هل الطلاق المدني بالمحاكم الأمريكية طلاق شرعي؟

تاريخ الإضافة 25 ديسمبر, 2022 الزيارات : 2133

هل الطلاق المدني بالمحاكم الغربية طلاق شرعي؟

اذا تم الطلاق المدني بدول امريكا و كندا فهل يعتبر هذا طلاق شرعي وفق ما اتفق عليه الشيوخ في هذه الدول ام لا توجد محاكم شرعية فيعتبر الطلاق المدني شرعي؟ أم لابد من اتخاذ اجراءات اخري و كيف تأخد هذه الاجراءات ليكون طلاقا شرعيا ؟

للعلماء في هذا الموضوع اتجاهان :

الاتجاه الأول : الطلاق الذي يصدر من محكمة أجنبية بين زوجين مسلمين لا يأخذ صفة الشرعية ولا يكون نافذاً إلا إذا قضت به جهة شرعية معتبرة، وتبدأ الزوجة عدتها من ساعة صدور حكم الجهة الشرعية بالطلاق أو موافقة الزوج صراحة على الطلاق.

فتوى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية.

وخلاصة الفتوى: أن الطلاق الذي يصدره القاضي غير المسلم لا يعتد به، وأن المرأة إذا أرادت الطلاق فعليها أن ترفع الأمر إلى المراكز الإسلامية حتى يحكم لها.

جاء في نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([1]):

أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً شرعياً فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة.

وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق.

– وفي فتوى لأمين مجمع فقهاء أمريكا الشمالية:(الدكتور صلاح الصاوي)

الطلاق المدني يحل عقدة الزواج مدنياً أمام القانون، ولكن يبقى أن عقدة الزواج الشرعية لا يحلها إلا الزوج، أو القاضي الشرعي، أو من يقوم مقامه خارج ديار الإسلام، وهم أئمة المراكز الإسلامية والقائمون على الشئون الأسرية بها، فإذا ما فرغت من الجانب القانوني فاذهبي إلى المسجد ومعك الوثيقة، ويتولى إمام المركز مراسلته وطلب الطلاق منه، فإن أبى فإنه يستطيع أن يطلق عليه للضرر، وأمامك أن تلجئي إلى القضاء الشرعي في لبنان ليتولى أمر تطليقك مدنياً للضرر، أي الأمرين سلكت برئت به ذمتك إن شاء الله، ولكن الطلاق المدني وحده لا يكفي لبراءة الذمة ولا يكفي لاعتبار العلاقة الزوجية منتهية، ولا تحلين به لزوج جديد… والله تعالى أعلى وأعلم.

ويقول الشيخ فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء- عن زوجين مسلمين يقيمان في بلاد أجنبية، وقد أصدرت المحكمة حكماً بطلاقهما :
إن الطلاق الذي تحكم به المحكمة الأجنبية بين زوجين مسلمين ، وقد يكون أحدهما أو كلاهما من نفس جنسية البلد الأجنبي، هذا الطلاق ليس له مفعول شرعي، ويجب عرضه على محكمة شرعية رسمية في أي بلد من بلاد المسلمين، أو على الجهة الشرعية التي عقدت الزواج الشرعي في البلد الأجنبي، أو على الجهة الشرعية المعترف بها من قبل المسلمين في تلك البلاد بحكم الواقع.
وعلى هذه الجهة الشرعية أن تبيّن ما إذا كان الطلاق الحاصل من قبل المحكمة نافذاً شرعاً، فتعلن ذلك للزوجين.

وإذا كان هذا الطلاق الصادر عن المحكمة الأجنبية بناءً لطلب الزوج فإنه يعتبر نافذاً من تاريخ تلفّظ الزوج بالطلاق، أو من تاريخ طلبه الطلاق من المحكمة.

وليس للجهة الشرعية في تلك البلاد في هذه الحالة إلاّ أن تعلن وقوع الطلاق الشرعي بالتاريخ المشار إليه.

أما إذا كان الطلاق الحاصل من المحكمة الأجنبية بناءً على طلب الزوجة فإنه لا يكون له أي أثر شرعي إلاّ إذا وافق عليه الزوج.
ويعتبر تاريخ الطلاق حاصلاً عند تاريخ موافقة الزوج عليه، وتبدأ عدّة الزوجة من هذا التاريخ.

وإذا كان الزوج غير موافق على الطلاق، ومصراًّ على بقاء الحياة الزوجية فيجب على الجهة الشرعية أن تدعو الطرفين للنظر في القضية.
فإذا وافق الطرفان على تحكيم هذه الجهة فيكون حكمها نافذاً شرعاً وقانوناً. وإذا لم يحضر الزوج رغم دعوته، أو لم يعرف عنوانه، فبإمكان الجهة الشرعية التي تعتبر بمثابة القاضي الشرعي للضرورة أن تقرّر التفريق بين الزوجين إذا تبيّن أن الزوج مضار، أي : أنه يريد عدم الطلاق إضراراً لزوجته رغم استحالة استمرار الحياة الزوجية.

ويعتبر الطلاق في هذه الحالة حاصلاً بتاريخ صدور القرار من الجهة الشرعية، وليس بتاريخ صدور الحكم من المحكمة الأجنبية. كما يمكن للجهة الشرعية التفريق بين الزوجين إذا تبيّن لها استحالة استمرار الحياة الزوجية ولو لم يكن الزوج مضاراً.

وفي حالة عدم اعتراض الزوج على الحكم بالطلاق الصادر عن المحكمة الأجنبية عن طريق استئنافه، فإن هذا الأمر لا يجعل الحكم نافذاً حتماً، بل هو قرينة على قبول الزوج للطلاق، ويكون من واجب الجهة الشرعية أن تنظر في هذا الأمر، وإذا تأكّد لها ذلك يمكنها أن تعتبر عدم الاستئناف قرينة على قبول الطلاق، وتصدر قرارها بذلك. ويكون الطلاق في هذه الحال حاصلاً بتاريخ القرار الشرعي وليس بتاريخ القرار المحكمة الأجنبية.

الاتجاه الثاني: وقوع الطلاق وهو رأي المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث([2]) 

حيث جعل طلاق القاضي الأجنبي للمسلمين ملزماً معتمداً على أن من عقد زواجه في هذه البلاد يعد راضياً رضاء ضمنياً بأحكام هذه البلد، وهذا يقبل حكم القاضي غير المسلم في التطليق؛ لأن المجمع جعل من الزوج مفوضاً للقاضي في إمضاء الطلاق، عملاً بقاعدة المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.

ونص قرار المجلس:

الأصل أن المسلم لا يرجع في قضائه إلا إلى قاضٍ مسلم أو من يقوم مقامه، غير أنه بسبب غياب قضاء إسلامي حتى الآن يتحاكم إليه المسلمون في غير البلاد الإسلامية، فإنه يتعين على المسلم الذي أجرى عقد زواجه وفق قوانين هذه البلاد، تنفيذ قرار القاضي غير المسلم بالطلاق؛ لأن هذا المسلم لما عقد زواجه وفق هذا القانون غير الإسلامي، فقد رضي ضمنًا بنتائجه، ومنها أن هذا العقد لا يحل عروته إلا القاضي، وهو ما يمكن اعتباره تفويضًا من الزوج جائزًا له شرعًا عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك، لأن القاعدة الفقهية تقول (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً)، وتنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد وحسمًا للفوضى، كما أفاده كلام غير واحد من حذاق العلماء كالعز بن عبد السلام وابن تيمية والشاطبي.

********************************

([1]) المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من ٤-٧ من شهر جمادى الأولى لعام ١٤٢٥هـ الموافق ٢٢-٢٥، من يونيو لعام ٢٠٠٤م

([2]) موقع المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 448 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين