كيف نتعامل مع ذي الرحم المؤذي وهل يجوز هجره؟
. صلة الرحم واجبة، وقطعها من الكبائر، والتدابر والتقاطع بين المسلمين منهي عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
“لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام” [رواه البخاري ومسلم]
لكن هذا لا يعني أنه يجب على المسلم أن يُعرّض نفسه للأذى النفسي أو الجسدي باسم الصلة أو الأخوة، بل جاءت الشريعة بالعدل، والوقاية من الضرر، ورفع الحرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:“لا ضرر ولا ضرار” [حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره]
كيف نتعامل مع المؤذي؟
الإسلام فرق بين:
• الظلم والاعتداء: فهذا يُدفع ويُرد ولا يجوز السكوت عليه.
• والصلة والإحسان: وهي مطلوبة بقدر المستطاع، ما لم تؤدِّ إلى ضرر أو مهانة أو فتنة.
الضوابط الشرعية في التعامل مع المؤذي:
1. دفع الأذى مشروع بل واجب أحيانًا، قال تعالى:“فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم” [البقرة: 194]
لكن الرد يكون بالعدل دون تجاوز
2. الهجر جائز للمصلحة وليس للهوى أو الانتقام
فإن كان في هجر المؤذي مصلحة (كردعه أو حماية النفس)، جاز ذلك، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما هجر الثلاثة الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك خمسين ليلة، ولم يُكلمهم أحد [رواه البخاري ومسلم]
3. وضع الحدود دون قطيعة: كأن تُقلل الكلام، أو تجعل العلاقة رسمية، أو تتواصل برسالة دون اتصال مباشر، فهذا يحقق الصلة ويدفع الأذى
4. الصبر والإحسان مع القدرة على ذلك من أفضل العبادات، قال تعالى:“ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم” [فصلت: 34]لكن هذا في حق من لا يشتد أذاه، أو كان يرجى صلاحه
من الأمثلة من حياة النبي والصحابة:
• النبي صلى الله عليه وسلم قاطع الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك
• النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصاحب المنافقين ولم يُعطهم مكانة رغم أنهم في المدينة
• أبو بكر رضي الله عنه قطع النفقة عن مسطح بن أثاثة لما خاض في عرض ابنته عائشة، فنزل قوله تعالى:
“ولا يأتلِ أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى… وليعفوا وليصفحوا…” [النور: 22]
فرجع أبو بكر رضي الله عنه وأعاد النفقة، فهذه حالة خاصة لمن قدر على العفو وكان ذلك خيرًا