حديثنا اليوم عن خلق من أخلاق الإسلام وهو الأدب والذوق، فديننا والحمد لله دين يهتم بحسن الخلق، وحسن معاملة الناس.
والأدب والذوق دائما مفتاح لكثير من القلوب به تنال محبة الناس ،وبه تنال القرب منهم ، أما العكس وهو الغلظة والخشونة في المعاملة فأنها تؤدي إلى النفور والشقاق والقطيعة ، ولذلك قال الله لنبينا صلى الله عليه وسلم : -( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )- [آل عمران/159]
فرسول الله هو من هو في مكانته ودرجته عند الله ، لكن الله يبين له أن الله تعالى جعل له لينا في أخلاقه وفي معاملته للناس ، فلو كان خشنا مع مكانته وما أنعم الله عليه به لنفر منه الناس ، فما بالنا بنا نحن لم نؤت ما أوتي رسول الله وليس عندنا ما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطمع أن يعاملنا الناس أحسن معاملة ونتساءل لماذا يعاملوننا هكذا ؟ لماذا يقول الناس كذا وكذا ؟
ونحن الذين عندنا الخشونة والأسباب التي تستدعي أن ينفر الناس منا وألا يكون هناك أي انسجام أو محبة .
1- إنزال الناس منازلهم:
إخواني فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا عاليا في الآداب ومراعاة الذوقيات ، فكان من أول ما علمنا إياه صلى الله عليه وسلم : إنزال الناس منازلهم ، وهذا نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنزلوا الناس منازلهم ” فليس من الأدب أن تعامل الكبير كما تعامل الصغير أن تعامل ذا المقام الرفيع كالناس العادية ، إنما تحترم كل واحد بوضعيته ومكانته وشخصه حتى لو كان غير مسلما ،وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكتب في رسائله إلى ملوك العالم : إلى هرقل عظيم الروم ، إلى المقوقس عظيم القبط ، إلى كسرى عظيم الفرس .
فإنزال الناس منازلهم ومراعاة مكانتهم ومناداتهم بما يحبون هذا من الآداب التي يحرص عليها الإسلام .
2- مناداة الشخص بأحب الأسماء إليه :
وعلمنا عندما ننادي شخصا أن نناديه بأحب الأسماء إليه فلا نقبح ولا نتنابز بالألقاب ولا نذكره بما يستاء منه حتى ولو كان بالنسبة لك أمرا عاديا أو شيئل لا يكاد يذكر ، يقول رب العزة جل وعلا -: ( ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون )- [الحجرات/11]
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : “من واجب المسلم على أخيه أن يناديه بأحب الأسماء إليه” وكان من عادة العرب إظهارا للاحترام ينادون الشخص بكنيته وغالبا ، وغالبا ما تكون الكنية بأكبر الأبناء حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أشيعوا الكنى فإنها منبهة ، يقال يا أبا فلان يا أم فلانة …. وهكذا كل هذا من مراعاة الآداب والذوقيات في التعامل مع الناس .
3- ملاقاة الناس بوجه طلق والإقبال عليهم :
أيضا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاقاة الناس بوجه طلق يعني وجه منبسط أن تشعرني وأنا مقبل عليك أنك سعيد برؤيتي ولست تعيسا حزينا أن رأيتني يقول النبي صلى الله عليه وسلم : “لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخالك بوجه طلق.”
وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أقبل على أحد أقبل عليه جميعا يعني يقبل بجسمه ، لا يقبل مثلا بجزء منه يعني يكلم الناس عن جنب أو من ظهره أو يكلمهم ولا يرفع رأسه ، ورب العزة ذكر في وصايا لقمان لولده” ولا تصعر خدك للناس ” وتصعير الخد داء يصيب الإبل اسمه الصعار يصيبها في رقبتها يمنعها من الالتفات ، يعني الحركة في الرقبة تكون صعبة ، يعني مثلا أنا أناديك من الجانب هنا ولا أرى منك إلا خدك لا تكلمني ولا تلتفت إلى ، فمن السنة إذا كلمك أحد أن تقبل إليه جميعا بوجهك وصدرك وتنظر إليه وترى ماذا يقول وعن ماذا يتحدث .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا هذا إذا أقبل أقبل جميعا ، وإذا أدبر أدبر جميعا ، يعني انه يقبل على الناس ، فإذا انتهي الحديث انصرف إلى حاجته .
4- إلقاء السلام:
أيضا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلقاء السلام قال ” ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ” فإذا لقيت أخاك تبدأه بالسلام … السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعدها كما في حديث عائشة يقول : “أهلا ومرحبا.”
فقوله “أهلا ومرحبا” تشعر بالراحة والهدوء النفسي أنه رآك فإذا كان لك حاجة أو كلاما فإنه يكون ذلك أيسر عليك فيمن تكلمه ، فكان النبي يرد السلام ويعقبها بقوله : ” أهلا ومرحبا .”
5- بعد السلام المصافحة باليد :
ومن السنة بعد السلام المصافحة باليد ،وتكون هذه المصافحة بالقلوب قبل الأيادي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : “إذا التقى المسلمان فتصافحا تحاتت عنهما الخطايا (أي تساقطت)كما يتحات ورق الشجر .”
يعني هذه المصافحة العمل البسيط حينما تلامس اليد اليد وتشعرني بالاهتمام والاحترام هذه المسألة سبحان الله يعدونها الآن من الاتيكيت في تعاملات الناس ، وهذا عندنا في ديننا سبب لمغفرة الذنوب .
إذن فالتلقي بالابتسام والمصافحة والبسمة الطيبة والكلمة الطيبة والسؤال عن الحال كل هذا له مردود كبير عند الكثير من الناس .
سورة عبس :
ونلاحظ يا إخواني في سورة عبس حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجالس بعض الوجهاء من أهل مكة وأقبل عليه ابن مكتوم وكان أعمى لا يرى النبي ولا الذين يجالسهم جاء يقول يارسول الله علمني مما علمك الله !
والنبي يعلم أن مقدم عبدالله ابن أم مكتوم على هذا المجلس سيؤدي إلى نفرة هؤلاء وقيامهم ، لأن الأغنياء وقت النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يستنكفون (يستكبرون ) أن يجلسوا مجلسا فيه فقير أو مسكين …يعني لهم مكانة أو وضعية وهم الذين قالوا فيما بعد: اجعل لنا مجلسا ولهؤلاء مجلسا يعني لا نجالس أمثال هؤلاء هذا يقلل من قيمتنا .
طبعا النبي صلى الله عليه وسلم لم يتفوه بكلمة ، لم يقل أي شيء لعبد الله بن أم مكتوم ….لم يغلظ عليه بأي وجه من وجوه الكلام ، أوقال له أنت وأنت ….أبدا أبد ماقال شيئا .
فقط النبي صلى الله عليه وسلم كره أن يأتي ابن أم مكتوم في هذا الوقت فينفر هؤلاء الأغنياء ، فيخسر النبي صلى الله عليه وسلم دعوتهم إلى الله عز وجل ، فكشر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك….. ظهر عليه علامات الضيق حينما جاء عبد الله بن أم مكتوم ليس ضيقا منه بل حرصا على هؤلاء الأغنياء والوجهاء أن يدخلوا الإسلام ويأخذالنبي صلى الله عليه وسلم بأيديهم إلى الله عزوجل .
ماذا حدث ؟ النبي صلى الله عليه وسلم
لم يتكلم بكلمة الرسول صلى الله عليه وسلم
ظهر منه تعبير نفسي شخصي كناية عن الضيق .
عبد الله بن أم مكتوم أعمى لم ير شيئا لم ير ضيق النبي ولا ما كان في وجهه من ضيق أبدا لكن الوحي نزل معلما ومهذبا لنا في شخص نبينا صلى الله عليه وسلم “عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى(9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى(10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ” .
فهي تذكرة لنا جميعا العبوس والتكشير حتى ولو كان في وجه الأعمى لم يرضه الله لنبينا صلى الله عليه وسلم ، رغم أن ضيق النبي صلى الله عليه وسلم ليس ضيقا بالشخص بقدر ما هو ضيق حتى لا يخسر هؤلاء الذين كانوا يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى .
6- أن تلبس من أطيب الثياب:
أيضا من الآداب التي نحرص عليها في ديننا أن تلبس من أطيب الثياب وهذه سنته صلى الله عليه وسلم ، حتى قال لنا في اجتماعاتنا كمسلمين في صلاة الجمع والجماعات قال ” ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته ” رواه مسلم.
ما المشكل أن تجعل ملبس خاص ليوم الجمعة الذي تلتقي فيه بالناس ؟ فيكون ملبسا طيبا ، وهيئة جميلة يطيب للناس أن يروك عليها، وتراهم أيضا على هيئة طيبة ، فلا يكن هناك ما يؤذي من روائح العرق ، وما شابه ذلك .
7-طيب رائحة الفم والجسم :
من الآداب أيضا : طيب رائحة الفم والجسم ، أن تتطيب وأن يشم الناس منك الرائحة الطيبة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُضرب به المثل في رائحته الطيبة حتى أن أَنسٍ رضيَ اللَّه عنه قال “مَا مَسِسْتُ دِيباجاً ولاَ حَرِيراً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم”
وقال جابر بن سمرة مسح رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خدي فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جونة عطار(يعني ما يشبه زجاجة العطر) يعني هو يقصد من طيب رسول الله وطيب رائحته كان إذا صافحه انطبعت هذه الرائحة على يد من صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل الأعجب أنهم كانوا إذا افتقدوا رسول الله استدلوا عليه من رائحته … يعني يشمون الأماكن هل هنا أثر رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على أن يبقى طيب الرائحة في جميع أحواله صلى الله عليه وسلم
ممكن مع العرق والحر الإنسان ينسى هذه المسألة لأن الإنسان يألف رائحته فلا يشعر بنفور من رائحة العرق في نفسه ، فلا مانع مع الحر الشديد والعرق الاغتسال كل يوم وتغيير الملابس والتعطر ،واستعمال مزيلات العرق ، كل هذا حتى إذا جلست في مجلس بأي مكان لا يصاب الناس بضيق منك ولا من رائحتك .
8- السواك وتنظيف الأسنان:
فالاغتسال والتطيب وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السواك وتنظيف الأسنان ، وما يحل محل السواك من الفرشاة والمعجون حتى لا تكون بقايا الطعام بين الأسنان فيكون ذلك سببا لنفرة الناس.
9-أن نتجنب الروائح الخبيثة:
علمنا أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتجنب الروائح الخبيثة فقال ” من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا ” وفي رواية “فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته” لماذا ؟ لأنه يؤذي الناس بهذه الرائحة ومثل هذا كل من كان عنده رائحة سيئة ، لا ينبغي أبدا أن يخالط الناس فيؤذيهم برائحته ومجلسه .
10- ألا نكثر من الجدال :
علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مراعاة لآداب الناس وذوقياتهم : ألا نكثر من الجدال .
الجدال هو أن نختلف في شيء ممكن نتجادل لنصل للحق ” وجادلهم بالتي هي أحسن ” لكن إذا انقلب الجدال لشكال وتنافر ومشادات في الكلام؛ فالأولى تركه .
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ” أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ” أنا على الحق أنا رؤيتي كذا ووجهة نظري كذا ….نعم لكن من تخاطبه يخالفك في هذا ، فلا حرج في ذلك…. بينت وجهة نظرك ، فالأولى أن تسكت ، أنا زعيم بيت يعني أنا ضامن لبيت في الجنة لمن ترك المراء وهو الجدال وإن كان محقا .
11- ألا نكثر من التفاخر وتزكية النفس :
علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملتنا للناس ألا نكثر من التفاخر وتزكية النفس …. إبراز الأنا أنا ….. وأنا ….
فتصير الجلسة كأنها “CV”سيرة ذاتية لحاضرتك ، فهذا لا ينبغي لأن الناس يكرهون ذلك ، ويكرهون من هو دائم الحديث عن نفسه ، وكان العلماء يقولون من كرر “أنا ” خمس مرات فالسادسة فيها كذاب !!!
ولعل هذا استقراء لحال كثير من الناس لأن حب الأنا يؤدي إلى الأنانية والكبر والكذب وحب التفاخر “والله لا يحب كل مختال فخور”
و” فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى” ، طبعا لا بأس إذا كان الواحد متقدم لوظيفة أو مكانة أن يذكر شهاداته وخبراته لكن عند الجلوس بين الناس لا داعي للتفاخر والتكاثر ……أنا من عائلة كذا …………..وبلد كذا وحاصل على كذا………. وعندي كذا ….. كل هذا مما يؤدي لنفرة الناس .
12- التركيز على ايجابيات الناس، ومحاسنهم:
أيضا لا تركز في كلامك مع الناس على السلبيات والسيئات ركز على ايجابيات الناس، ومحاسنهم ،وأطيب ما فيهم ،قل له يعجبني فيك كذا …أطيب صفة فيك لم أرها إلا في قليل من الناس هي كذا وكذا ……
وهكذا علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في تزكيته لأصحابه يقول لأشج عبد القيس : “إنك فيك خصلتين يحبهما الله : “الحلم والأناة “
والأناة : من التأني وعدم التسرع.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ. “
إلى غير ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو موجود في الصحيحين وكتب السنن في أبواب الفضائل والمناقب ، يتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر في كل من حوله من أصحابه الكرام ، وهذه كانت عادته صلى الله عليه وسلم .
ولاحظوا يا إخواني شيئا هناك فارق بين أن تذكر الشخص بما فيه ، وأن تبالغ في مدحه بما ليس فيه ، يعني أنا لوقلت لفلان أنت فيك خصلة يحبها الله وهي الحلم أقولها صدقا لأن الناس يلمسون منه هذه الصفة فهذا لا بأس به أبدا ، وهو من باب نشر الخير بين الناس ، إما إذا كان هذا الشخص لا حليم ولا كريم ثم أزكيه بما ليس فيه فهذا كذب .
ومن أكذب الكذب كما قال العلماء أني أكره شخص وأقول له ربي يعلم كم أحبك !!!
يا أخي حرام عليك أنت تكرهه من كل قلبك وتقول له ربي يعلم كم أحبك !!!
ربي يعلم مكانتك عندي في قلبي ….
لا لا داعي لهذا الكذب أنت تنسب إلى الله كأنه يعلم الخطأ ، أنت تكذب وتعلم أنك كاذب فيما تقول فكيف تبالغ وتنسب إلى الله الخطأ …بل والله هناك من يحلف وهو يقول والله معزتك في قلبي كبيرة وهو يكرهه ….
فهذه يمين كاذبة سبحان الله العظيم فلا ينبغي هذا يا إخواني .
والمسلم دائما يتعامل مع الناس بذكر الإيجابيات والفضائل وإبراز الخيرات لا تركز على السلبيات والنقائص فهذا مما يؤذي الناس وينفرهم … سبحان الله !!! وكان الشاعر قديما يقول : كفى بالمرء فخرا أن تعد معايبه .
لوأي واحد حولك ركزت على سلبياته ستخسره ويخسرك ، ولو ركزت على إيجابياته سيشعر معك بعلاقة دائمة وطيبة ….
دائما عندنا هذا المرض إلا من رحم الله إذا جاء الكلام عن فلان يقول لك : لكن فيه كذا (يقصد من العيوب) سبحان الله !!
وهل ما رأيت فيه إلا السيء، قل ما شاء الله هذا الإنسان كريم و…و……….و…….
كان الإمام الذهبي رحمه الله إذا أرّخ لبعض العلماء يقول : “وله سيئات تغمر في بحر حسناته ” هذا هو فهم العلماء .
تجد في الخلافات الزوجية التركيز دائما على السلبيات وتعميقها وتكبيرها ، ويصاب كل واحد من الزوجين بهذه المسألة فلا يرى من الطرف الآخر إلا النقائص ، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا فيقول : ” لا يفرك مؤمن مؤمنة ؛ إن كره منها خلق رضي منها آخر ” الفرك البغض والكره .
أي إنسان فيه سلبيات وإيجابيات ، فيه حسنات وسيئات نحن بشر لسنا ملائكة ، لسنا معصومين .
لكن التركيز على الخطأ والسلبيات كل هذا يؤدي إلى النفور وسوء الظن ، ويؤدي إلى توتر العلاقات على مستوى الأزواج، والأصدقاء ، وسائر المعاملات مع الناس .
الخلاصة :
- الإسلام دين يأمر أتباعه بحسن الخلق ويحضهم على الأدبيات والذوقيات العالية .
- إن كان غيرنا يعد ما ذكرناه مدنية وحضارة واتيكيت ….وما شابه ذلك فإنا في المقام الأول نقوم به عبادة لله ، فأنا انتقي الطيب من الكلام عبادة لله وأحسن الظن في الناس عبادة لله …وأعامل الناس بما يرضي الله .
- كل هذه الأحوال لو الإنسان أراد أن يكون سعيدا بمن حوله لا يضيق بالناس ، ولا يضيق الناس به ، يعاملهم كما ذكرنا وكما تكلمنا .
- وورد في الأثر وإن كان في سنده ضعف لكن معناه صحيح : ” إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم “
- مشكلة المشكلات أن الكثير منا يحاول أن يبرمج الكون كله على وفق رأسه ،لازم الكون يفكر كما يفكرهو ، ويعتقد ما يعتقد ، ويتصور ما يتصور، ويسعى في تحقيق مصالحه ومنافعه ، وهذا تفكير لو فكر فيه كل واحد منا لفسدت السموات والأرض كما قال تعالى : ” -( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون )- [المؤمنون/71]
- معاملة الناس وفهمهم ومخاطبتهم على قدر عقولهم شيء مطلوب ، الكلام مع الصغير غير الكبير ، مع العالم غير الجاهل ، مع ذي المكانة ليس كالناس العادية ، مراعاة الذوقيات والعقليات ، وطريقة التفكير .
- مراعاة اعتقادات وتصورات الناس كل هذا مطلوب ، وكان علي رضي الله عنه يقول: ” حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟!
- بعض الناس يحب نقل الغرائب والعجائب ويقول للناس هذا من الدين ….هذا قال به الشيخ فلان والعلامة فلان ….. ثم تبحث فتجد المسألة لا وجود لها ، أو أنها في ركن ضيق ،لا يكاد يتعرض له أحد ، لكن الهدف إبراز الشخصية وأنا وانا …
- بعض الناس يقرر اعتزال الدنيا ويقول الناس لا يوافقونني الناس يكرهونني …الناس الناس ….. يا أخي المشكلة ليست في الناس المشكلة أنت لا تحسن التعامل مع الناس الناس ليسوا على حد سواء لا في أخلاقهم ولا طباعهم .
- افهم طبيعة كل شخص وخلق كل شخص وتعامل معه بهذه المسألة .
- لن تستطيع أن تعامل الناس جميعا معاملة واحدة بعقلية واحدة بتفكير واحد .
- إذا فهمت هذه استرحت كثيرا في حياتك وفي معاملتك مع الناس.
- والحديث عن هذا يطول وفيما ذكرنا كفاية والحمد لله .