المثالية في العبادة

تاريخ الإضافة 11 أبريل, 2024 الزيارات : 594

المثالية في العبادة

يقول : ظللت ثلاث سنوات أحاول أن أحفظ سورة البقرة لم أقدر!
طوال السنة الماضية نفسي أصلي القيام 11 ركعة مثل النبي ﷺ لم أقدر!
دخلت كذا دورة علم شرعي، لكن للأسف لا أكمل!
حاول الاستمرار على ورد قرآن كبير،خمسة أجزاء في اليوم… لكن أفتر بسرعة، وأهجر القرآن لكثرة انشغالي!

الرغبةُ في التميُّز وأداء الأعمال على الوجه الأكمل – سواءٌ الأعمال الدينية والدنيوية – دليلٌ على عُلوِّ هِمَّتك، غيرَ أنَّ للإنسان طاقةً محدودةً، وقدرةً مُعيَّنةً على الأعمال، وعجزًا أيضًا، ومِن رحمة الله تعالى أنه لا يُكلِّفنا إلا ما في طاقتنا ووُسعِنا، ولو تأمَّلتَ بعضَ ما وَرَدَ في الشريعة السمحاء، لأدركتَ أنَّ الشارع الحكيم قد حثَّ على الاستقامة، وهي: السدادُ والغايةُ في التميُّز، ولكن جعَلها مرتبطةً بطاقة المكلَّف؛ بحيث لا يَغلو ولا يُقصِّر.

 الإنسان الذي يقوم بالعبادة كاملة على الوجه الأكمل بدون تقصيرلا وجود له- بعد الأنبياء طبعا- ، لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، فمن يعجز عن الحفظ مثلا كل يوم يخصص يوما في الأسبوع للحفظ وماذا عليه لو حفظ سورة البقرة مع الاتقان في سنوات ؟
ومن يجاهد ليصلي القيام كثيرا، لو بدأت بركعتين ، وتدرجت.. أو تخصص يوما كيوم الإجازة الأسبوعية للقيام فهذا شيء عظيم ، وتأمَّلْ قوله تعالى: ﴿ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ [المزمل: 20]؛ أي: لن تُطيقوه، ثم بيَّن الحكمةَ مِن هذا التخفيف؛ فقال سبحانه: ﴿ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ [المزمل: 20].

والنبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (استقيموا ولن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالكم الصلاة، ولا يُحافظ على الوضوء إلَّا مؤمنٌ)؛ أي: لن تُطيقوا العمل بكلِّ ما لله عليكم، فدَلَّ على أنَّ التميُّز في العبادة الذي هو الاستقامة يكون بحسَب الطاقة.

والهمة العالية في البدايات وحب المثالية والكمال يضيع عليك فرصة التدرج ، والنبيِّ صلى الله عليه وسلم حض أُمَّتَه على القصد والمداوَمة على العمل وإن قلَّ: خشيةُ الانقطاع عن العمل الكثير؛ فقال: (سدِّدوا وقاربوا وأبشِروا، فإنه لن يُدخل الجنةَ أحدًا عملُه)، قالوا: ولا أنتَ يا رسول الله؟ قال: (ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدني اللهُ منه برحمةٍ، واعلموا أن أحبَّ العمل إلى الله أدومه وإنْ قلَّ).

وأيضا قوله : (يا أيها الناس، خُذوا من الأعمال ما تُطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتى تملُّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قلَّ)

فطَلَبَ الكمال لا يعوق التميُّز؛ بل على العكس تمامًا، هو داعٍ إلى التميُّز، فإن ضعُفْتَ عن الكمال، فلا يتسلَّل إليك فكرٌ سلبيٌّ؛ سواء بالضيق، أو تَرْك العمل، أو غير هذا، وتذكَّر أنَّ الأصل هو استقامة القلب على كل حالٍ، وأنَّ عمَلَ الجوارح يكون بحسَبِ الطاقة، حتى في الكفِّ عن الذنوب إن غلبتْك الطبيعةُ البشريةُ، فتذكَّر حديث أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بِيَدِه، لو لم تُذنبوا لَذَهَبَ الله بكم، ولَجاء بقومٍ يُذنبون، فيستغفرون الله فيَغْفِر لهم)؛ رواه مسلم، والمهمُّ عدم الإصرار، والإسراع بالتوبة.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 27 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع