من كلام السلف عن ذم الدنيا

تاريخ الإضافة 3 يناير, 2022 الزيارات : 28672

من كلام السلف عن ذم الدنيا

روي أن سليمان بن داود عليهما السلام مر في موكبه والطير تظله والجن والإنس عن يمينه وشماله قال‏:‏ فمر بعابد من بني إسرائيل فقال والله يا ابن داود لقد آتاك الله ملكاً عظيماً ، فسمع سليمان ذلك

فقال‏:‏لتسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أعطى ابن داود فإن ما أعطى ابن داود يذهب والتسبيحة تبقى‏.‏
وروي أن جبريل عليه السلام قال لنوح عليه السلام‏:‏ يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا فقال‏:‏ كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر‏.‏
قال علي رضي الله عنه‏:‏ من جمع فيه ست خصال لم يدع للجنة مطلباً ولا عن النار مهرباً :
من عرف الله فأطاعه وعرف الشيطان فعصاه وعرف الحق فاتبعه وعرف الباطل فاتقاه وعرف الدنيا فرفضها وعرف الآخرة فطلبها‏.‏
وقال الحسن‏:‏ رحمه الله أقواماً كانت الدنيا عندهم وديعة فأدوها إلى من ائتمنهم عليها ثم راحوا خفافاً‏.‏

وقال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيه ناس كثير فلتكن سفينتك فيه تقوى الله عز وجل وحشوها الإيمان بالله تعالى وشراعها التوكل على الله عز وجل لعلك تنجو وما أراك ناجياً‏.‏

وقال الفضيل‏:‏ طالت فكرتي في هذه الآية ‏”‏ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً حرزاً ‏”‏

وقال بعض الحكماء‏:‏ إنك لن تصبح في شيء من الدنيا إلا وقد كان له أهل قبلك وسيكون له أهل بعدك وليس لك من الدنيا إلا عشاء ليلة وغداء يوم فلا تهلك في أكله وصم عن الدنيا وأفطر على الآخرة وإن رأس مال الدنيا الهوى وربحها النار‏.‏
وقال بعض الحكماء‏: كانت الدنيا ولم أكن فيها وتذهب الدنيا ولا أكون فيها فلا أسكن إليها فإن عيشها نكد وصفوها كدر وأهلها منها على وجل إما بنعمة زائلة أو بلية أو منية قاضية‏.‏
وقال رجل لأبي حازم‏:‏ أشكو إليك حب الدنيا وليست لي بدار فقال‏:‏ انظر ما آتاكه الله عز وجل منها فلا تأخذه إلا من حلة ولا تضعه إلى في حقه‏.‏
وقال الفضيل‏:‏ لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى لكان ينبغي لنا أن نختار خزفاً يبقى على ذهب يفنى‏.‏

وفي ذلك قيل‏:‏

ومال المال والأهلون إلا ودائع

ولا بد يوماً أن ترد الودائع

وزار رابعة أصحابها فذكروا الدنيا فأقبلوا على ذمها فقالت‏:‏ اسكتوا عن ذكرها فلولا موقعها من قلوبكم ما أكثرتم من ذكرها‏،‏فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره‏.‏

وقيل لإبراهيم بن أدهم‏:‏ كيف أنت فقال‏:‏

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا **** فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع

وقال لقمان لابنه‏:‏ يا بني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً ولا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعاً‏.‏
وقال ابن عباس‏:‏ إن الله تعالى جعل الدنيا ثلاثة أجزاء‏:‏ جزء للمؤمن وجزء للمنافق وجزء للكافر‏:‏
فالمؤمن يتزود والمنافق يتزين والكافر يتمتع‏.‏

وقف سليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي الشاب أمام المرآة فراقه حسن صورته وأعجبه نظرة شبابه فقال في زهو وغرور أنا الملك الشاب، وكان بجواره إحدى جواريه فنظر إليها وقال لها ماذا تقولين؟ فقالت له يا أمير المؤمنين أقول ما قال الشاعر :

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير ألا بقاء للإنســـان

ليس فيما علمته فيك عيـب كان في الناس غير أنك فان

ولم يلبث سليمان إلا أياماً حتى توفي، جاءه الموت

وقال بعضهم‏:‏ الدنيا جيفة فمن أراد منها شيئاً فليصبر على معاشرة الكلاب‏.‏

وقال أبو الدرداء‏:‏ من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها‏.‏
وقيل أيضاً‏:‏

يا راقد الليل مسروراً بأوله *** إن الحوادث قد يطرقن أسحارا

أفنى القرون التي كانت منعمة *** كر الجديدين إقبالاً وإدبارا

يا من يعانق دنيا لا بقاء لها *** يمسي ويصبح في دنياه سفارا

هلا تركت من الدنيا معانقة *** حتى تعانق في الفردوس أبكارا

إن كنت بغى جنان الخلد تسكنها *** فينبغي لك أن لا تأمن النارا

وقال رجل لعلي كرم الله وجهه‏:‏ يا أمير المؤمن صف لنا الدنيا قال‏:‏ وما أصف لك من دار من صح فيها سقم ومن أمن فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فيها افتتن في حلالها الحساب وفي حرامها العقاب ومتشابهها العتاب‏.‏
وقيل له ذلك مرة أخرى فقال‏:‏ أطول أم أقصر فقيل‏:‏ قصر فقال‏:‏ حلالها حساب وحرامها عذاب‏.‏
وقال أبو سليمان الداراني‏:‏ إذا كانت الآخرة في القلب جاءت الدنيا تزاحمها فإذا كانت الدنيا في القلب لم تزاحمها الآخرة لأن الآخرة كريمة والدنيا لئيمة‏.‏
وقال مالك بن دينار‏:‏ بقدر ما تحزن للدنيا يخرج هم الآخر من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك‏.‏

وهذا اقتباس مما قاله علي كرم الله وجهه حيث قال‏:‏ الدنيا والآخرة ضرتان فبقدر ما ترضى إحداهما تسخط الأخرى‏.‏

لما قدم عمر رضي الله عنه الشام فاستقبله أبو عبيدة بن الجراح على الناقة مخطومة بحبل فسلم وسأله ثم أتى منزله فلم ير فيه إلا سيفه وترسه ورحله فقال له عمر رضي الله عنه‏:‏ لو اتخذت متاعاً فقال‏:‏ يا أمير المؤمن إن هذا يبلغنا المقيل‏.‏

وقال سفيان‏:‏ خذ من الدنيا لبدنك وخذ من الآخرة لقلبك‏.‏

وقال الحسن : بعد أن تلا قوله تعالى ‏”‏ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ‏”‏ من قال ذا قاله من خلقها ومن هو أعلم بها إياكم وما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب‏.‏

وقال أيضاً‏:‏ مسكين ابن آدم يستقل ماله ولا يستقل عمله يفرح بمصيبته في دينه ويجزع من مصيبته في دنياه‏.‏

وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز‏:‏ سلام عليك أما بعد‏:‏ فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات‏.‏

فأجابه عمر‏:‏ سلام عليك كأنك بالدنيا ولم تكن وكأنك بالآخرة لم تزل‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ عجباً لمن يعرف أن الموت حق كيف يفرح وعجباً لمن يعرف أن النار حق كيف يضحك وعجباً لمن رأى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن لها

وقال أبو سليمان‏:‏ لا يصبر عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله بالآخرة‏.

وقال مالك بن دينار‏:‏ اصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضاً ولا ينهى بعضنا بعضاً ولا يدعنا الله على هذا فليت شعري أي عذاب الله ينزل علينا

وقال الحسن‏:‏ أهينوا الدنيا فو الله ما هي لأحد بأهنأ منها لمن أهانها‏.‏

وقيل لحكيم‏:‏ الدنيا لمن هي قال‏:‏ لمن تركها فقيل الآخرة لمن هي قال‏:‏ لمن طلبها.

وقال علي كرم الله وجهه‏:‏ إنما الدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم فأشرف المطعومات العسل وهو مذقة ذباب وأشرف المشروبات الماء ويستوي فيه البر والفاجر وأشرف الملبوسات الحرير وهو نسج دودة وأشرف المركوبات الفرس وعليه يقتل الرجال وأشرف المنكوحات المرأة وهي مبال في مبال وإن المرأة لتزين أحسن شيء منها ويراد أقبح شيء منها وأشرف المشمومات المسك وهو دم‏.‏

وخطب عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه فقال‏:‏ إنما خلقتم للأبد ولكنكم تنقلون بالموت من دار إلى دار.

(3) تعليقات


  • محمدخضر

    غاب الايمان واليقين

    وحل حب الدنيامع وجودالموت

  • محمدخضر

    الدنيافانية غدارةخداعة غرارة كذابة هي سلاح نووي مشع ضارقاتل

  • أحمد فوفنا

    قال الشيخ عبد الحميد كشك
    إن الدنيا:
    إذا حلت أوحلت، وإذا كست أوكست، وإذا أينعت نعت، وكم من ملك رفعت له علامات فلما على مات


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 367 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم