أرسل الله رسوله محمدا بشرا مثلنا ، حتى تتحقق القدوة كاملة فيه صلى الله عليه وسلم ، لكن ألاحظ أن الكثير ممن يتكلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتحدثون إلا عن الغزوات والمعارك فقط ، وهذا ما أطلق عليه البعض “عسكرة السيرة “يعني حينما تتكلم عن السيرة النبوية نكتفي بالكلام عن الغزوات والمعارك فقط ؛غزوة بدر غزوة أحد، الخندق… وهكذا ، مع إهمال القدوة في حياة الرسول في الجوانب الأخرى.
وهذا لا يعني التقليل من القدوة فيه صلى الله عليه وسلم في أي جانب من الجوانب، لكن الذي أريد أن أقوله : إن إبراز جانب واحد، وإغفال بقية الجوانب الأخرى في الاقتداء به صلى الله عليه وسلم ليس صحيحا ، ولذلك أريد أن أخصص هذا اللقاء للحديث عن :
النبي الإنسان
ما المقصود بالنبي الإنسان ؟
كلمة الإنسان والإنسانية كلمة استعمالها حديث معناها : جانب المشاعر والرفق والرحمة أوالجانب العاطفي في حياة أي واحد منا ، لأن الإنسانية ضدها الحيوانية ، أو البهيمية ، أواللإنسانية ، أي التعامل مع الغير بقسوة وعنصرية، فحينما نقول رسول الله الإنسان فإننا نعني جانب القدوة فيه صلى الله عليه وسلم كبشر ، نتعامل معه كأب وجد و زوج ، نتعامل معه كإنسان له مشاعر وعواطف يعبر عنها في التعامل مع غيره ، بل والجانب الإنساني فيه كقائد ورئيس دولة حتى والله الجانب الإنساني في تعامله مع أعدائه.
وتتبع هذه المواقف النبوية في حياته صلى الله عليه وسلم وإبراز هذا المعنى الذي لن يختلف عليه اثنان يطول جدا ، وحينما كتب بعض المستشرقين عنه صلى الله عليه وسلم صوروه على أنه كان نبيا وحشيا لا يعرف إلا لغة الدم ، وسماه بعضهم نبي الخراب وبعضهم أراد أن ينصف فقال عنه : محمد كان ثائرا اجتماعيا قام بثورة ضد الأغنياء بمكة لصالح العبيد.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن نبيا وحشيا ولا خراب كذبوا والله في زعمهم -وفداه أبي وأمي – بل كان نبي حضارة وإنسانية ونجح في ربط الجانب الإنساني بالمنهج الرباني وربى أصحابه على هذا المنهج.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كبشر لم يكن قاسيا ولَم يكن متوحشا ولا ظالما ، بل كان إنسانا بكل ماتحمله الكلمة من معنى، وكان بسيطا متواضعا في كل شيء ، لم يكن له سلطان ولا صولجان ولَم يكن له جبروت ، ولا يحب إراقة الدماء ، وإزهاق الأرواح كالذين سطروا صحائفهم في التاريخ بالدماء والظلم والقسوة والوحشية، إنما كان رسول الله نبيا معلما وهاديا وقدوة نعم القدوة
ولذلك فإن إبراز هذا الجانب عندما نتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة مع غير المسلمين هذا أمر هام ومطلوب خاصة أننا نحتك هنا بثقافات عديدة وديانات لا يعرفون شيئا عن الرسول إلا بعض ما يردده الإعلام ويكون أغلبها مشوه ومزيف للأسف.
النبي الإنسان مع أبنائه :
فنجد النبي صلى الله عليه وسلم يعبرعن مشاعره في هذه البيئة القاسية حينما دخل عليه الأقرع بن حابس فأبصر النبي صلى الله عليه وسلم يقبل أحفاده ويمازحهم فقال متعجبا أو قل مستنكرا أو تقبلون صبيانكم ؟ إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا!!
وهو يعبر هنا عن الطبيعة القاسية التي نشأوا فيها طبيعة الصحراء بما فيها من قسوة وغلظة فماذا قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ قال له وما أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك ؟ من لا يرحم لا يرحم.
ونجده صلى الله عليه وسلم خارجا للصلاة يحمل ابنة ابنته زينب -اسمها أمامة – ودخل الصلاة وهو يحملها ليعلم الأمة الرحمة بالصغار وحب الأطفال والتلطف بهم فكان صلى الله عليه وسلم إذا قام رفعها وإذا ركع أو سجد وضعها وهكذا طوال الصلاة.
ففعله صلى الله عليه وسلم دليل على جواز حمل الطفل في الصلاة وخاصة الأمهات لأنهن ألصق بأطفالهن الصغار ، وربما يتحرك الطفل نحو شيء فيه خطر عليه فالأمان حمله أثناء الصلاة.
وفيه إظهار اللطف والرفق في معاملة البنت الصغيرة في مجتمع كانوا بالأمس يرون إنجاب البنت عارا على أبيها.
ولاننس مشهد الحسن بن علي رضي الله عنهما حينما سجد النبي صلى الله عليه وسلم يوما فارتحل (ركب) الحسن ظهر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأطال النبي في السجود حتى رفع أحد الصحابة رأسه يخشى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أصابه مكروه فرأى الحسن فوق ظهره ، وبعد الصلاة قال الصحابة للرسول ظننا أنه يوحى إليك ؟
قال : كلا ولكن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله .
فتتوقف الجماعة كلها ويطوّل السجود خوفا على الطفل الصغير أن يصيبه أذى.
وكان صلى الله عليه وسلم يجعل الحسن والحسين على ظهره ويقول نعم الجمل جملكما ونعم الراحلان (الراكبان)أنتما.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم الحسن وقد أقبل عليه وهو قائم يخطب على المنبر فرآه يتعثر في الناس ، وكان الحسن آنذاك طفلا صغيرا يريد أن يصل إلى جده على المنبر والمسجد ممتليء بالمصلين، فماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قطع الخطبة ونزل من على المنبر حتى بلغ مكان الحسن فحمله وأجلسه بجانبه وهو يتلو قوله تعالى -( إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم )- [التغابن/15] ثم قال رأيت ابني هذا يتعثر في الناس فلم أصبر على ذلك .
إنه صاحب القلب الكبير غلبته عاطفة الأبوة فقطع الخطبة ومد يده له وأجلسه بجانبه على المنبر.
والنبي صلى الله عليه وسلم يخفف من صلاته عند سماع بكاء الطفل الصغير رحمة بأمه ،يقول : إني لأقوم في الصلاة وأريد أن أُطَوِّل فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي قلب هذه الأم التي يشتغل قلبها عند بكاء صبيها، فيوجز في صلاته صلى الله عليه وسلم.
ولم يصدر قرارا عاجلا بمنع أي امرأة لها أطفال صغار ألا تأتي إلى المسجد أبدا، كلا إنما خفف من الصلاة.
أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟
جاء سبي (أسرى) لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذْ وجدت صبيًّا في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه معالما : أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟، قلنا: لا والله، فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها. هنا ذُكرت أجلى صورة في الرحمة وهي رحمة الوالدة على الولد، وفي مشهد يراه الجميع، تلك المرأة التي رآها في السبي تجول فإذا وجدت صبيًّا أرضعته، وإذا كانت والدة الإنسان هي أرحم أهل الأرض بالولد عادة، فهي أرحم من أبيه، وهي أرحم من قراباته، فضلاً عن الأباعد، فإن الله -تبارك وتعالى- أرحم بعبده من هذه بولدها.
النبي زوجا :
ونجد النبي العظيم صاحب المقام الرفيع مع زوجاته خير زوج لينا سمحا كريما ، في زماننا بعض الأزواج يعتقد أن الخشونة مع الزوجة والشدة هي من الرجولة وأن التقليل من شأن المرأة وعدم احترامها هذا كله من الرجولة!!
الرجولة أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي “لماذا لأهله تحديدًا؟! الأهل هم زوجتك وأولادك وأقاربك، وهؤلاء الأهل هم الأحق بحسن خلقك وبخيرك وبنفعك؛ لأن الأقربين هم أوْلى بالمعروف، فالحديث يقول لك: إذا كان عندك خير فليكن أهلك هم أَوّل المنتفعين من هذا الخير؛ لأنهم هم الذين معك ليلاً ونهارًا وسرًّا وعلانية، إن حزنت حزنوا معك، وإن فرحت فرحوا معك.
فخير الناس عند الله من كان خيره وبره ونفعه لأهل بيته، ليس في دنياهم فقط، بل في دنياهم وفي دينهم على حدّ سواء.
وتقول عنه عائشة : كان يرقع ثوبه ويحلب شاته ويخصف نعله (يعني يصلح نعله إذا انقطع) تقول فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة.
وبعض الأزواج يرى أنه لو ساعد امرأته في البيت فهذا يخل برجولته يقول مستنكرا أنا رجل أنا أقف في المطبخ ؟! فماذا للنساء ؟!
سبحان الله العظيم قد فعلها من هو خير منك قدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم سيد العالمين كان يفعلها لم يكن متكبرا أبدا فكان متواضعا حليما رفيقا في بيته.
يقول لعائشة إني لأعرف رضاك من سخطك:
يقول لعائشة إني لأعرف رضاك من سخطك: قالَتْ: قُلتُ: وكيفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ:إذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْرَاهِيمَ قالَتْ: أجَلْ، لَسْتُ أُهَجِرُ إلَّا اسْمَكَ يا رسول الله.
ومعنى قولها : “مَا أهْجُرُ”، أي: ما أترُكُ “إلَّا اسمَكَ”؛ لِغَضبي حالَ غَيْرتي عَليكَ، ولكنَّ المحبَّةَ ثابِتةٌ لكَ لا تَتَغيَّرُ بحالٍ. وفي القصة بَيانُ أنَّ الرِّضا والغَضبَ بينَ الأزْواجِ طِباعٌ بَشرِيَّةٌ تقعُ بينَ الناسِ جَميعًا حتى بينَ الأنبِياءِ ونِسائِهمْ، فَينبَغي الرَّفقُ في مَعرفةِ الأسْبابِ وحَلِّها.
أشركاني في سِلمِكما كما أشركتُماني في حربكما:
وجاء أبو بكر يستأذن على النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فسَمِع عائشةَ – رضي الله عنها – وهي رافعةٌ صوتَها على رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فأذِن له، فدخل فقال: يا ابنةَ أمِّ رُومان – وتناولها – أتَرْفعين صوتَكِ على رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -؟! فحالَ النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بينه وبينها، قال: فلَمَّا خرَج أبو بكر جعَل النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول لها يتَرَضَّاها: (ألاَ تَرَين أني قد حُلْتُ بيْن الرجل وبيْنَك؟)
ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه، فوجَدَه يضاحكها، قال: فأذن له فدخَل، فقال له أبو بكر: يا رسولَ الله، أشْرِكاني في سِلْمِكما كما أشْركتُماني في حَرْبِكما.
فانظرْ إلى النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – القُدوة؛ كيف أنَّه يُحادِث عائشة – رضي الله عنها – وهي ترْفَع صوتها عليه، ومع ذلك لم يُغضِبْه ذلك ولم يتبرَّم، فالعاقل مَن يستطيع أن يُوازنَ بيْن أموره، ومَن كَرِه خُلقًا رَضِي آخَر، وخطأ اليوم يُصلح في غدٍ، ثُمَّ انظر إلى الصِّدِّيق لم يعجبْه أن ترفع ابنتُه صوتها على رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فهَمَّ بها، فحال النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بينه وبين عائشة – رضي الله عنها – ثمَّ جعَل يترضَّاها فرَضِيت، هل يضرُّ رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أن ترضَى أو تغضَب عائشة؟! كلاَّ والله، بل إنَّ رِضاه هو – عليه الصلاة والسلام – هو المعتبَر، ولكن هذا درسٌ لنا معاشرَ الأزواج؛ حتى نتفَّهمَ طبيعةَ المرأة.
(غارت أمُّكم):
وكان النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – عندَ بعض نسائه، فأرسَلتْ إحْدى أمَّهات المؤمنين بصَحْفَة( طبق) فيها طعامٌ، فضربتِ التي النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – في بيتها يدَ الخادم،(وكانت عائشة) فسقطَتِ الصَّحْفة، فانفلقتْ، فجمَع النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فَلقَ الصَّحْفة، ثم جعَل يجمع فيها الطعامَ الذي كان في الصحفة، ويقول: (غارَتْ أمُّكم)، ثم حبَس الخادم حتى أُتِي بصَحْفة مِن عند التي هو في بيْتها، فدَفَع الصَّحْفة الصحيحةَ إلى التي كُسِرتْ صَحفتُها، وأمْسَك المكسورَة في بيْت التي كَسَرَت.
النبي يسابق عائشة:
قالت أم المؤمنـين عائشة رضي الله عنها إنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وهي جارية ( صغيرة ) ، قالت : ” لم أحمل اللحم ، ولم أبدن “فقال لأصحابه : تقدموا ، فتقدموا ، فقال تعالي أسابقك ! فسابقته فسبقته على رِجلَيّ . قالت :حتى إذا حملت اللـحم ، وبدنت، ونسيت ، خرجت معه في سفر ، فقال لأصحابه : تقدموا ، فتقدموا. ثم قال: تعالي أسابقك ، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم ، فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله ، وأنا على هذه الحال ؟ فقال: لتفعلن. فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك وقال: هذه بتلك السبقة .
معاملته مع أصحابه:
هذا معاملته مع زوجاته أما معاملته مع أصحابه فكان واحدا منهم يجلس حيث ينتهي به المجلس ويدخل الداخل فيقول : أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ ؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ ، لم يميز نفسه عن أصحابه، لا بلباس، ولا بأبهة، ولا بطريقة معيّنة في مجلسه ولا في مظهره، ما جعل الرجل يسأل عنه بين صحبه في مسجده (أيُّكم محمد؟)
وقال أبو هريرة : “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسًا يَعرفه الغريب إذا أتاه. قال: فبنينا له دُكانًا من طين فجلس عليه، وكنا نجلس بجنبتيه” (رواه أبو داود والنسائي)، والدُّكان هو الدَّكة المصنوعة للجلوس عليها.
وكان إذا جلس للطعام صلى الله عليه وسلم يقول : (أنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)
ومر رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، برجل فَأَخَذَته رِّعْدَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ”، أي أن هذا الرجل هاب الرسول، وهو حقا ذو هيبة عظيمة، كما قال عمرو بن العاص :وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه؛ إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه.
فهوّن النبي على الرجل وقال إنما أنا بشر عادي مثلكم، لا تعظموني ولا تخرجوني عن بشريتي، وأمّي امرأة من قريش، مثلها مثل باقي النساء، كانت تأكل القديد (اللحم المقطّع المجفف). بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنت ترسم بهذا الحديث منهج التواضع للشخص الذي قد يُنظَر إليه بهالة وهيبة، لئلا يرى نفسه على الناس، وكذا الناسُ أن لا يعظموا البشر فيخرجوهم عن طبيعتهم، فكلنا بشر عاديون، والمنهج القرآني في التفاضل هو: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”
قلادة خديجة :
( القِلاَدَةُ : ما يُجعَلُ في العنق من حَلْي ونحوِه)
زينب رَضِي اللَّه عَنْها ، كبرى بنات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زوجها النبي قبل البعثة من أبي العاص بن الربيع ، وهو ابن أخت أم المؤمنين خديجة ، ولما زفت زينب إليه أهدتها أمها خديجة قلادةً هدية زفافها .
وتمر الأيام ويكون أباالعاص بن الربيع من جملة أسرى المشركين في غزوة بدر ، وإذا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفاجأ أن ابنته زينب رَضِي اللَّه عَنْها بعثت القلادة التي أهدتها إليها أمها خديجة يوم زفافها ، فكاكا لزوجها من الأسر ، ولما رأى النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القلادة رقّ لها رقةً شديداً ، لقد أثارت القلادة في قلبه الشريف ذكريات زوجته خديجة رَضِي اللَّه عَنْها ، فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها قلادتها فافعلوا إن شئتم ، فقالوا : نعم يا رسول الله
إخواني والسيرة النبوية زاخرة بالمواقف الدالة على إنسانيته صلى الله عليه وسلم ، ورقة مشاعره وعظمة أخلاقه مع أبنائه وأحفاده و مع زوجاته ومع أصحابه ، ومع الناس جميعا بما يضيق المقام عن الإحاطة به ، أسأل الله أن يرزقنا حب نبينا وحب سنته وأن نكون مقتدين به في كل أموره ، وأن يفرح بنا قلب نبينا ،وأن يجعلنا رفقة حبيبه في الفردوس الأعلى من الجنة .
هو الشيخ الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2- حصل على الإجازة