أنت مع من أحببت

تاريخ الإضافة 15 سبتمبر, 2023 الزيارات : 2696
أنت مع من أحببت
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه –أَنَّ أَعرابيًّا قَالَ لرسول اللَّه ﷺ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللَّهِ ورسولِهِ، قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.  متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلمٍ. وفي روايةٍ لهما: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَوْمٍ، وَلا صَلاةٍ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّه وَرَسُولَهُ.
قَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ ، بَعْدَ الإِسْلاَمِ ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ : فَأَنَا أُحِبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ ، لِحُبِّي إِيَّاهُمْ ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَعْمَلْ بِعَمَلِهِمْ.
وعن ابنِ مسعودٍ – رضي الله عنه: – قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى رسولِ اللَّه ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه، كَيْفَ تَقُولُ في رَجُلٍ أَحبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ متفقٌ عَلَيهِ.
1-متى الساعة :
بدأ الرجل كلامه بسؤاله عن الساعة والنبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم لا يدري متى الساعة فنقل السائل لما هو أهم وهو ماذا أعددت لها لأن هناك ما هو أقرب من الساعة :ألا وهو الموت لقاء الله -عز وجل – ومن مات فقد قامت قيامته(وهذا ليس بحديث) يعني انتهى بقاؤه في الدنيا وانتقل إلى دار البرزخ.
إذن المسلم  يعمل دائما لآخرته , فهو مشغول بها وقد جعلها همه، ولا يهمه أبدا متى تقوم القيامة إنما يهمه ماذا أعد لها ؟ 
 عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ ، جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ ، جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهَ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ.” أخرجه التِّرْمِذِي وصححه الألباني
2-    حب رسول الله سبب لمرافقته في الجنة :
 سأل النبي صلى الله عليه وسلم الرجل ماذا أعددت لها ؟
فأجاب بأنه أعد لها حب الله ورسوله .
فهو قد عرف أن محبة الله ورسوله جالبة لكل خير ، دافعة لكل شر ، فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم من محبة الله تعالى ، قال تعالى : “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)” سورة آل عمران .
وقال : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) سورة النساء .
وفي الصحيحين : عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسه بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب من والده وولده والناس أجمعين ) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شي إلا من نفسي فقال: ( لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال : والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال : ( الآن يا عمر )
3-  المرء مع من أحب:
 الحب الحقيقي هو الذي يكون لله ؛ إنه الحب الذي يقرب إلى الله وإلى رسوله  صلى الله عليه وسلم.
والمحبة ليست قصصا تُروى، ولا كلمات تقال، وإنما هي طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، المحبة عمل بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم، تتجلى في السلوك والأفعال والأقوال {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [آل عمران: 31] .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:وَدِدْتُ أَنِّي لَقِيتُ إِخْوَانِي ، قَالَ : فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي. أخرجه أحمد
وهذه المحبة وإن كانت عملا قلبيا, إلا أن آثارها ودلائلها لابد وأن تظهر على جوارح الإنسان , وفي سلوكه وأفعاله , فالمحبة لها مظاهر وشواهد تميز المحب الصادق من المدعي الكاذب , وتميز من سلك مسلكا صحيحا ممن سلك مسالك منحرفة في التعبير عن هذه المحبة .
وأول هذه الشواهد والدلائل طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه , فإن أقوى شاهد على صدق الحب – أيا كان نوعه – هو موافقة المحب لمحبوبه , وبدون هذه الموافقة يصير الحب دعوى كاذبة , فإذا كان الله عز وجل قد جعل اتباع نبيه دليلا على حبه سبحانه , فهو من باب أولى دليل على حب النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الحسن البصري رحمه الله ” زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية .

4- أقسام محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-: 
ذكر ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- أن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- درجتين:
الأولى: فرض وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضى والتعظيم والتسليم.
والثانية: فضل وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به وتحقيق الإقتداء بسنته وأخلاقه وآدابه ونوافله وطاعاته وأكله وشربه ولباسه وحسن معاشرته لأزواجه وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة. 
وقد نظم ابن حجر معنى الحديث في بيتين فقال :
وقائلٌ هل عمل صالح    أعددْتَه ينفع عند الكرب
فقلتُ حسبي خدمة المصطفى           وحبه فالمرء مع من أحب
قصة ثوبان :
غاب النبي صلى الله عليه وسلم طوال اليوم عن ثوبان خادمه وحينما جاء قال له ثوبان: أوحشتني يا رسول الله وبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ‘ أهذا يبكيك ؟ ‘ قال ثوبان: لا يا رسول الله ولكن تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة فنزل قول الله تعالى { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } [69] سورة النساء .
إسلام ثمامة وحبه لرسول الله وبلده:
لما أسرت خيل رسول الله ﷺ ثمامة بن أثال سيد اليمامة، أسروه وأتوا به مقيداً إلى المسجد، وربط في السارية، بعد أيام أطلق النبي صراحه ثم عاد إليه وأسلم ثم قال بعد إسلامه : والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ”. في لحظات غُرست هذه المحبة في قلبه ، عندما فتح قلبه للنور الذي أنزله الله، في لحظات أحب رسول الله ووجهه وبلده.
عمرو بن العاص وحبه للرسول ﷺ:
وفي صحيح مسلم عن ابن شماسة قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فذكر حديثاً طويلاً، فكان في الحديث، فحول عمرو بن العاص وجهه إلى الجدار، وهو على فراش الموت، يقول: “ما كان أحد أحب إلى من رسول الله ﷺ، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه” 
شهادة كفار قريش على حب الصحابة لرسول الله
ولما أخرج زيد بن الدثنة، هذا الصحابي لما أسره الكفار وخرجوا به إلى خارج الحرم ليقتلوه وربطوه، قال له أبو سفيان: “أنشدك الله تعالى، يا زيد أتحب أن محمداً الآن مكانك يُضرب عنقه وأنك في أهلك؟ 
قال: “والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وأنا جالس في أهلي”. أي: ليس فقط هكذا، لا، لو أن الرسول تشاكه شوكة، هذا عندي أعظم من أن أُقتل أنا، يقول الصحابي: لو خيرت بين قطع عنقي، وبين شوكة تصيب الرسول، لاخترت قطع عنقي أنا على أن الشوكة تصيب الرسول ﷺ !!!
فقال أبو سفيان: “ما رأيت أحداً من الناس يحب أحداً، كحب أصحاب محمد محمداً”.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 44 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع