كنتم خير أمة أخرجت للناس
نعيش في هذا اللقاء مع قول الحق- تبارك وتعالى- ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110]
(كنتم خير أمة):
الله تعالى يقول: (كنتم خير أمة) الفعل كان في اللغة العربية يدل غالبا على الماضي، لكن ليس المقصود هنا الماضي المقصود الاستمرارية، (كنتم خير) يعني كنتم وما زلتم كقول الله تعالى ﴿وكان الله غفورا رحيما﴾ [النساء: 96]، ومنه قوله تعالى (وكان الإنسان عجولا) [الإسراء/ 11] ، وقوله تعالى: (إن هذا كان لكم جزاء) [الإنسان: 22]. وقوله: (كان مزاجها زنجبيلا) [الإنسان: 17].
فالفعل (كان) يأتي كثيرا في القرآن الكريم، وفي كلام العرب بمعنى اتصال الزمان من غير انقطاع.
ويتساءل البعض منا كيف نكون خير أمة آخرجت للناس مع ما نراه من حال المسلمين وأوضاعهم من تخلف علمي وسياسي واقتصادي، أين الخيرية هنا؟
ما هي الخيرية؟
هل هي التقدم المادي فقط؟ هل حضارات الأمم تقاس بما تملك من أسلحة فتاكة مدمرة ووسائل للترفيه؟ واللعب واللهو وتقدم علمي وتقني فقط، أليس هناك معايير آخرى للخيرية؟
لماذا كانت أمة الإسلام خير أمة آخرجت للناس؟
بداية أقول الله هو الذي أخبر بذلك؛ نعم الله تعالى هو الذي قال هذا، وهو- سبحانه وتعالى- أعلم بمن خلق، والنبي- صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أننا الأمة رقم سبعين، قال: (ألا إنكم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله عز وجل)، فنحن الأمة رقم سبعين من الأمم التي خلقها الله، الله جل وعلا الذي خلقنا وخلق من قبلنا قال لنا: (كنتم خير أمة آخرجت للناس) فلماذا نحن خير أمة؟
للأسباب التالية:
أولا / نحن أمة التوحيد:
أول سمة لهذه الأمة هي التوحيد الخالص لله- عز وجل-، وهل التوحيد شيء هين؟ التوحيد هو دعوة الرسل جميعا، التوحيد هو الأمر الذي من أجله أرسل الله الرسل وشرع الشرائع وأنزل الكتب، قال تعالى: ﴿ومآ أرۡسلۡنا من قبۡلك من رسول إلا نوحيٓ إليۡه أنهۥ لآ إلٰه إلآ أنا۠ فاعۡبدون﴾ [الأنبياء: 25]، فالتوحيد دعوة الأنبياء جميعا.
وفي عصرنا هذا بلغ الإنسان ما بلغ من مراحل العلم، والطفرة الإلكترونية والتكنولوجيا وفجر الذرة واكتشف المجرات والكواكب، ثم قال: لا إله!!
ولذلك نجد أن أكبر نسبة للإلحاد والملحدين الذين ينكرون وجود الله- عز وجل- في زماننا هذا ، فضلا عمن يعبدون مع الله آلهة آخرى أو إلها غير الله- سبحانه وتعالى-، ولذلك تعجبون معي إذا سمعتم هذا الحديث وهو في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) رواه البخاري.
فابن آدم تجرأ على الله فأنكر الآخرة وقدرة الله على البعث، وتجرأ على الله فنسب له الصاحبة الزوجة والولد، وهذا أمر شنيع، الله تعالى يقول شتمني ابن آدم!! من هذا المخلوق الضعيف الهزيل الذي تجرأ على رب العباد سبحانه؟ ونسب اليه هذا؟ قال تعالى: ﴿وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا﴾ [مريم: 88-92]، فأمة الاسلام أمة التوحيد، في وقت انتشر فيه الشرك، وكثر فيه الالحاد، وهذه من أعلى صفات الخيرية.
ثانيا/ أن كتابنا القرآن الكريم هو آخر الكتب المنزلة:
وقد بين الله- سبحانه وتعالى- أن القرآن نزل مهيمنا على كل الكتب السابقة،فقال:﴿وأنزلۡنآ إليۡك الۡكتٰب بالۡحق مصدقا لما بيۡن يديۡه من الۡكتٰب ومهيۡمنا عليۡه﴾ [المائدة: 48] فآخر إرسالات السماء لأهل الارض كتاب الله القرآن، فنحن نحمل خير كتاب أنزل على خير أمة على خير نبي، وطبعا القرآن الكريم فيه ما فيه من العدالة والرحمة والعظة والعبرة وزيادة الايمان ،وهذا يحتاج الى محاضرات وليس كلمات معدودات، فالخيرية في الأمة بعد التوحيد أن معها خير كتاب أنزل.
ثالثا/ الميزان الصحيح بين الحق والباطل:
فمعايير التمييز بين الحق والباطل في هذه الأمة لم تترك للبشر، فيكون هناك ازدواجية في المعايير والقيم، إنما ضبطت هذه المعايير بضابط الوحي، ولذلك لا يعرف المسلمون ازدواجية في المعايير بين الحق والباطل، يقولون الحق ولو على أنفسهم، أنا أتكلم عن شرع الله، شرع الله الذي هو الحجة على الجميع، أما إن كان هناك من يحرف أو يبدل فهذا ليس حجة في شيء.
ولما تجد أمة قوية تملك مقدرات عسكرية وتسلطها على النساء والأطفال والمدنيين العزل فهذا ازدواج للمعايير.
وقد رأينا موقف الغرب مع روسيا وأوكرانيا ، ثم رأينا معاملتهم فيما يحدث الآن في غزة والمعايير التي لا نرى فيها أي تطابق … البلاد الغربية وصفت روسيا بأنها وحشية وترتكب جرائم حرب وتحاول تدمير البنية التحتية والأساسية لأوكرانيا، وفزع الغرب كله وأمد أوكرانيا بالسلاح وبالمال، واجتمعت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والصحافة والإعلام، وكل هذا لا يخفى علينا.
ماذا عن غزة؟
اليوم آخر تصريحات خرجت من الإدارة الأمريكية هي أنه نصح بتقليل عدد القتلى من المدنيين، في قتلى مدنيين؟ نعم لكن… يعني … نحن نعمل على تقليل العدد، ثم أمر آخر وهو قصة إنزال منشورات ونخبركم أنه بعد عشر دقائق سنفجر هذا البيت، لا خلاص انتهى هذا الأمر، نحن سنعلن أن المنطقة الفلانية سيتم تدميرها، منطقة بأكملها، فمن أراد أن ينجو بنفسه فلينجو، ومن أراد أن يبقى فليبقى، ما هذه الوحشية واللاإنسانية التي نراها؟
كم يحتاج الضمير العالمي من أطفال يقتلوا ومدنيين عزل يقتلوا في سبيل أن يستيقظوا ويقولوا إن ما يحدث جريمة إبادة ووحشية؟!!
لو تتذكرون الصحيفة الفرنسية شارلي أبدو لما قامت بعمل رسوم مسيئة للرسول- صلى الله عليه وسلم- وحصل حادث إرهابي طبعا أطرافه كلها غامضة إلى الآن وتفاصيله غير واضحة المعالم… المهم المشهد الذي التقطته الكاميرات في كل أنحاء العالم مشهد الرؤساء رؤوس دول العالم اجتمعوا بعدد كبير وضخم جدا يتقدمهم الرئيس الفرنسي استنكارا لما حدث، ونحن نستنكر أي دماء بريئة تقتل، لكن أنا أقصد، انظروا إلى الازدواجية كل دول العالم وزعماء العالم في هذه المظاهرة وأخذوا اللقطة استنكارا للإرهاب ودعما لفرنسا ضد الإرهاب!!!
طيب الذي يحدث في غزة ماذا يسمى؟ الذي يحدث من قنابل تفجيرية وزن القنبلة يتجاوز ألفين رطل حوالي 900 كيلو جرام تقوم بعمل اهتزاز وارتجاج للأرض حتى أن عمق الحفرة يصل من عشرين إلى ثلاثين متر، هذا فضلا عن الناس الذين كانوا بالمبنى أطفال نساء مرضى عجائز مدنيين عزل هذا كله لا اعتبار له.
ولما عاملت المقاومة الأسرى معاملة حسنة كريمة قالوا عنهم إنهم افتتنوا في متلازمة مشهورة عندهم اسمها (متلازمة ستوكهولم)، وهي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المختطف مع المختطف … فقالوا هؤلاء الأسرى عندهم حاجة نفسية مرض نفسي أعجبوا بقاتليهم أو من أسروهم، ثم وجدوا أن الموضوع سخيف شوية فخرجوا علينا وقالوا إنهم أعطوهم حبوب السعادة التي تجعل الشخص يهذي أو يضحك وهو لا يدري شيئا عما يدور حوله، فهم أعطوهم هذه الحبوب للتهدئة فظهروا هادئين سعداء يبتسمون وهم بلهاء لا يعرفون شيئا، – سبحان الله- العظيم.
المعايير لا تزدوج، المعايير لا تنفصل، ولذلك قال الله تعالى: ﴿من أجل ذٰلك كتبنا علىٰ بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾ [المائدة: 32] لكن كيف يستوي من قتل شخصا مع من قتل مائة أو ألف، أقول لك الإسلام يرسي مبدأ هاما وهو أن من استحل قتل نفس بريئة فكأنما يستحل قتل الجميع، القانون الذي يسري عليه جميع الناس حرمة الدماء البريئة، دون النظر إلى جنس أو لون أو لسان أو عرق أو دين، هذا هو الأساس هذا هو المعيار الذي يفصل بين الحق والباطل.
دائما القوة تجعل صاحبها عنده غطرسة وغلظة وخشونة وغرور، وإفراط في الدماء، لكن النبي- صلى الله عليه وسلم- في المعارك يوصي أصحابه قبل المعارك فيقول:(لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا ولا كبيرا فانيا ولا تغرقن نخلا ولا تقطعن شجرا ولا تهدموا بناء)، هكذا النبي- صلى الله عليه وسلم- يرسي قواعد في القتال رغم أن القوة تنسي صاحبها ماذا يفعل وتجعله متجبرا يرى نفسه فوق الجميع، – سبحان الله العظيم-، لكن هنا يعلمنا الإسلام أنه لا ازدواجية فمن استحل قتل نفس بريئة فقد استحل قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
إذن فهذه الأمة خير أمة لأن معايير التمييز بين الحق والباطل واحدة مددها واستمدادها من الله- عز وجل-، يحكمنا دين الله منهج الله، لا أهواء بشرية ولا نزعات سياسية.
رابعا/ من خيرية هذه الأمة العلم بالآخرة:
أي نعم الأمة قد تعاني من تخلف في الاقتصاد وفي السياسة وفي جوانب علمية كثيرة، لكن هذا التخلف هو راجع لسياسة المتحكمين فيها، لو قرأت في ميزانيات أغلب الدول العربية ستجد أنها تصب في جانب واحد فقط ألا وهو التسلح والأمن والشرطة، طيب هذا التسلح لصالح من؟ من هو العدو؟ العدو هو الشعب، يتسلحون ضد الشعب، لأن الشعب مع زيادة جرعات الفساد والظلم سيثور، فلا بد من قوة رادعة لهذا الشعب الأثيم الذي يتطلع إلى الحرية والعدالة والكرامة، فليس لهم أن يفكروا في هذا الشيء مطلقا!!!
فتجد ربما أصغر شركة في أمريكا أو في أوروبا لها ميزانية بحث علمي تفوق مجموعة دول عربية، لماذا؟
لأن هذا ليس في الاهتمام، فالخلل ليس في الإسلام ولا في الأمة، الخلل في السياسات المتعمدة لتجهيل الأمة، وإلا فأنتم هنا بكندا لو سألت الأغلبية منكم أين تعمل؟ ما هي شهادتك ما هي ظروف نجاحك؟ ما عدد سنين الخبرة التي حصلت عليها؟ في أي الشركات تعمل؟ ستجد كفاءات عالية، كفاءات علمية أو خبرة أو مشاركة في مؤتمرات لها وزن علمي على مستوى العالم، كفاءات كثيرة، كل هذه الكفاءات أو هذه العقول هي عقول عربية، لكنها لو بقيت في بلادنا لفشلت أو أصيبت بالاكتئاب أو كان حبيس السجون والزنازين، لأنه شخصية تفكر وتتعلم وتبدع وهذا النوع من البشر خطر كبير على الدولة، وسيقوم بعمل انقلاب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أحد العلماء المشهورين الدكتور زويل لما سألوه ما الفارق بين البحث العلمي في مصر وفي أمريكا؟ قال: (الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء؛ هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل!!!)؛ فالعيب والخلل ليس في الإسلام إنما في السياسات الفاشلة للمتحكمين.
نرجع مرة اخرى. فالأمة ليست متخلفة بسبب الإسلام، والاسلام ليس سببا للتخلف، انما علمنا ديننا هو ﴿هو أنشأكم من الۡأرۡض واسۡتعۡمركمۡ فيها﴾ [هود: 61] أي طلب منكم عمارتها، ننتشر نبدع وعندنا مجالات الحياة والتفاعل مع الكون، وهكذا، والنبي علمنا (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها)
الفسيلة هي غرس نخلة يعني ستثمر بعد عشرين سنة على الأقل، والساعة الآن والكون ينهار، لكن الرسول من باب المبالغة في الحث على العمل للغد قال: (فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها)
فديننا علمنا التفاعل مع الكون والحياة والعمل، ثم نحن نتفاضل عن غيرنا بعلم الآخرة ، ما بعد الموت. ديننا علمنا ماذا بعد الموت؟ بعد خروج الروح؟
هناك قبر حياة برزخية ماذا فيها؟ هناك بعث ونشور في يوم يجمع الله فيه الخلائق أولهم وآخرهم، يوم القيامة لا ريب فيه، هناك حساب هناك جنة ونار دار جزاء ودار نعيم.
هذا علم غائب عن كثير من أمم الأرض، قال تعالى في سورة الروم : (ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة غافلون)[الروم 6ـ7] يعلمون عن الدنيا؛ إذا تكلمت عن الدنيا فهناك خبراء في الأسواق والأموال والأسهم والتجارة والبزنس كل شيء.
لكن حينما تتكلم عن الاخرة فكأنك جئت من كوكب اخر. من أنت؟ عن ماذا تتحدث؟
فالكل هنا يعمل للدنيا الدنيا فقط، لكن عندنا آخرة والدنيا هذه دار ممر ترانزيت، كلنا سنرحل منها (إنك ميت وإنهم ميتون) لا يعترفون بهذا هم مقبلون على الدنيا بإخلاص يتمتعون بكل لذة وشهوة، لكن إذا كلمتهم عن الآخرة وهي الدار الباقية فهم أجهل ما يكونوا… لا يدرون شيئا؛ فأمتنا من خيريتها أننا عندنا علم الاخرة.
خامسا/ ومن خيرية هذه الأمة أنها أمة وسطا:
لم تغرق في المادية كما كان هو حال اليهود، ولم تغرق في الروحانية كما هو حال النصارى لما اتخذوا الرهبنة وسيلة من وسائل الالتزام أو أعلى درجات سلم الترقي الديني الرهبنة والانعزال عن الدنيا.
أمة وسطا بين الدين والدنيا لا إفراط ولا تفريط، أمة وسطا نسعى لمعاشنا ولرزقنا ونعمل لآخرتنا … أمة وسطا نحصل على حقوقنا بالسبل المشروعة ولا نقصر في واجباتنا التي فرضت علينا.
لأن الإسلام نظم العلاقة بين المسلم ونفسه ثم نظمها بينه وبين زوجته وأولاده ووالديه وجاره ..الخ
فشبكة العلاقات والآداب مرعية بمنهج الاسلام، وكل مسلم لا يظلم لا يخون لا يغش لا يغدر ليس خوفا من القانون؛ انما لوازع إيماني في قلبه، فهذا هو التميز.
أمة وسطا لا إغراق في الروحانيات لدرجة أن الإنسان يعيش روحا بلا جسد ولا إغراق في الماديات والشهوات لدرجة أن الإنسان جسد يتمتع باللذات والشهوات دون روح تتعلق بخالقها وباريها- سبحانه وتعالى-
أمة وسطا سمانا الله هكذا قال (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وقال : (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ) من قبل بعثة النبي من أيام الخليل إبراهيم، اسم الأمة أمة الإسلام أيضا في هذا الدين في هذا مع هذا النبي الخاتم محمد- صلى الله عليه وسلم-
سادسا/ أمة الإصلاح (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر):
الله- سبحانه وتعالى- قال: ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، فمن خيرية هذه الأمة أنها أمة إصلاح، يعني أمة لا تسكت على الباطل، أم لا تعرف أن تكون أمة خانعة ساكتة خائفة؛ إنما نصلح ونهدي ونبين ونعلم ونحمل هذا الخير لكل الدنيا ونعلم الناس الحق الذي هدانا الله إليه وننشر هذا النور الذي نور الله به قلوبنا؛ فنحن أمة الرحمة أمة الهداية أمة تسعى للإصلاح بين الناس، أمة تمرض لكنها لا تموت، ولا تهلك، إن هلاك هذه الأمة وانتهاءها علامة لقيام الساعة، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الساعة لن تقوم إلا على شرار الناس، ولن تقوم الساعة وعلى وجه الأرض أحد يقول: الله الله، وقبل قيامة القيامة يبعث الله ريحا لينة، كنسمة الهواء فيقبض الله بها روح كل عبد في قلبه مثقال ذرة من إيمان فلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق.
إذن فأمتنا خيريتها أنها أمة إصلاح، ليست صالحة في نفسها وإنما تصلح من شأن غيرها.
نسأل الله تعالى أن نؤدي الخيرية التامة الكاملة في هذه الأمة، ونكون -إن شاء الله- تعالى خير خلف لخير سلف، اللهم آمين.