيات لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا التغافل عن السلبيات فما من واحد منا إلا وعنده حسنات وسيئات، لكن من غلبت حسناته سيئاته لا يعامل على أن السيئات هي الأساس فنتغافل عن السيئات ، حتى في المخاصمة والعتاب لا تكثر من العتاب والقسوة في الكلام، قال رجل لابن السماك : غدا نتقابل فنتعاتب قال بل نلتقي فنتغافر .
وهذا التعاتب يكون قاسيا خاصة بين الزوجين أعطيت لزوجتك بعض المال لشراء شئ لا تكن دائما مستقصيا أنفقت كذا بكم ؟ واشتريت كذا بكم ؟ وكم تبقى من المال ؟ وأين هو ؟ وكما قيل: ما استقصى كريم قط.

كما أن بعض النساء كذلك تدقق في أمور زوجها ماذا يقصد بكذا؟ ومن هذا المتصل بك؟ ولماذا تأخرت إلى هذه الساعة؟ خرجت من العمل من ساعتين أين ذهبت ، مع من تكلمت …..الخ
هذا التفصيل والتحليل والتدقيق هذه أمور لا يتسع لها العمر ولا الوقت ولا الصدر .
فمن أخلاقنا التغافل ، تغافل تكن بين الناس كريما ، أما من يتصدى للناس ويتتبع الزلات والهفوات والصغائر ويكبر هذه ويضخم تلك هذا يعيش مكروها بين الناس .

مشكلة الإنسان الذكي:

والإنسان الذكي مشكلته أنه فاهم الأشياء من حوله لكن إذا أظهر للناس إنه فاهم ومدرك لكل الأشياء حوله كرهوه وهذه طبيعة الناس ، فمن تمام الذكاء أن تتغافل ، لا تسأل ولا تدقق في كل الأمور ولا تناقش الناس في كل مسألة .
من التغافل أن يتسع صدرك للناس وتسمع لهم فربما يكون حديث أحدهم حديثه مملا أو أنك تعرفه تمام المعرفة لكن من التغافل أن يتسع صدرك وتسمع لمن يتكلم وتحترمه وهو يتكلم يقول عطاء بن أبي رباح : إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأن لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد.

وقد قيل:
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي

والإنسان منا إن كانت همومه كبيرة كانت اهتماماته كبيرة وأن كانت همومه صغيرة تجداهتماماته بالسفاسف والتوافه من الأمور ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة وفي الحديث ( إن الله تعالى جواد يحب الجود ، ويحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها )


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 24 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع