تفسير سورة الحجرات 3- التثبت من الأخبار

تاريخ الإضافة 8 يونيو, 2025 الزيارات : 10373

(3)التثبت من الأخبار

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]

هل صح سبب نزول في هذه الآية ؟

 ذكر أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ليجبي الزكاة من بني المصطلق، فلما أقبل إليهم لأخذ الزكاة استقبلوه في الطريق؛ فخيل إليه أنهم سيقتلونه؛ فرجع هاربا إلى المدينة وقال: منعوا الزكاة، وكادوا يقتلونني، فصدقوه، وهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يغزوهم ، وبينما هو كذلك إذ جاء وفدهم؛ وفد بني المصطلق، وقالوا: يا رسول الله، إننا استقبلنا رسولك، وإنه رجع بعدما قابلنا، فقال: هل منعتم؟ قالوا : ما منعنا وإنما فرحنا بقدومه فعند ذلك نزلت الآية.

والصحيح الذي يليق بصحابة رسول الله عدم ثبوت صحة هذه القصة وقد وردت بأسانيد كلها ضعيفة .[4]

{ إن جاءكم فاسق } الفاسق هو من انحرف في دينه وعقيدته ومروءته،

وضده العدل وهو من استقام في دينه ومروءته.

ومفهوم المخالفة [1] يفيد أنه إن جاءنا عدل فإننا نقبل الخبر، إلا إذا كان الخبر مستغربا ، أو انفرد به عن الناس ،أو كان هناك دلائل قوية تكذبه ، أو كان يخبر عن قوم بينه وبينهم شحناء ،أو عرف عن هذا الناقل- رغم صلاحه – التسرع والعجلة ،إلى غير ذلك من الأسباب والاعتبارات .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: وكثير من الناقلين ليس قصده الكذب، لكن المعرفة بحقيقة أقوال الناس من غير نقل ألفاظهم، وسائر ما به يعرف مرادهم قد يتعسر على بعض الناس، ويتعذر على بعضهم ) [2]

وقال ابن القيم – رحمه الله -: صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، ثم قال: وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد، يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد .[3]

ولا ننس حادثة الإفك ورمي الصديقة بنت الصديق بالبهتان ، رمى ابن سلول الكلمة فتلقفتها ألسنة المنافقين ، بل ووقع فيها بعض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بين الله – عز وجل – الحكمة من كوننا نتبين خبر الفاسق فقال:

{ أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }يعني أمرناكم أن تتثبتوا كراهة أن تصيبوا قوما بجهالة؛ لأن الإنسان إذا تسرع ولم يتثبت فقد يعتدي على غيره بناء على الخبر الذي سمعه من الفاسق، وقد يكرهه، وقد يتحدث فيه في المجالس، فيصبح بعد أن يتبين أن خبر الفاسق كذب نادما على ما جرى منه .

وفي هذه الآية دليل على أنه يجب على الإنسان أن يتثبت فيما ينقل من الأخبار ولا سيما مع الهوى والتعصب، فإذا جاءك خبر عن شخص وأنت لم تثق بقول المخبر فيجب أن تتثبت، وألا تتسرع في الحكم؛ لأنك ربما تتسرع وتبني على هذا الخبر الكاذب فتندم فيما بعد

وجوب التثبت من الأخبار وخطورة الشائعات

تتطور الشائعات بتطور العصور، ويمثل عصرنا الحاضر عصرا ذهبيا لرواج الشائعات المغرضة، وما ذاك إلا لتطور التقنيات، وكثرة وسائل الاتصالات، التي مثلت العالم قرية كونية واحدة، فآلاف الوسائل الإعلامية، والقنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية  (الانترنت )  ووسائل التواصل الاجتماعي، تتولى نشر الشائعات المغرضة، والحملات الإعلامية .

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ” متفق عليه .

وإن من أولى الخطوات في مواجهة حرب الشائعات تربية النفوس على الخوف من الله، والتثبت في الأمور، فالمسلم لا ينبغي أن يكون أذنا لكل ناعق، بل عليه التحقق والتبين، وطلب البراهين الواقعية، والأدلة الموضوعية، والشواهد العملية، وبذلك يسد الطريق أمام الأدعياء، الذين يعملون خلف الستور، ويلوكون بألسنتهم كل قول وزور.

كيف عالج الإسلام انتشار الإشاعات ؟

عالج الإسلام انتشار الإشاعات عن طريق ثلاثة أمور:

1- التثبت.

والتثبت له طرق كثيرة؛ فمنها :

أ- إرجاع الأمر لأهل الاختصاص:

يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83]

 قال الشيخ السعدي- رحمه الله -: في تفسير هذه الآية : هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.

وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيقدم عليه الإنسان؟ أم لا فيحجم عنه؟) [5]

فكم من إشاعة كان بالمكان تلافي شرها بسؤال أهل الاختصاص.

ب- التفكر في محتوى الإشاعة:

إن كثيرا من المسلمين لا يفكر في مضمون الإشاعة الذي قد يحمل في طياته كذب تلك الإشاعة، بل تراه يستسلم لها وينقاد لها وكأنها من المسلمات.

ولو أعطينا أنفسنا ولو للحظات في التفكر في تلك الإشاعات لما انتشرت إشاعة أبدا.

لقد بين الله حال المؤمنين الذين تكلموا في حادثة الإفك فقال سبحانه: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: 15]

(إذ تلقونه بألسنتكم ) ومن البديهي أن الإنسان يتلقى الأخبار بسمعه لا بلسانه ، ولكن أولئك النفر من الصحابة الذين وقعوا في الإفك لم يستعملوا التفكير، لم يمروا ذلك الخبر على عقولهم ليتدبرا فيه، بل قال الله عنهم أنهم يتلقون حادثة الإفك بألسنتهم ثم يتكلمون بها بأفواههم من شدة سرعتهم في نقل الخبر وعدم التفكر فيه.

2- الأمر الثاني: الناقل للإشاعة من الفاسقين.

كما في الآية السابقة يقول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا …) فجعل الله من نقل الخبر دون تثبت من الفاسقين.

فمجرد نقل الأخبار دون التأكد من صحتها موجب للفسق؛ وذلك لأن هذه الأخبار ليس كلها صحيح، بل فيها الصحيح والكاذب، فكان كل من نقل كل خبر وأشاعه؛ داخل في نقل الكذب، لذا جعله الله من الفاسقين.

وقد صرح النبي بذلك كما في صحيح مسلم : (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

فالمؤمن لابد له من الحذر في أن يكون عند الله من الفاسقين .

والعاقل يعلم أنه ليس كل ما يسمع يقال.

ولا كل ما يعلم يصلح للإشاعة والنشر.

وصح عنه – عليه الصلاة والسلام – أنه قال: (بئس مطية الرجل: زعموا) رواه أبو داود وغيره.

وأما إن كانت الشائعة صحيحة واقعة، لكن في إذاعتها مفسدة وأذى، فإن ذلك محرم أيضا، خاصة إذا كان فيها أذية لمسلم وإضرار به، وتتبع لعوراته .

عن أبي برزة الأسلمي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وأحمد.

3- الأمر الثالث: التفكر في عواقب الإشاعة:

وعودة مرة ثالثة للآية السابقة في سورة الحجرات يقول الله تعالى: ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )

هلا تفكرت في نتائج الإشاعة؟ هلا تدبرت في عواقبها؟

فاعلم أخي: إن كل خسارة، كل هم وغم أصاب أخاك المسلم، كل أموال أهدرت بسبب إشاعتك التي نشرتها أو ساعدت في نشرها فلك نصيب من الإثم فيها.

حادثة الإفك :

ولعل من أشهره الإشاعات قصة الإفك، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة ، وتتعرض لعرض أكرم الخلق على الله – صلى الله عليه وسلم -، وعرض الصديق والصديقة وصفوان بن المعطل – رضي الله عنهم أجمعين- وشغلت هذه الشائعة المسلمين بالمدينة شهرا كاملا، والمجتمع الإسلامي يصطلي بنار تلك الفرية، وتعصره الشائعة الهوجاء عصرا،  حتى نزل الوحي ليضع حدا لتلك المأساة ، ويرسم المنهج للمسلمين عبر العصور للواجب اتخاذه عند حلول الشائعات المغرضة ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾ [النور: 12]

إلى قوله سبحانه: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 16-17]

وقد ورد أن أبا أيوب الأنصاري قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب، أما تسمع ما يقول الناس في عائشة، رضي الله عنها؟

قال: نعم، وذلك الكذب. أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله.

قال: فعائشة والله خير منك.

تقول عائشة – رضي الله عنها-: (فمكثت شهرا لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم)، حتى برأها الله من فوق سبع سماوات، – رضي الله عنها وأرضاها-.

كيف نتعامل مع الإشاعات ؟

لابد أن يكون هناك منهج محدد لكل مسلم يتعامل فيه مع الإشاعات،

ونلخصها في أربعة نقاط مستنبطة من حادثة الإفك، التي رسمت منهجا للأمة في طريقة تعاملها مع أية إشاعة إلى قيام الساعة :

النقطة الأولى: أن يقدم المسلم حسن الظن بأخيه المسلم:

 قال الله تعالى : ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾ [النور: 12]

النقطة الثانية: أن يطلب المسلم الدليل على أية إشاعة يسمعها يقصد بها الخوض في عرض مسلم أو مسلمة:

 قال الله تعالى: ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور: 13]

النقطة الثالثة: ألا يتحدث بما سمعه ولا ينشره:

فإن المسلمين لو لم يتكلموا بأية إشاعة، لماتت في مهدها قال الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 16]

النقطة الرابعة: أن يرد الأمر إلى أولى الأمر:

 ولا يشيعه بين الناس أبدا، وهذه قاعدة عامة في كل الأخبار المهمة، والتي لها أثرها الواقعي: قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83]

فإذا حوصرت الشائعات بهذه الأمور الأربعة، فإنه يمكن أن تتفادى آثارها السيئة المترتبة عليها بإذن الله عز وجل.

أهم ما يستفاد من الآيات

  1. وجوب التثبت من الأخبار قبل التصديق بها، خاصة إن جاء بها فاسق.
  2. التحذير من الاستعجال في نقل الأخبار دون تحقق، لما فيه من خطر إصابة الأبرياء بالباطل.
  3. الخوف من الندم لاحقًا بسبب العجلة وعدم التثبت.
  4. ليس كل خبر مقبولًا ولو من عدل، ما لم تُدرس الملابسات وتُراعَ القرائن.
  5. ضرورة إحالة الأخبار المهمة إلى أهل العلم والعقل والدراية (أولو الأمر).
  6. الشائعات سلاح خطير يهدم المجتمعات ويهز الثقة بين أفرادها.
  7. عاقبة الإشاعة تكون ندمًا وأذى ومفسدة عامة، وقد تصل إلى الفجور والفسق.
  8. وجوب حسن الظن بالمؤمنين عند سماع الإشاعات وعدم التسرع بالخوض فيها.
  9. نقل الأخبار دون بينة أو شهادة يعد من الكذب المحرم شرعًا.
  10. لا يجوز نشر الإشاعة ولو كانت صحيحة إن ترتب عليها أذى أو فتنة.
  11. من وسائل العلاج: حسن الظن، طلب الدليل، عدم الخوض، رد الأمر لأهله.
  12. حادثة الإفك نموذج قرآني خالد لحسن التعامل مع الأخبار الكاذبة.
  13. الإسلام سبق الأنظمة المعاصرة في التحذير من الأخبار الكاذبة وأسس قواعد لنشر المعلومة بمسؤولية.


[1] مفهوم المخالفة هو أحد أساليب الاستدلال في علم أصول الفقه، ويُقصد به: دلالة اللفظ على نقيض الحكم المذكور عند انتفاء القيد المذكور .بمعنى إذا ذُكر في النص حكمٌ مقيدٌ بوصف أو شرط، فنفهم أن الحكم يختلف عند عدم وجود ذلك الوصف أو الشرط.مثل قوله تعالى: “وأحل الله البيع وحرّم الربا” مفهومه: أن ما ليس بربا من البيوع حلال. وحديث”إنما البيع عن تراضٍ” مفهومه: أن البيع بلا تراضٍ لا يصح.

[2] [ انظر: منهاج السنة 6 -3030.]

[3] [انظر: أعلام الموقعين1-87.]

[4] انتشرت في كتب التفسير روايات تصف (الوليد بن عقبة) أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه هو الذي نزلت في هذه الآية وأنه فاسق بالنص من القرآن، يقول ابن كثير رحمه الله وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق، وقد روي ذلك من طرق ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق، وهو الحارث بن ضرار والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها، قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سابق، حدثنا عيسى بن دينار، حدثني أبي أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه، وهذا السند الذي قال عنه ابن كثير بأنه من أحسنها هو سند ضعيف؛ فإن في السند محمد بن سابق، ضعفه ابن معين ووثقه العجلي، وقال يعقوب بن شيبة (ثقة لا يوصف بالضبط) وقال الحافظ عنه في التقريب ( صدوق) ودينار وهو والد عيسى ذكره ابن حبان في الثقات مع أن ابنه عيسى هو من المجاهيل، فالرواية إذن ضعيفة بالرغم من أنها أحسن الموجود، ورواه الطبري أيضا وكذلك البيهقي في سننه (9/54) من طريق العوفي عن ابن عباس، وهذا إسناد مسلسل بالعوفيين والعوفيون ضعفاء كما هو معلوم، كذلك أورد ابن كثير أقوالا لمجاهد وقتادة وابن أبي ليلى، وكلها روايات مرسلة ، وهذه المرسلات لا تصلح لإثبات تهمة الفسق على صحابي فإننا لا نقبلها في أحكام الطهارة ولا الصلاة، فكيف نقبلها في جرح خير هذه الأمة؟ فلم يثبت بحمد الله من هذه الروايات شيء البتة.

وقال العلامة ابن عاشور: وقد اتفق من ترجموا للوليد بن عقبة على أنه كان شجاعا جوادا وكان ذا خلق ومروءة،  واعلم أن جمهور أهل السنة على اعتبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عدولا وأن كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به فهو من أصحابه.

وزاد بعضهم شرط أن يروي عنه أو يلازمه ومال إليه المازري. قال في «أماليه» في أصول الفقه «ولسنا نعني بأصحاب النبي كل من رآه أو زاره لماما إنما نريد أصحابه الذين لازموه وعززوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه وأولئك هم المفلحون شهد الله لهم بالفلاح» اهـ. وإنما تلقف هذه الأخبار الناقمون على عثمان إذ كان من عداد مناقمهم الباطلة أنه أولى الوليد بن عقبة إمارة الكوفة فحملوا الآية على غير وجهها وألصقوا بالوليد وصف الفاسق، وحاشاه منه لتكون ولايته الإمارة باطلا. «تفسير ابن عاشور التحرير والتنوير» (26/ 230)

[5] «تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن» (ص190)

 

Visited 126 times, 1 visit(s) today

تعليق واحد



اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع