نعيش مع تفسيرنا لسورتي الفلق والناس؛ وقد سماهما النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين.
ونبدأ هذا اللقاء بسورة الفلق قال تعالى :
“قل أعوذ برب الفلق”
(العوذ ) كلمة لها معنى عجيب في اللغة العربية يا إخواني، فإذا قرأت في كتب التفسير تقرأ : (أعوذ بالله) معناها ألتجئ وأستعين بالله.
لكن لماذا لم يقل قل أستعين بالله أو ألتجئ الى الله؟
لماذا جاءت كلمة ( قل أعوذ برب الفلق) ؟
يقولون في اللغة العربية أن العوذ أصله اللحم الملتصق بالعظم.
حتى في مثال عربي يقولون: أطيب اللحم عوذه يعني اللحم الملتصق بالعظم هذا أطيب في الطعم و إذا أردت أن تأخذ من هذا اللحم شيئا يبقى جزء منه ملتصقا بالعظم ، فجاء معنى العوذ بالله عز وجل أو الاستعاذة بالله ليدل على معنى الاحتماء بالله والالتصاق بركنه وجنابه وحفظه. فأنت حينما تقول قل أعوذ برب الفلق أي أنا ألتجئ مستعينا محتميا بالله جل وعلا.
هذا الإلتجاء وهذا الإلتصاق دائم لا أنفك عنه. أعوذ بالله في كل أحوالي، من كل شيء أخافه وكل شيء أهابه وكل شيء لا أستطيع له دفعا.
والله عز وجل خلق الإنسان ضعيفا كما قال (…وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) أي نعم هنالك أشياء تستطيع أن تدفعها بما آتاك الله من عقل وقوة وعلم لكن هنالك أشياء لا يستطيع الإنسان لها دفعا فيجعل الله تعالى حاجتك اليه ملحة دائمة لا تنقطع.
وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني الى نفسي طرفة عين. لا تتركني هكذا بدون حماية وحفظ منك. فأنا لائذ بجنابك عائذ بك من شر كل ذي شر. لا تكلني إلى نفسي طرفة عين… سبحان الله!
والله عز وجل قال في كتابه (…أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ …) الخلق هو خالق كل شيء، ومعنى الأمر يعني هو مالك أمر كل شيء. (… مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ …) . خلق الله عز وجل أشياء لا يستطيع الإنسان لها دفعا كما نرى في عالمنا ، موضوع الميكروبات، الجراثيم أو ما يسمونه الفيروسات…. تجد فيروس لا يرى بالعين المجردة ،وتعجز الأجهزة إلا بدقة متناهية عن تصويره أو اكتشافه تفعل بالإنسان الأفاعيل…. وتجد الإنسان الطويل العريض طريح الفراش بسبب فيروس لا يرى بالعين وربما كما قلت لا يهتدي اليه الأطباء.
وتجد من الشرور شر كل دابة وكل هامة، هامة يعني حشرة أو عقرب أو كذا… وكل شيطان وكل ساحر وكل حاسد…
ففي أمور الإنسان لا يستطيع لها دفعا.
أنت مثلا حينما يريد أحدهم بك سوءا بأن يسلط عليك سحرا ، أو من حسدك في النعمة وأراد أن يحسدك، أنت لا تدري عن هذا شيئا. فمن هنا جاء دوام الاستعاذة بالله، قل أعوذ برب الفلق.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما تعوذ متعوذ بمثلهما يعني الفلق والناس. فوصانا أن نداوم على قراءتها قراءة الإخلاص والفلق والناس ثلاثا إذا أصبحنا وإذا أمسينا.
في حديث عبد الله بن حبيب رضي الله عنه قال : “اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاثا إذا أصبحت وإذا أمسيت تكفيك من كل شيء. ” يعني تكفيك من أي استعاذة ومن أي دعاء ومن أي خوف ومن أي شر.
فدائما تحصن نفسك من أي أذى بهذه السور الثلاث.
ما العلاقة بين السور الثلاث ؟
والاستعاذة بالله جاءت في سورتي الفلق والناس بعد الإخلاص للدلالة على معنى التوحيد لله.
سورة الإخلاص معناها أن تخلص القلب لله عبادة وتوحيدا فلا إله إلا الله… قل هو الله أحد… وتطبيقا لمعنى توحيد الألوهية استعذ بالله وحده.
“قل أعوذ برب الفلق” فتتعوذ بالله من شر كل ذي شر
ثم في سورة الناس تتعوذ بالله من الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس.
فالأذكار، الإستعاذة والاستعانة بالله هي تحقيق لمعنى التوحيد لله عز وجل .
وعلى قدر يقينك بالله وتوحيدك لله تكن استعاذتك قوية بدفع شر كل ذي شر.
كما قالوا: ” العصا بضاربها والفاتحة بقارئها ” يعني العصا ليست هي التي تؤلم أو توجع إنما بالضارب وكذلك الفاتحة كرقية ليس لكل أحد أن يقرأ فيشفى المريض إنما الفاتحة بقارئها.
ولما سئل إبن تيمية رحمه الله قالوا أكان عمر بن الخطاب يسترقي أو يرقي بالفاتحة؟
قال نعم هذه الفاتحة لكن أين عمر؟
الفاتحة موجودة والكل يحفظها لكن أين عمر في إيمانه، في تقواه، في إخلاصه، في توحيده لله…
والمقصود هنا يا إخواني، أنك كلما امتلأ قلبك يقينا بالله وإخلاصا لله ورجاء في الله، كانت إستعاذتك بالله بدفع شر كل ذي شر قوية، ناجعة، كافية.
وقد كان إمامنا المعصوم صلى الله عليه وسلم كما تحكي عائشة رضي الله عنها ينفث بالمعوذات يقرأ قل هو الله أحد، الفلق، الناس في كف يده هكذا ثم يمسح بهما ما طال من جسده وسنذكر لماذا كان يفعل ذلك في قوله تعالى “ومن شر النفاثات في العقد.”
لكن هذا إشارة إلى يقينه أن الذي يقدرعلى أن يدفع الشر والضر هو الله وحده جل وعلا (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ولذلك توهم البعض أن النفع والضر بيد بشر سواء هذا البشر شيخ يتبرك الناس به أو نصاب من النصابين الذين يدعون أنهم ينفعون أو يضرون أو يستخدمون الجن والشياطين أو ما شابه ذلك من هذه الأمور الوثنية التي لازال لها بقايا في عالمنا الإسلامي من التبرك بأماكن أو أشجار أو أحجار وتركوا التوحيد لله عز وجل بمعناه الذي يجعل القلب متعلق بواحد هو الله عز وجل.
“قل أعوذ برب الفلق”
إذن يا إخواني أنا عندما أخاف من شيء لا أقدر على دفعه ولا أستطيع أن أعرف تفاصيله أو متى سيكون أستعين بالله عز وجل فأجعل الله تعالى حماية وحفظة وصيانة لي من كل شر.
“قل أعوذ برب الفلق”
فالأذكار، الإستعاذة، الرجاء في الله هو تفسير دقيق لمعنى العقيدة الصحيحة في الله عز وجل.
كلما ضعف اعتقادك كلما ضعف إيمانك، ضعف الدعاء وضعف اليقين بالإستعاذة .
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم عد الذهاب الى من يدعي النفع والضر أو معرفة الغيب كفرا. قال: “من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد.” ومن اعتقد ان عند هذا الشخص الذي يدعي النفع أو الضر أنه سينفعه ولو بإجابة سؤال… قال: من أتى عرافا أو كاهنا فسأله عن شيء لم تقبل منه صلاة اربعين يوما.
لماذا؟ لماذا هذا التشديد الكبير أن من يأتي إلى شخص بهذه الصفة فيصدقه فهو كافر بما أنزل على محمد؟ يسأله فقط ترد عليه صلاته أربعين يوما؟
لأن المسألة مسألة اعتقاد في الله، عقيدة، توحيد صافي، نقي، قوي.
حينما يهتز يقينك بالله عز وجل، حينما يضعف إيمانك بالله فأنت بذلك عرضة لكل الأوهام والتخبيط والتضليل والوقوع فيما يبغضه الله عز وجل من المعاصي ومن الضلالات ومن السوء والبدع والخرافات.
“قل أعوذ برب الفلق”
أحتمي بالله، ألتجئ الى الله، ألتصق بجناب الله طالبا حمايته وحفظه وراجيا عفوه وراجيا فضله سبحانه وتعالى.
” برب الفلق” جل جلاله، الفلق أغلب المفسرين على أنه الصبح لأن الله تعالى قال فالق الإصباح.
طيب ما السر” قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق؟”
لماذا جاء الوصف برب الفلق؟
قالوا لأن الفلق هو الصبح والفلق معناه إخراج الشيء، أن يخرج شيء من ظلمة أو شيء مصمت كما نقول والذي فلق الحبة فالحبة يفلقها الله تعالى وهي شيء عدم لا حياة فيه فيجعل الله من هذه البذرة حياة بالنبات فيفلق الحبة بالنبات ويأذن بأن يخرج الجنين من الظلمة ظلمة الرحم من بطن أمه الى هذه الحياة ، فهنا شق الله ضوء الفجر من ظلمة الليل فجاء المعنى هنا فالق الإصباح.
فهذا الفلق هو إشارة إلى تبدد الظلام والليل بما فيه من شر وظلمة وخوف و… إلى نور وإلى رعاية وإلى حفظ وإلى حماية وإلى صيانة بالله عز وجل.
“قل أعوذ برب الفلق”
الذي بدد ظلمات الليل إلى نور الصباح وهذا كأن فيه إشارة إذا كان الله تعالى كشف عن الكون كله ظلمة الليل أفلا يقدر على حمايتك؟
أفلا يقدر على إزالة همك وغمك؟
أفلا يقدر على رد أذى من يريد أن يؤذيك؟
سبحان الله العظيم!
ولذلك قال في سورة الزمر (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ۚ …). يخوفونك بمجموعة أصنام، يخوفونك برؤوس الضلال ويخوفونك بالذين من دونه (…وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
نعمة التوحيد :
ولما كلم إبراهيم قومه ليعبدوا الله وحده لا شريك له خوفوه من آلهتهم فقال لهم متعجبا (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ …) من الذي من المفترض أن يشعر بالأمن والآخر يشعر بالخوف؟ الذي يعبد آلهة لا تنفع ولا تضر أم الذي يعبد الله الواحد القهار. (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). وفسرها رسول الله لم يلبسوا إيمانهم بظلم يعني لم يخلطوه بشرك إمتلأت قلوبهم توحيدا وإيمانا بالله فجعل الله لهم أمنا في قلوبهم لا يخافون شيئا ولا يهابون شيئا .
وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وقال : “واعلم أن الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء” لن نفي نهائي قطعي” لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك.” هذا كلام نحفظه لكن نحتاج إلى تطبيقه إلى أن يقع منا عمليا في مواقف حتى نستشعر معنى الأمن بتوحيدنا لله.
فالموحد لله في نعمة عظيمة لأنه لا يعرف خوفا إلا من الخالق وحده جل وعلا.
“قل أعوذ برب الفلق”
فأنا أستعيذ بالله الذي فلق الصبح من ظلمة الليل رب النور ومصدر نور هذا الكون أن يعيذني من شر كل ذي شر.
“من شر ما خلق”
وهنا ما موصولة بمعنى ” الذي ” يعني من شر كل شيء خلقته يا رب سواء كان هذا الشر صادر عن إنسان أو عن جان أو شيطان او فيروس أو ميكروب أو شيء خارجي في هذه الأرض كالنيزك مثلا أو شيء… من شر كل ذي شر” من شر ما خلق”
“ومن شر غاسق إذا وقب “
الغاسق هو الليل من الغسق وهو الظلمة ومعنى إذا وقب يعني إذا دخل وانتشر.
تجد سبحان الله الكون مضيء في النهار … وفجأة شيئا فشيئا تجد الكون يظلم يظلم إلى أن يعم الظلام في كل مكان.
طيب لماذا استعاذ من شر الليل؟
قالوا : لأن الليل هو مأوى انتشار الشياطين والذين يريدون أذى الناس والهوام والحيات والعقارب واللصوص فأنت تتعوذ بالله من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب .
“ومن شر النفاثات في العقد”
النفاثات المقصود بها الأرواح الخبيثة او الأنفس الخبيثة وليس المقصود بها النساء وكانوا إذا عملوا سحرا لبعض الناس ينفثون فيه يعني يقومون بعمل تعزيمة شركية فيها استغاثة بشيطان من الشياطين ليجعل مجموعة من الجن يخدمون هذا العمل ويقومون عليه.
فهنا إذا كان هؤلاء ينفثون بكلام فيه شرك بالله عز وجل واستغاثة بغير الله عز وجل فيقع هذا الأمر؛ فأولى بنا أن ننفث بهذه المعوذات فهي كلام الله جل وعلا ليقينا هذا الأذى وهذا الشر.
فأنت تجعل قوة الله وقدرته في مقابل هذا الشر وهذا الأذى.
والسحر يؤذي الإنسان لا شك لكن إذا كان على شيء معقود هو من أشد السحر فجاء المعنى هنا ومن شر النفاثات في العقد ، ومن هنا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفث بالمعوذات ، وقالوا أن مع هذا النفث الذي هو الريق الخفيف بعكس التفل مثلا أو البصق فالنفث هو الريق الخفيف مع القراءة فتقرأ هكذا ويخرج مع الرذاذ الخارج من فمك مع القراءة هذا اليقين، الطاقة التي هي في جسمك كله حينما يمتلئ القلب إيمانا بالله وتوحيدا لله وتمسح به مستشفيا ما شاء الله لك من جسدك موضع الألم وهذا طبعا مع الأخذ بالأسباب.
النبي الذي كان يرقي نفسه بهذه الطريقة علمنا أن يا عباد الله تداووا.
لكن هنالك أمراض لا يعالجها طبيب.
هنالك أمراض علاجها في الأذكار وفي الأدعية وفي الاستعاذة بما وردنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن هنا أنت تنفث بهذه الآيات رجاء بركتها والطاقة الإيجابية الصادرة عن قلبك بيقينك أن الله هو الحافظ وأنه هو القادر على دفع هذا الضر يكون بذلك اندفاع للأذى. ومن شر النفاثات في العقد.
“ومن شر حاسد إذا حسد”
كما قلت في البداية أنت لا تدري من الذي يدبر لك السوء إذا كان ساحر أو حاسد لا تدري ما هي الساعة ولا الوقت الذي يصيبك فيه حسده أو أذاه إنما الذي يدري هو الله.
فأنا دائم الاستعاذة بالله، دائم الإحتماء بالله واللجوء الى الله عز وجل.
فأقول يا ربي أنا أستعيذ بك من شر كذا وكذا وكذا ومنها ومن شر حاسد إذا حسد.
الحاسد شخص مريض لم يرض بقضاء الله سبحانه وتعالى ولم يرض بنعمة الله عز وجل فنظر إلى من حوله يستكثر نعمة الله عليهم. فمن هنا يقع الحسد .
والبعض يتساءل كيف يقع الحسد؟
هنالك أمور يا إخواني ربما نحن لا ندركها على وجه كامل لكننا نؤمن بوجودها وأثرها.
الحسد ليس خرافة ولا وهم.
الحسد موجود.
والحسد يلمس كل واحد منا أثره خلال حياته من بعض الأشخاص.
ولذلك حتى العلماء في العصر الحديث اكتشفوا أشعة معينة تعالج أمراضا وتعالج أمورا ولها خصائص عجيبة لا يراها الإنسان ولا يدركها بعينه لكن اكتشوا هذه الأشعة.
أنت عندك الآن أشعة الليزر يقومون من خلالها بعمليات جراحية دقيقة جدا من غير قطرة دم واحدة سبحان الله العظيم!
وعندك أنواع كثيرة من الأشعة اكتشفها الإنسان واستغلها في العديد من الصناعات.
عندك أيضا بعض الفيروسات الأطباء يقولون أنه كلما صغر حجم الفيروس كلما كان ضرره أعظم وأشد وكلما كان علاجه أصعب. فالنفس الخبيثة في هذا الحاسد يصدر عنها طاقة سلبية … شر يستكثر النعمة على من أمامه فسبحان الله يصدر منه هذا الأمر فينال المحسود بقدر الله تعالى.
“ومن شر حاسد إذا حسد”
ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال : “العين حق.” ومعنى العين حق ليس المقصود بها ضد الباطل. العين حق يعني شي واقع، ليست خرافة ولا وهم ولا خيال لا هي شيء كائن وواقع .
“وإن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر. ” ممكن العين تصيب إنسان فيصل به الأمر أو الضرر إلى الموت وربما الجمل الضخم الكبير هذا تراه فيعجبك فلا تبارك عليه ولا تقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فالجمل يبرك في الأرض مريضا أو صريعا فيدركونه بالسكين فيذبح فيدخل القدر يعني يصير لحم للطعام ” وإن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر. “
أنواع الحسد :
والحسد يا إخواني منه ما هو المذموم وهذا هو الشائع المشهور لهذا اللفظ ومنه ما هو مباح ومنه ما هو مستحب.
1- الحسد المباح :
المباح مثلا أني أرى صديقي مثلا يركب سيارة بنوع معين فأتمنى أن يكون لي مثلها…
أرى مثلا أخي اشترى كذا أو عنده بيت أو عنده كذا إلى آخره من هذه النعم فأتمناها لكن لا أحسده ولا أتمنى زوالها هذا مباح والله تعالى قال (… وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ۗ …) يعني الأولى بدل من أن تتمنى ما عند غيرك تمنى على الله عز وجل ما هو خير وأعظم.
2- الحسد المستحب :
وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين وذكر الرجل الذي آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار والرجل الذي آتاه الله المال فهو ينفق منه في الليل والنهار فإذا كان حسدا مستحبا فأولى أن يكون لقارئ القرآن في الليل والنهار والذي ينفق ماله صدقة وإحسانا وبرا في الليل والنهار إشارة إلى أن التنافس في الخيرات أفضل من التنافس على الدنيا.
3- الحسد الحرام :
لم يذكره الشيخ في الخطبة لأنه ابتدأ تفسيرالآية به .
كيف أتقي الحسد ؟
1- اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات إذا أصبحت وإذا أمسيت هذا هو المقصود.
2- إذا رأيت شيئا يعجبك تبرك عليه بارك الله لك في إبنك، بارك الله في سيارتك، بارك الله في بيتك، ماشاء الله لا قوة إلا بالله… هذا هو الامر
3- الرقية : كما علمنا رسول الله كان النبي يضع يده على الحسن والحسين ويقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. الشيطان معروف. الهامة هوام الأرض يعني الحشرات و ما يؤذي وكل عين لامة هي عين الحاسد. فأنت تتعوذ بالله وترقي نفسك وترقي زوجتك وترقي أولادك بهذا الذكر والنبي صلى الله عليه وسلم قال إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق يعني هذه الدعوات كانت رقية من إبراهيم يرقي بها إسماعيل وإسحاق فإذا أردت أن تخرج من بيتك مثلا ارق نفسك وزوجتك ارق نفسك وأولادك…
أكرمك الله بسيارة جديدة، ببيت جديد بأي شيء من النعم التي أنعم الله علينا بها برك عليها واسأل الله تعالى أن يحفظها لك وإذا رأيت في أخيك شيئا جديدا أو نعمة حادثة فالذي أنعم عليه هو الله فبرك عليه وعلى النعمة وقل له ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلى غير ذلك…
طبعا بعض الناس يجعل سورة الفلق على كف ويعلقها في السيارة.
وبعض الناس سبحان الله يجعل الكف في وجه الحاسد تجعله في عينه هكذا حتى عندنا في مصر يقولون خمسة وخميسة ، وكبة في وجه الحاسد وما شابه ذلك من هذا الكلام ، هذا كله من الخرافات .
الذي يدفع السوء هو الإستعاذة بالله. قل أعوذ برب الفلق.
خلاصة الكلام في هذه السورة :
أنت تلتجئ الى الله مستعينا به أن يدفع عنك الشر والأذى مما لا تستطيع دفعه أو حتى تستطيع دفعه لكن الإحتماء والالتجاء إلى الله هو الأساس وهذا مؤسس على معنى الإخلاص والتوحيد لله عز وجل بيقينك أن الذي يدفع هذا الضر هو الله عز وجل وأن الذي يستطيع أن يكفيك شر كل ذي شر هو الله سبحانه وتعالى وخص الله تعالى ذكر السحر والحسد باعتبار أنهما من الأشياء التي يقع الإصابة بها بحكم قدر الله تعالى الكوني. (…وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ …. )
لكنك إذا أردت دفع ذلك فادفعه بالله واللجوء إلى الله مستعيذا مستغيثا به جل وعلا.