السنن المهجورة (13) الدعاء عند هبوب الريح و سماع الرعد ونزول المطر
أولا / الدعاء عند هبوب الريح:
1- عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، قالت وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فعرفت ذلك في وجهه، قالت عائشة فسألته فقال لعله يا عائشة كما قال قوم عاد فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) صحيح مسلم
وفي الريح ثلاث خيرات: الأول: خير نفس الريح، والثاني: خير ما فيها، والثالث: خير ما أرسلت به.
أما خير نفس الريح مثل تلذذ بني آدم ببرودتها في الحر، وإعطائها الطراوة، والبدارة للنباتات، وذهابها بالروائح الكريهة…، ونحو ذلك.
وأما خير ما فيها مثل نزول المطر النافع؛ لأن المطر لا يجيء إلا ويسبقها الريح.
وأما خير ما أرسلت به مثل السحاب؛ لأنه يجيء بالريح وله خير وشر، خيره مثل: المطر النافع وشره مثل: المطر الضار.
وكذلك الـمُستَعاذ منه ثلاثة شرور؛ وهم بعكس ما سبق ذكره من الخير.
2- عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هذِهِ الرِّيحِ، وخَيْرِ مَا فِيهَا، وخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وشرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ رواه الترمذي وقَالَ: حَديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
3- وعنْ أَبي هُرَيْرةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بالعَذَابِ، فَإِذا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّه خَيْرَهَا، واسْتَعِيذُوا باللَّهِ مِنْ شَرِّهَا رواه أبو داود بإِسنادٍ حسنٍ.
معنى من رَوْح الله – بفتح الراء – : من رحمة الله بعباده.
قوله: (فلا تسبّوها) إنما نهاهم عن ذلك؛ لأنها آية من آيات الله تعالى، قال الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَات” سورة الروم, الآية: 46.
4-عن ابن عباس رضي الله عنه، أن رجلًا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (لا تلعنوا الريح؛ فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئًا ليس له بأهل رجَعت اللعنة عليه) رواه الترمذي، وصححه الشيخ الألباني.
ثانيا / الدعاء عند سماع الرعد:
في الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: (أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان الذي {يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته}
وروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع صوت الرعد قال: (سبحان الذي سبحت له) صحيح الأدب المفرد
ولا أعلم فيه شيئا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي التسبيح في هذا المقام تعظيم للرب سبحانه الذي الرعد أثر من آثار كمال قوته وقدرته، وفيه تجاوب مع الرعد الذي يسبح بحمد الله، ولكن لا نفقه تسبيحه…
والرعد ملك من الملائكة، عن ابن عباس، قال: أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم! أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: «ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار؛ يسوق بها السحاب حيث شاء الله»، فقالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟! قال: «زجره بالسحاب إذا زجره، حتى ينتهي إلى حيث أمر»، قالوا: صدقت، فقالوا: فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: «اشتكى عرق النسا فلم يجد شيئاً يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها»، قالوا: صدقت ) سنن الترمذي
ثالثا/ الدعاء عند نزول المطر:
أما عن الدعاء عند نزول المطر، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: صيبا نافعا. رواه البخاري
اللهم صيبا أي اسقنا صيبا، والصيب المطر الذي يصوب أي ينزل ويقع.
وقوله ( نافعا ) تتميم في غاية الحسن لأن صبيا مظنة للضرر والفساد.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد المطر قال : ( اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ ) رواه البخاري
و في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء ، وتحت المطر ) رواه الحاكم في “المستدرك” وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (3078 ).
والدعاء عند النداء : أي وقت الأذان ، أو بعده .
وتحت المطر : أي عند نزول المطر.
هل الدعاء عند نزول الثلج مستجاب ؟
الثلج له حكم المطر لأنه ماء تجمد ، والإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى : ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) [سورة النحل 80 ] قال : … وهذا كقوله – تعالى – : (وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ ) فخاطبهم بالبرد لأنهم كانوا يعرفون نزوله كثيرا عندهم ، وسكت عن ذكر الثلج ، لأنه لم يكن في بلادهم ، وهو مثله في الصفة والمنفعة ، وقد ذكرهما النبي – صلى الله عليه وسلم – معا في التطهير فقال : اللهم اغسلني بماء وثلج وبرد ، قال ابن عباس : الثلج شيء أبيض ينزل من السماء وما رأيته قط .)