شرح الفوائد لابن القيم 1- التعريف بمؤلف الكتاب الإمام ابن القيم

تاريخ الإضافة 15 نوفمبر, 2025 الزيارات : 38

التعريف بمؤلف الكتاب

الإمام ابن القيم – رحمه الله-

اسمه ولقبه:

ابن القيم هذه كنية اشتهر بها، أما اسمه فهو: محمد بن أبي بكر بن أيوب، وهو شامي من دمشق.

وشهرته بـ ابن القيم لأن أباه كان قَيِّم (مدير) مدرسة من مدارس العلم اسمها الجوزية. 

وكان في دمشق مدرستان: مدرسة الجوزية ومدرسة الصدرية، فأبوه كان قيم المدرسة الجوزية، واشتهر بـ ابن القيم بعد ذلك. 

ومع أن وظيفة القِوامة في (المدرسة الجوزية) لم تكن حكراً على أبي بكر – والد ابن القَيِّم – وحده، بل لا بد أن يكون قد تولاها غيره – إما قبله أو بعده – إلا أن الواضح: أن والد ابن القَيِّم كان أشهر من تولى هذا المنصب، فصار هو المراد عندما يقال: (قيم الجوزية)، وغلبت – بالتالي – هذه الشهرة على ابنه، حتى صار لا يُعرف إلا بها، وقد يكون الأب اكتسب هذه الشهرة بسبب شهرة ابنه، الذي ذاع صيته آنذاك.

وهذا كثير عند أهل العلم، ينسبون الرجل إلى وظيفة أو صنعة أبيه أو جَدِّه، كما كان الحافظ الذهبي – رحمه الله – يعرف بـ (ابن الذهبي) نسبة إلى صنعة الذهب التي مارسها أبوه.

مولده:

ولد في سنة (691هـ) في دمشق.

مشايخه الذين أخذ عنهم:

تتلمذ الإمام على كوكبة من أهل العلم والفضل، فأخذ من علومهم، ونهل من معارفهم، وتأثر بهم، مثل:

  • والده أبو بكر قيم الجوزية: تتلمذ على يديه في علم الفرائض بشكل خاص.
  • المجد الحراني: أخذ عنه الفقه وقرأ عليه بعض الكتب مثل “مختصر أبي القاسم الخرقي” و “المقنع”.
  • الذهبي: من شيوخه في الحديث.
  • ابن الشيرازي: أخذ عنه العلم في مختلف المجالات.
  • لكنّ أعظمهم منزلة في قلبه، وأقربهم إلى نفسه هو شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، فقد تأثر به ابن القيم تأثرا كثيرا؛ حتى صار لا يُذكر ابن تيمية إلا ويذكر معه ابن القيم، حيث لازمه حوالي 17 عامًا، وتأثر به تأثرًا كبيرًا في مختلف العلوم مثل التفسير والحديث والفقه وأصول الدين والفقه، وجمع الكثير من أصوله، وكتاباه (إعلام الموقعين، وزاد المعاد) وغيرهما قد أخذ فيهما من علم ابن تيمية في الفقه الكثير والكثير، ومن الجدير بالذكر أن ابن القيم أصغر من ابن تيمية بنحو ثلاثين عاما، فكان ابن تيمية منه بمنزلة الوالد والأستاذ المعلم.

وقال عنه الحافظ بن حجر العسقلاني: (لو لم يكن للشيخ تقي الدين بن تيمية من المناقب إلا تلميذه الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غاية في الدلالة على عظمة منزلته).

فضله وأخلاقه:

لقد كان الإمام ابن القيم رحمه الله عالما عاملا محبا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان هادئ الطبع، قوي الخُلُق.

 وصفه ابن كثير- رحمه الله- الذي كان تلميذا له بقوله: (كان حسن القراءة والخُلُق، كثير التودد، لا يحسد أحدا، ولا يؤذيه، ولا يستغيبه، ولا يحقد على أحد، وكنت من أصحب الناس له، وأحب الناس إليه، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا، ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله).

ذهب إلي بيت الله الحرام مرات كثيرة حاجا إليه تعالى، وجاور بمكة، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف الشيء العجيب.

وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد، ولَهِج بالذكر، وشغف بالمحبة والافتقار إلى الله تعالى، وقد كان رحمه الله مهتما بأمراض القلوب مؤكدا على معالجتها واستئصال هذه الأمراض القلبية بالمجاهدة والرياضة الروحية، وكثرة ذكر الله تعالى ومراقبته والتوكل عليه والإنابة إليه ومحبته ومحبة أحبابه وأوليائه، ليكون القلب سليما يوم القيامة، كما وصف الله تعالى ذلك في القرآن الكريم فقال: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 89]

وقال عنه تلميذه ابن رجب: (كان رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة والإنابة والافتقار إلى الله تعالى، والانكسار له والاطَراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله في ذلك).

لقد كانت السمة البارزة فيه رحمه الله هي التواضع لإخوانه المؤمنين مع ماله من علم غزير وحجة قوية، فكان يرى نفسه مقصرا مذنبا، وأن علمه هذا سيكون حجة عليه إن لم يتداركه الله برحمة منه وفضل.

علمه وحجته:
يقول ابن رجب عن شيخه الإمام ابن القيم: (تفقه في الدين وبرع وأفتى، ولازم الشيخ تقي الدين (ابن تيمية)، وأخذ عنه وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفا بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين وإليه فيه المنتهى، وبالحديث ومعانيه، وفقهه، ودقائق الاستنباط منه لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله والعربية وله فيها اليد الطولى، وبعلم الكلام وغير ذلك، وعالما بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ومتونه وبعض رجاله).

وقال: (ما رأيت أوسع منه علما ولا أعرف بمعاني القرآن والحديث والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله).

تولى رحمه الله الإمامة في الجوزية، كما تولى التدريس في الصدرية، وكتب بخطه من المؤلفات مالا يوصف، وصنّف تصانيف كثيرة جدا في أنواع العلوم، وكان شديد المحبة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره، حتى كان أولاده يبيعون منها بعد موته دهرا طويلا سوى ما اصطفوه منها لأنفسهم.

تلامذته الذين أخذوا عنه:

لقد تتلمذ على الإمام ابن القيم خلق كثير، وخرج من تحت يديه علماء أفذاذ، من أمثال الحافظ ابن رجب الحنبلي، ومنهم ابن كثير المفسر وصاحب كتاب البداية والنهاية، وغيرهم كثير.

محنته التي تعرض لها:

لا بد أن يمتحن الله أوليائه وأصفياءه، ليرى صدق إيمانهم، فهذه سنة الله في خلقه

 فكانت المحنة، وكان الابتلاء، حيث اضطهد مع شيخه ابن تيمية وأوذي وحبس ثلاث مرات، مرة مع ابن تيمية في قلعة دمشق، وكان في مدة سجنه منفردا عن شيخ الإسلام في مكان خاص به، ولم يُفرّج عنه إلا بعد وفاة بن تيمية، وحبس مرة ثانية بسبب فتاوى شيخه، ومرة ثالثة لإنكاره شد الرحال إلى قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وكان رحمه الله في مدة حبسه مشتغلا بتلاوة القرآن وتدبره والتفكر في معانيهن ففتح عليه من ذلك خير كثير.

مؤلفاته وتصانيفه:

لقد ترك ابن القيم ثروة علمية كبيرة، كان فيها خلاصة علم شيخه، وزاد فيها ثمرات دراسته، وكانت كتاباته عميقة الفكرة، قوية المنحى، وكانت حسنة الترتيب، منسقة التبويب، وتجمع كتابته جمعا متناسبا بين عمق التفكير وبعد غوره، ونصوع العبارة، وحسن استقامة الأسلوب، كما اشتملت كتاباته على نور السلف وحكمة السابقين، فهو كثير الاستشهاد بأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين.

وكان رحمه الله من المكثرين في التأليف وقد ترك مكتبة عظيمة ورثتها الأمة من بعده وانتفع بها خلق كثير.. ومن هذه المؤلفات:

  1. تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته.
  2. سفر الهجرتين وباب السعادتين.
  3. مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
  4. زاد المعاد في هدي خير العباد.
  5. جلاء الأفهام في ذكر الصلاة والسلام على خير الأنام.
  6. إعلام الموقعين عن رب العالمين.
  7. بدائع الفوائد.
  8. حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح.
  9. الداء والدواء.
  10. تحفة المودود في أحكام المولود.
  11. مفتاح دار السعادة.

وغير ذلك من المؤلفات النافعة والتي يطول المقام بذكرها.

وفاته:

توفي رحمه الله 13رجب سنة 751هـ.

Visited 31 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14350 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع