من جميل ما قرأت للإمام ابن القيم
1- يقول ابن القيم: النعم ثلاث: نعمة حاصلة يعلم بها العبد، ونعمة منتظرة يرجوها، ونعمة هو فيها لا يشعر بها، فإذا أراد الله إتمام نعمته على عبده، عرفه نعمته الحاضرة ليشكره ويوفقه لعمل يستجلب بها النعمة المنتظرة.
ويحكى أن أعرابي دخل على الرشيد فقال أمير المؤمنين: ثبت الله عليك النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها، وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن بها، وعرفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها، فأعجبه ذلك، وقال: ما أحسن تقسيمه.
2- ويقول : إن أكثر أهل النار من المسوفين كرجل احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة، فقال: أؤخرها سنة ثم أعود إليها وهو لا يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه.
3- ويقول في مدارج السالكين: [ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية من ذلك أمرًا لم أشاهده من غيره. وكان يقول كثيرا: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا فيَّ شيء.
وكان إذا أُثني عليه في وجهه يقول: “والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كـل وقت، وما أسلمتُ بعد إسلامًا جيدًا”!! وبعث إليّ في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه:
أنا الفقير إلى رب البريات *** أنا المسيكين فى مجموع حالاتى
أنا الظلوم لنفسى وهي ظالمتي *** والخير إن يأتنا من عنده ياتى
لا أستطيع لنفسى جلب منفعة *** ولا عن النفس لى دفع المضرات
وليس لي دونه مولى يدبرني *** ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتى
إلا بإذن من الرحمن خالقنا *** إلى الشفيع كما قد جاء في الآيات
ولست أملك شيئا دونه أبدا *** ولا شريك أنا فى بعض ذرات
ولا ظهير له كي يستعين به *** كما يكون لأرباب الولايات
والفقر لى وصف ذات لازم أبدا *** كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم *** وكلهم عنده عبد له آتى
فمن بغى مطلبا من غير خالقه *** فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملء الكون أجمعه *** ما كان منه وما من بعد قد ياتى