لا تكن على هامش الحياة

تاريخ الإضافة 27 أغسطس, 2021 الزيارات : 2574

لا تكن على هامش الحياة :
اعتاد بعض المسلمين على نمط معين من الحياة ودرج عليه، فيثقل عليه المشاركة، ويصعب عليه العمل، وكلما حدث بأمر كان الرد منه سلباً، حتى أصبح المسكين لا قيمة له ولا ينظر إليه، ولا يسمع لكلمته، ربما مع سعة علمه وعلو مركزه رضي بالدون ورضي برتابة الحياة، حتى ملها هو بنفسه، وأصبح يعيش في هامش الحياة لا معنى له، فكيف تريد من الآخرين أن يحترموك أو يستجيبوا لك أو حتى يسمعوا كلمتك؟

مع ما أوتيت من علم ومن مركز مرموق، فإن الناس ينظرون إلى علو همتك، وينظرون إلى صدق كلمتك، وينظرون إلى عملك .

يا أيها الأخ الحبيب!.إن بعض الناس إذا مات لا يبكيه أهله ومدينته فقط، بل تبكيه الأمة بكاملها؛ لأن الأمة فقدته، لم يفقده أهله لوحدهم، ولم تفقده مدينته لوحدها، بل فقدته الأمة بكاملها، كل الأمة تبكي عليه، من أجل أي شيء هذا؟

لأن الرجل كان رجلاً ممتازاً، كان رجلاً معطاءً، كان رجلاً عاملاً نشيطاً، وبعض الناس إذا مات بكاه أهله أياماً، وربما قالوا في قرارة أنفسهم: الحمد لله الذي أراحنا منه، فهو كلٌ عليهم، بل ربما ضاقت به نفسه التي بين جنبيه بهمومها وغمومها وقلقها ومرضها ونفسيتها، نفسه ربما ضاقت عليه، لماذا؟ لأنه لا همّ له إلا في شهواته وملذاته؛ فضاقت عليه نفسه، وضاق به أهله، وضاق به أهل مدينته، فكم من رجل وكم من امرأة، يتعوذ الناس من شره ومن شرها.

لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد فذ يموت بموته خلق كثير وشتان بين هذا وذاك، فإن من الناس من همته في الثرى -أي: في التراب- وإن من الناس من همته في الثريا، ولذلك كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يردد هذه الأبيات الجميلة، واسمع له أيها المحب! واسمعي له أيتها الأخت الغالية، كان يقول رحمه الله:

إذا ما مات ذو علم وتقـوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمة

وموت الحاكم العدل المولـى بحكم الأرض منقصة ونقمة

وموت فتى كثير الجود محل فإن بقاءه خصب ونعمه

وموت العابد القوام ليل يناجي ربه في كل ظلمة

وموت الفارس الضرغام هدم تشهدت له بالنصر عزمة

فحسبك خمسة يبكى عليهـم وباقي الناس تخفيف ورحمة

وباقي الخلق هم همج رعـاع وفي إيجادهم لله حكمه

أترضى أن تكون من التخفيف والرحمة؟! أترضين أيتها الأخت المسلمة الغالية! أن تكوني من الهمج الرعاع؟!

والله لا نرضى نحن لمسلم أن يكون تخفيفاً ورحمة، فضلاً على أن يكون من الهمج الرعاع، كيف يرضى مسلم عاقل أن يقتله روتين الحياة ورتابتها؟ كيف يرضى مسلم عاقل أن تذهب الأيام والليالي والشهور والسنون وهو على حاله بدون تطور ولا تقدم؟!

اسأل نفسك: كم عمرك الآن؟ كم بلغت من العمر الآن؟ عشرون سنة؟ ثلاثون سنة، أربعون سنة؟

أسألك بالله هل أنت راض عن نفسك أيها الأخ الحبيب؟!

ماذا قدمت خلال هذه السنوات؟

وهل أنت في تطور أم أنك ما زلت على حالك، وعلى ما أنت فيه منذ سنوات طويلة؟

إن المسلم العاقل صاحب المبدأ، وصاحب اليقين لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يقدم ما في وسعه، وحتى يتقدم، وحتى يكون غده أفضل من أمسه.

اسمع لابن الجوزي وهو يقول رحمه الله تعالى: ولله أقوام ما رضوا من الفضائل إلا بتحصيل جميعها، فهم يبالغون في كل علم ويجتهدون في كل عمل، ويثابرون على كل فضيلة، فإذا ضعفت أبدانهم عن بعض ذلك قامت النيات نائبة وهم لها سابقون، وأكمل أحوالهم إعراضهم عن أعمالهم، فهم يحتقرونها مع التمام، ويعتذرون من التقصير، ومنهم من يزيد على هذا فيتشاغل بالشكر على التوفيق لذلك، ومنهم من لا يرى ما عمل أصلاً؛ لأنه يرى عمله ونفسه لسيده.

من محاضرة الرجل الصفر لإبراهيم الدويش


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 44 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع