ما هو العلم اللدني ؟ (خطبة مفرغة)

تاريخ الإضافة 22 أغسطس, 2023 الزيارات : 9699

وقفات مع قصة موسى والخضر

2- ما هو العلم اللدني ؟

في الأسبوع الماضي تكلمنا عن نبي الله موسى لما وقف يخطب في بني إسرائيل ، فقال له رجل : يا نبي الله من أعلم أهل الأرض ؟ فقال موسى : أنا !!!

باعتبار أنه نبي الله ورسوله إلى بني إسرائيل ، وكليمه الذي كلمه الله على جبل الطور بدون حجاب ، وهو الذي أنزل الله عليه التوراة ، وأجرى الله على يديه المعجزات ، فأراد الله عز وجل أن يبين لموسى عليه السلام أن هناك مِن العباد مَن هو أعلم منه ، ولذلك أمره أن يسير إلى مكان معين يلتقي فيه مع الخضر عند مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ .
نتوقف اليوم مع قوله تعالى : -( فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما )- [الكهف/65]

ما المقصود بالرحمة ؟ و هل الخضر نبي أو ولي ؟

وما هو العلم اللدني الذي آتاه الله للخضر ؟

أغلب المفسرين على أن الخضر نبي ؛ ويستدل القائلون بنبوته بثلاثة أدلة :
الأول / معنى الرحمة في قوله تعالى : “آتيناه رحمة من عندنا” فالرحمة تطلق على الوحي والنبوة في عدة مواضع من القرآن،منها لما قال المشركون : -( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم )- [الزخرف/31] فكان الجواب : -( أهم يقسمون رحمة ربك )- [الزخرف/32] فالرحمة هنا يقصد بها النبوة .
الثاني / أن الخضر فعل أمورا لا يحل لمسلم أن يفعلها إلا بوحي من الله ؛ ربما خرق السفينة فيه أخذ ورد ، لكن ماذا عن قتل الغلام ؟ فلا ينبغي لأحد فعل ذلك إلا بوحي من الله عز وجل، والخضر قال في آخر الأمر -( وما فعلته عن أمري )- [الكهف/82]
الثالث / في قوله تعالى : -( وعلمناه من لدنا علما )- [الكهف/65] وهذا العلم اللدني عند الخضر هو العلم بالغيب ، فمن كان يدري الخضر أن ملكا يسعى وراء هؤلاء المساكين ليأخذ سفينتهم غصبا ؟ وما أدراه بالمستقبل أن الغلام لو شب سيكون كافرا ؟ ومن أدراه أن تحت الجدار كان كنزا ليتيمين ؟ هذا كله علم غيب يثبت بالوحي من الله للخضر ولذلك في الآية -( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )- [الجن26 /27]

هل الخضر ما زال حيا:

والصوفية يقولون بأن الخضر ما زال حيا ، وجمهور العلماء على أن الخضر ليس بحيٍّ ، سئل البخاري عنه وعن إلياس عليهما السلام -هل هما حيان- فقال: كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يبقى على رأس المائة ممَّن هو اليوم على ظهر الأرض أحد”
وفي صحيح مسلم عن جابر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية”
ولو كان الخضر حياً إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم لكان من أتباعه، ولنصره وقاتل معه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام مبعوث إلى الثقلين الجن والإنس جميعهما، والآيات الدالة على عموم رسالته كثيرة جداً كقوله تعالى:” قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا” [الأعراف:158] ، وقال عز وجل: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان:1] فلو كان الخضر حياً في زمانه لجاءه ونصره وقاتل تحت رايته.\

ماهو العلم اللدني ؟
البعض يقولون بأن هناك علم الشريعة وعلم الحقيقة ، علم الظاهر وعلم الباطن ، ما حقيقة هذا الأمر ؟
العلم نوعان : علم كسبي ، وعلم لدني .

العلم الكسبي :

هوالعلم الذي يكتسب بأدواته وأسبابه قال تعالى : -( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )- [النحل/78] فنحن ولدنا بلا معرفة لشيء ( لا تعلمون شيئا ) ولذلك كلمة ” أمي ” معناها أنه منسوب إلى أمه فبقي طول عمره بحكم جهله بالقراءة والكتابة على المعرفة التي كان عليها يوم ولدته أمه، وخلق الله لنا (السمع والأبصار والأفئدة) هذه أدوات العلم ، حواس الإدراك والوعي .
فالعلم الكسبي : هو العلم الذي يأخذه الإنسان بأسبابه ، كالشهادات العلمية في وقتنا الحاضر ، كيف تحصلت على هذه الشهادات؟ بالتعلم والاستماع والقراءة والكتابة وفهم المعلمين ، ثم تتخرج من الجامعة الفلانية ؛ فهذا كله هو العلم الكسبي بمعنى العلم الذي اكتسبته من خلال القنوات والطرق المعروفة ، لا يعقل أن أحدا يقف بين الناس يتكلم في مجال بدون علم كما ورد في الحديث ” إنما العلم بالتعلم ” فلن يتقدم أحد لإمامة الناس في القبلة إلا إذا كان سبق هذا التقدم تعلم كتاب الله عز وجل وفقه الصلاة ، ولن يستطيع أن يقوم طبيب بالكشف على الناس وتشخيص الأمراض ووصف الدواء إلا إذا اكتسب ذلك بعلم ، وهكذا في سائر العلوم والمجالات : المهندس المحامي المحاسب ، كافة التخصصات المختلفة ، فهذا يسمى العلم الكسبي الذي يكتسب بأسبابه ، فمن باشر أسباب هذا العلم علمه الله إياه.

أما العلم اللدني :

فهو العلم بلا واسطة لم يتعلمه من شيخ أو من كتاب، ولكنه علم من الله علمه إياه بطريق الوحي، وهذا العلم في المقام الأول اختص الله سبحانه وتعالى به الأنبياء والمرسلين قال تعالى لنبينا -صلى الله عليه وسلم- : -( وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما )- [النساء/113]

حدثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمور كثير من التشريع والحلال والحرام والثواب والعقاب ، كل هذا ما مصدره ؟ ومن أي علم النبي -صلى الله عليه وسلم- كل هذا ؟ فهذا علم لدني ، لم يكن في زمانه مدرسة دينية أو كتب يقرأ منها ويبلغ ، إنما علمه الله عز وجل .

وقال الله عن إبراهيم -( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين )- [الأنعام/75]

و قال تعالى : -( ففهمناها سليمان )- [الأنبياء/79]

و قال تعالى : -( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون )- [الأنبياء/80]

و قال تعالى : -( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا )- [مريم/12]

و قال تعالى : -( ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين )- [يوسف/22]

فهذا كله علم لدني فالذي علم الأنبياء والمرسلين هو الله عز وجل

ما الحكمة أن رسول الله كان أميا ؟

 قلنا من قبل : إن الله تعالى شاء أن يكون نبينا -صلى الله عليه وسلم- نبيا أميا ليبقى مصدرا واحدا للتلقي عنده وهو الوحي ، أي إنسان قاريء يمكنه أن يقرأ أي شيء وكل شيء في العلوم والثقافات والمذاهب الفكرية والأديان ….الخ ، وكثير ممن يقرأون بلا هدى أو إرشاد ضلوا وتاهوا ، ومنهم من زلت أقدامهم في متاهات كثيرة لأنه ليس عنده من يرشده ويدله على الطريق الصحيح ، أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد بعث أميا ليبقى له مصدرا واحدا للتلقي ؛ فهو لا يستطيع القراءة ولا الكتابة وبعث في أمة أمية ، فكل وسائل العلم المتوفرة حاليا في زمانه كانت غير متوفرة ، ولا متاحة ، ولذلك مضى ما مضى منذ بعثته -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا والقرآن كلام الله الذي -( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )- [فصلت/42] ما زال هو معجزة رسول الله الخالدة الدالة على صدقه ، وقد ذكر فيه الكثير من الحقائق العلمية والتي تندرج عند العلماء تحت باب الإعجاز العلمي في القرآن .

لو قلنا مثلا : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلبها من شخص أو عالم أو كتاب نقول: إنها أصلا لم تكن متوفرة في زمانه -صلى الله عليه وسلم- وهذا أكبر دليل على أنه تلقى القرآن من لدن حكيم عليم .
على سبيل المثال : الرسول قبل اختراع الأجهزة الطبية الحديثة يبلغ عن مراحل خلق الجنين في بطن أمه – (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين )- [المؤمنون12 /14]
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح….) من أين علم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الرقم بالتحديد (أربعين يومًا نطفة) ؟
لماذا لا تكون ثلاثين أو أكثر أو أقل؟
من أين له بهذه الدقة؟
فهذه الأمور في زمنه لم تكن معروفة في العالم كله لا في دول كبرى ولا متقدمة ، ولم يكن عندهم مراكز بحثية ، ولا أشعة تكتشف مراحل تطور الجنين في بطن أمه فلم يكن عندهم من أدوات العلم ما يكتشفون به ذلك كله.
فحكمة الله أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- أميا حتى لا يكون له مصدر للتلقي غير الوحي المنزل عليه من الله، فلا يبقى مظنة التهمة بأنه يتلقى القرآن من أحد من البشر.

والمشركون كانوا يبنون هجومهم على الرسول من خلال التشكيك في الوحي، فجاء الوحي ليقول لهم : ها هو محمد يخبر بأمور ليس في وسع البشر في زمانكم أن يعرفونها.

ماذا قال جاري ميلر عن القرآن ؟

ولذلك جاري ميلر(أستاذ الرياضيات بجامعة ماكجيل بكندا ) لما أراد دراسة القرآن ليخرج الأخطاء منه قال :إنه كأستاذ جامعي ما من أحد قرأ له إلا ووجده يعتذر إن كان هناك خطأ أو خلل أو استدراك ، وأنه على استعداد للتصحيح والتصويب ، ويقوم بذلك في الطبعات التالية للكتاب ؛ لأن هذا جهد بشري قابل للتعديل والتقديم والتأخير و الحذف والإضافة ، يقول لكن الملفت في القرآن أنك تقرأ في أول آياته -( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )- [البقرة/2] لا ريب : لا شك فيه .
فالأمية ليست نقصا في رسول الله أو شيئا يعاب به ، بل هو الأمي الذي علم العالم ، -صلى الله عليه وسلم- .
أما الأمية في حقنا فهي نقص لأنه ينبغي على كل مسلم أن يقرأ ويتعلم ويأخذ بأسباب العلم ، وأول آية نزلت في كتاب الله من الوحي -(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خلق الإنسان من علق )- [العلق1 /2]

أوهام انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي:

والبعض ظن أن وصف الرسول بأنه أمي أن في ذلك انتقاص لقدره ومكانته -صلى الله عليه وسلم- وهناك من أحب أن يتجمل فقال: إن رسول الله كان يقرأ ولا يكتب!!!

وماذا عن كلمة أمي الواردة في القرآن؟ قالوا أمي نسبة لأم القرى!!

وهذه كلها أوهام انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لا أساس لصحتها.

الرسول كان أميا والعرب الذين بعث فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصفوا في القرآن بهذا الوصف ، قال تعالى: -( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته) – [الجمعة/2] و -( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) – [الأعراف/158] و -( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) – [العنكبوت/48]

الأنبياء كانوا معلمي حضارة :
هناك لفتة أخرى وهي أن الأنبياء بالإضافة إلى أنهم تلقوا الشريعة والدين من الله سبحانه وتعالى بالوحي ، فمنهم من علمه الله بعض أسباب الحضارة ليعلموا البشرية ، فنبي الله يوسف علم البشرية كيفية تخزين الغلال ( كالقمح والشعير والأرز) لما حدثت المجاعة قال : -( قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون )- [يوسف/47] ثم ماذا ؟ -( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون )- [يوسف/48] فصوامع يوسف إلى الآن باقية بآثارها في مصر لتكون شاهدة كيف أن الله سبحانه وتعالى علم أنبياءه شيئا تنتفع به البشرية .
أيضا قبل زمن داوود كانوا يتقاتلون في المعارك بصدور عارية فعلم الله داوود صنعة الدروع ومن معجزاته عليه السلام أن الله ألان له الحديد ، كان يضفر الحديد كضفيرة المرأة قال تعالى : -( ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد )- [سبأ/10] فداوود تعلم صناعة الدروع من الوحي ثم علمها للبشرية فيما بعد قال تعالى : -( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون )- [الأنبياء/80] .
أيضا يذكر أن إدريس أول من خاط الثياب وكتب بالقلم .
والأمثلة عديدة حتى لا أطيل ، فالله سبحانه وتعالى آتى الأنبياء علم الشريعة والدين، وعلمهم بعض الأمور التي فيها حضارة للبشرية .

العلم اللدني لأولياء الله:
العلم اللدني هو العلم الذي علمه الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله من خلال الوحي ، أما بالنسبة لأولياء الله عز وجل فيقصد بالعلم اللدني بالنسبة لهم : ما كان من هدى يهدي الله به من شاء من خلقه ، والله سبحانه وتعالى قال : -( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )- [محمد/17] و قال تعالى : -( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون )- [الأنعام/122] فهذا النور نور البصيرة ونور في القلب هو نور الهداية .. هذا من لدن الله عز وجل .

فهم ابن عباس للقرآن :

على سبيل المثال : نحن عندنا القرآن الكريم وصحابة رسول الله من الوفرة والكثرة في زمانهم واجتهاداتهم الكثيرين إلا أن الله استجاب دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس حينما قال : ” اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ” أي تفسير القرآن ، فآتى الله ابن عباس فهما للقرآن الكريم زائدا عن غيره ؛ هذا الفهم لا يوجد في الكتب وإنما هو من الله ، وهو فهم لكتاب الله وليس بعيدا عن كتاب الله ، فهذا من الإلهام والتوفيق الإلهي ، ناهيك عن شطحات البعض باسم الفتح الرباني ولا علاقة لها بكتاب الله ومراد الله .

فمثلا : ابن عباس لما سأله عمر عن ليلة القدر قال إني لأعلم أي ليلة القدر هي ؟ سابعة تمضي – أو : سابعة تبقى – من العشر الأواخر . فقال عمر : ومن أين علمت ذلك ؟ قال ابن عباس : خلق الله سبع سموات ، وسبع أرضين ، وسبعة أيام ، وإن الشهر يدور على سبع ، وخلق الإنسان من سبع ، ويأكل من سبع ، ويسجد على سبع ، والطواف بالبيت سبع ، ورمي الجمار سبع . . . لأشياء ذكرها . فقال عمر : لقد فطنت لأمر ما فطنا له .

وقال ابن عباس أيضا : كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وَجَد في نفسه، فقال: لِمَ يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه ممن قد علمتم، فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيتُ أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليُريهم، فقال: ما تقولون في قول الله، -عز وجل-: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نَحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفُتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجلُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه له، قال: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فذلك علامة أجلك، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ” لا أعلم منها إلا ما تقول”
فهذا فهم أوتيه ابن عباس ولا يوجد في الكتب إنما هو من توفيق الله وهدايته .

ابن سيرين وتفسير الرؤى :

ابن سيرين وهو ممن فتح الله عليه في موضوع تفسير الرؤى ، وبالمناسبة هذا الكتاب المشهور ليس كتابه وإنما هو منسوب إليه ، جاءه فى يوم رجلان -كل منهما على حدة – فقال الاول : إنى رأيت فى المنام انى أؤذن وقال الآخر كذلك ، فنظر الامام ابن سيرين للأول وقال له: سيكتب لك الحج إن شاء الله ثم نظر للثاني فقال وأنت سارق فتب عما أنت فيه.
فلما خرج الرجلان قال أحد جلسائه له لم تعددت الإجابة والرؤية واحدة؟ فقال : نظرت فى وجه الأول فرأيت نور الطاعة فتذكرت الآية الكريمة(وأذن فى الناس للحج يأتوك رجالا) ونظرت فى وجه الثاني فرأيت شؤم المعصية فتذكرت الآية ( ثم أذن مؤذن أيتها العيرإنكم لسارقون)

فكل اجتهاد صحيح في فهم كلام الله أو كلام رسوله هو من توفيق الله للعبد ، أما تفسير القرآن بعيدا عن النص القرآني ودلالته من خلال ما عرف بالإشارات والشطحات فهذا غير مقبول ولا يسمى علم لدني ، وربما يكون من أباطيل الشيطان.
وفي الحديث بقية في الخطبة المقبلة إن شاء الله .
نسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم اللهم آمين.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 277 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم