هل يجوز النمص بإذن الزوج ؟

تاريخ الإضافة 18 يناير, 2022 الزيارات : 7814

هل يجوز النمص بإذن الزوج ؟

شيخنا الفضيل ، هل النهي الوارد في الحديث عن النمص خاص بالحواجب أم بجميع شعر الوجه بالنسبة للمرأة ؟ وهل هناك فرق بين القص والنتف ؟ وهل يجوز استعمال الفتلة لإزالة شعر الوجه؟ وما الحكم إذا غلظ الحاجبين أوكانا متصلين ؟ وهل يجوز النمص بإذن زوجي كما أفتى بذلك بعض المشايخ ولو كان ذلك جائزا فكيف نوفق بينه وبين ماورد عن الرسول من اللعن لمن تفعل ذلك ؟

 الجواب :

أما عن الحديث فقد رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بنِ مسعود رضي الله عنه أنه قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت : ما حديث بلغني عنك ؛ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ؟ فقـال : عبد الله وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في كتاب الله ، فقالت المرأة : لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته ، فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله عز وجل : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)
فقالت المرأة : فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن ! قال : اذهبي فانظري . قال : فَدَخَلَتْ على امرأة عبد الله فلم تر شيئا ، فجاءت إليه فقالت : ما رأيت شيئا ، فقال : أما لو كان ذلك ما جامعتنا.

قوله: “لو كان ذلك لم نجامعها ‏‏قال جماهير العلماء : معناه لم نصاحبها ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها ونفارقها ، ويحتمل أن معناه لم أطأها(الجماع)

هل النمص خاص بشعر الحاجبين أم لجميع شعر الوجه ؟
من استقراء كلام الأئمة في تفسير معنى النمص المنهي عنه يتبين لنا اختصاص النمص المحرم بالحاجبين .

قال الإمام أبو داود  بعد ذكر الحديث: والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة المعمول بها. 

وقال ابن حجر في الفتح: والمتنمصة التي تطلب النماص والنامصة التي تفعله ، والنماص: إزالة ‏شعر الوجه بالمنقاش، ويسمى المنقاش منماصاً لذلك، ويقال إن النماص يختص بإزالة شعر ‏الحاجبين لترقيقهما وتسويتهما. اهـ

ومما يرجح اختصاص النمص المحرم بالحاجبين ما جاء عن عائشة رضي الله عنها من الترخيص للمرأة أن تحف جبينها لزوجها. أخرجه الطبري  ورواه عبد الرزاق في مصنفه.

 وفيه أن المرأة قالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتقرب بذلك لزوجي؟ فقالت: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة.

 

 وقد نقله عنها جمع من أهل العلم وأقروه، وهذا يدل على أنه يجوز للمرأة حلق شعر الوجه ونتفه، عدا الحاجبين.

ومما يدل لهذا ما ذكره العلماء من إباحة إزالة شعر الشارب واللحية بالنسبة للمرأة.

 فقد قال النووي في المجموع: لو نبت للمرأة لحية استحب لها نتفها وحلقها لأنها مثلة في حقها بخلاف الرجل، وكذا يستحب نتف وحلق الشارب والعنفقة (ما نبت من الشعر تحت الشفةالسفلى). انتهى.

وقال ابن حجر في فتح الباري: وقال النووي يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها بل يستحب. قلت وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه وإلا فمتى خلا عن ذلك منع للتدليس.

 

وهذا القول اختارته اللجنة الدائمة للإفتاء.

 

حكم قص ما طال من شعر الحاجبين :
النمصكما سبق-هو نتف شعر الحاجب، أو إزالته من الأساس وإعادة رسمه، أما مجرد التخفيف والتهذيب بالمقص ونحوه فلا بأس به، فقد وردت الرخصة فيه عن بعض أهل العلم، فقد جاء في المغني لابن قدامة: فأما النامصة فهي التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة المنتوف شعرها بأمرها، فلا يجوز للخبر، وإن حلق الشعر فلا بأس لأن الخبر إنما ورد في النتف نص على هذا أحمد. انتهى 

هل يجوز استعمال الفتلة (الخيط )لإزالة شعر الوجه؟

لا حرج في إزالة الشعر الموجود على الوجه باستعمال الخيط ما عدا شعر الحاجبين للنهي الوارد في الحديث السابق ذكره


هل تجوز طاعة الزوج إذا أمر زوجته بالنمص ؟
اتفق الفقهاء على تحريم نتف الحاجبين لغير المزوجة، وللمزوجة إذا لم يأذن زوجها في ذلك.
واختلفوا في ما عدا ذلك، وسبب اختلافهم يرجع إلى أمرين: 
الأول: اختلافهم في معنى النمص، هل هو النتف خاصة، أم مطلق الأخذ من الشعر سواء كان بالنتف أو الحف (الحلق).
الثاني: اختلافهم في علة المنع، فمن رأى أنها التدليس والغش أجاز ذلك بإذن الزوج.

 

ومن رأى أنها تغيير خلق الله ابتغاء الحسن -كما هو المصرح به في الأحاديث- منع ذلك مطلقاً أذن الزوج أو لم يأذن، وهذا هو الصواب في المسألة.. ويدل عليه أمور: 
الأول: أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم استثناء المتزوجة. 
الثاني: أن النمص والوشم والوصل من جنس واحد، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم تحريمه بعلة واحدة هي تغيير خلق لأجل الحُسن، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يرخص للمتزوجة في وصل شعرها، مع إذن زوجها، بل وأمره لها بذلك. 
ففي الصحيحين وهذا لفظ البخاري: عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها. فقال: لا، إنه قد لُعن الواصلات.” 
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحوجنا إلى البحث عن علة التحريم في هذه الأمور، بل صرح بذلك في قوله: للحسن المغيرات خلق الله ، فلا وجه لأن يقال: إن العلة هي التدليس فيباح ذلك بإذن الزوج. 

 

ومما يؤكد ذلك: سياق حديث ابن مسعود، فإن أم يعقوب لما سألت ابن مسعود وذكر لها الحديث، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه؟ قال: فاذهبي فانظري. فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئا.

 

وهذا يدل دلالة قاطعة على أن النمص لم يكن شعارا للفاجرات، وإلا لم تعترض أم يعقوب ابتداء، ثم لم تظن انتهاء أن امرأة ابن مسعود وهي من فضليات الصحابة تفعله.

 

وعليه فلا يجوز طاعة الزوج فيما حرّم الله عز وجلّ قال صلى الله عليه وسلم : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف . رواه البخاري ومسلم .
وفي الحف (أي الحلق)لمن لها حاجة إلى ذلك مندوحة عن النمص.

 

وجاء في الموسوعة الفقهية ( 10-215 ( :
وتحسين وجه المرأة يكون بتنقيته من الشعر النابت في غير أماكنه ، فيستحب لها إزالته عند الحنفية . وإذا أمرها الزوج بإزالته وجب عليها ذلك عند الشافعية . فقد روت امرأة ابن أبي الصقر : أنها كانت عند عائشة- رضي الله عنها- فسألتها امرأة فقالت : ياأم المؤمنين! إن في وجهي شعرات أفأنتفهن ، أتزين بذلك لزوجي ؟ فقالت عائشة :” أميطي عنك الأذى ، وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة ، وإن أمرك فأطيعيه ، وإن أقسم عليك فأبريه ، ولا تأذني في بيته لمن يكره” . وقال المالكية : يجب على المرأة إزالة الشعر الذي في إزالته جمال لها ، كشعر اللحية إن نبت لها . ويجب عليها إبقاء ما في بقائه جمال لها ، فيحرم عليها حلق شعر رأسها ، ومنع من ذلك الحنابلة . ويتأكد تحسين المرأة هيئتها للزوج وتحسين الزوج هيئته للزوجة .

 

هل يجوز للمرأة أن تزيل الشعر الواصل بين الحاجبين ؟
نتف الشعر من الحاجبين محرم ،أما ما بين الحاجبين، فهو غير داخل في النهي، والأقرب دخوله في الإباحة؛ كإزالة الشعر الزائد على البدن كاليدين، أو الساقين،  وهذا مذهب المالكية واختاره جماعة من علماء الشافعية، والحنابلة، والحنفية .

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 241 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم

جديد الموقع