كيف تقرأ كتابا ؟

تاريخ الإضافة 1 أغسطس, 2023 الزيارات : 2897

أهمية القراءة

ما هي هوايتك؟

هوايتي السباحة،صيد الأسماك، وأنا هوايتي السفر والترحال…

“وأنا هوايتي القراءة!!”

هل يصح أن يقول أحد: “هوايتي شرب الماء” مثلاً؟!!  إن كل الناس يشربون الماء؛ فهذه ليست هواية، وإنما هي ضرورة

وأنا أرى أيضًا أن أي إنسان لا بد له من القراءة..

يجب أن تقرأ ليس كتابًا أو اثنين فقط، وليس يومًا في الأسبوع أو شهرًا في السنة فحسب.. ولكن يجب أن تكون القراءة هي “منهج حياتك”…

لا يمر عليك يوم دون أن تقرأ… وليس المقصود أي قراءة…بل القراءة المفيدة النافعة.. القراءة التي تبني ولا تهدم، وتصلح ولا تفسد…

 

اقرأ

نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ب”اقرأ”؟! كان من الممكن أن يبدأ الوحي بأي كلمة أخرى غيرها، لكن هذا القرآن الذي استمرّ نزوله ثلاثًا وعشرين سنة بدأ بهذه الكلمة: “اقرأ”! ….الخ القصة

هل يُعقل أن تكون أولى كلمات القرآن نزولاً إلى الأرض كلمة تتحدث عن هواية قد يحبها البعض وقد ينفر أو يملّ منها البعض الآخر؟

 

لا شك أنه توجد وسائل كثيرة للتعلم مثل السماع والرؤية والخبرة والتجربة… لكن تبقى الوسيلة الأعظم في التعلم هي “القراءة”، وكأن الله عز وجل يعلمنا أنه مهما تعددت وسائل التعليم فلا بد لنا من “القراءة”.

والله عز وجل يحدد لنا في هذه الآيات الخمس ضابطين هامين للقراءة:

الأول: قال تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”… فلابد أن تكون القراءة بسم الله، ولا يجوز أن نقرأ ما يغضب الله.. أو  ما نهى الله عز وجل عن قراءته.

 

الضابط الآخر: هو ألا تخرجك القراءة ولا العلم عن تواضعك.. فلا تتكبر بالعلم الذي علمت.. بل تذكَّر على الدوام أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك به..

ويقول: “وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً”..

موقف فداء الأسرى في بدر…

ومع كل هذا فإن نسبة الأمية التامة – عدم القراءة أو الكتابة أصلاً – في الشعوب المسلمة تصل إلى37%…!!!

لكن هناك درجات كثيرة من الأمية غير المباشرة تنتشر في الأمة غير هذه الأميّة…

ربما تجد أستاذًا في الجامعة، أو طبيبًا كبيرًا، أو محاميًا على درجة عالية من التميّز في تخصصه، ومع هذا فلا علم له بالأساسيات التي يقوم عليه دينه.

 

البعض الآخر لديهم أمية سياسية؛ لا يعرف ماذا يحدث حوله في دنيا الناس، وكيف تسير الأمور.. لا يعرف ما يحدث في فلسطين والعراق، ولا ما يحدث في أمريكا وأوروبا… بل إنه لا يعرف ما يحدث في بلده!

ومن الناس من لديه أمية في القانون، لا يعرف ما هي حقوقه، وما هي واجباته…

وعلى ذلك فقس كل العلوم…

إن مفتاح قيام هذه الأمة هو كلمة: “اقرأ”

لا يمكن أن تقوم الأمة من غير قراءة

وهناك مشكلة أخرى، وهي أن الكثير من الشباب الذين يقضون وقتًا كبيرًا في القراءة، لا يحسنون اختيار المادة التي يقرءونها…   فمنهم من يضيّع الساعات في أخبار الرياضة، أو أخبار الفن، أو قراءة القصص العاطفية والروايات الغرامية

إذن فلدينا مشكلتان رئيسيتان:

الأولى: أن بعض الناس لم يتعودوا على القراءة، ويملّون سريعًا، وكلما علت همتهم وبدءوا في القراءة عادوا من جديد إلى الكسل والخمول، وهؤلاء في حاجة إلى وسائل تعينهم على القراءة وعلى الاستمرار فيها…

أما المشكلة الثانية: فهي أن بعض الناس يقرءون فعلاً، وينفقون أوقاتًا طويلة في القراءة، ولكنهم لا يقرءون لهدف معيّن، ولا يعرفون ماذا يقرءون لتصبح قراءتهم نافعة ومفيدة، وهؤلاء في انتظار حسن التوجيه إلى الموضوعات الأكثر نفعًا وفائدة..

 

كيف أحب القراءة؟!

 

هناك عشر وسائل هامة يعينك الله بها على حب القراءة:

الوسيلة الأولى, وهي أهم الوسائل على الإطلاق: استحضار النية..

ما هو هدفك من القراءة؟ ولماذا تقرأ؟

أنا أقرأ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، وقال لي ولكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر: “اقرأ”… ولذلك فقراءتي طاعة لربي…

أقرأ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا بغير العلم، ولا فلاح في الآخرة بغير العلم أيضًا…

أقرأ لأنفع من حولي: أمي وأبي وأولادي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف.. وأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا انتفع بشم رائحته العطرة…

أقرأ – أيضًا – لأنفع أمتي… لأن الأمة التي لا تقرأ – كما سبق أن أشرت – أمة غير مرهوبة، أمة متخلفة عن الركب، متبعة لغيرها، ولهذا فأنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم…

الوسيلة الثانية :أن تضع خطة للقراءة

لا داعي إذن للقراءة العشوائية، ينبغي وضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة بطريقة جيدة لا بد أن تكون على دراية كافية بإمكانياتك، والوقت المتاح للقراءة لديك، والكتب المتاحة، وما هي قدرتك على الاستيعاب، ولا بد أيضًا أن تعرف لماذا تقرأ…

بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة في ظل إمكانياتك وقدراتك، مثلاً سوف أقرأ هذه الكتب  الخمسة خلال

الوسيلة الثالثة: تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية:

وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لتقرأ ما يجب عليك قراءته، بل حدد لنفسك وقتًا معروفًا للقراءة، وأحسن اختيار هذا الوقت، وحاول أن تختار وقتًا يكون ذهنك فيه نشيطًا، وتكون فيه مستريحًا حتى تستطيع التركيز في القراءة والخروج بنتيجة جيدة.

كما ينبغي استغلال الأوقات البينية، في المواصلات،أو في أوقات انتظارك داخل عيادة أو مكتب لأداء عملٍ ما… ستزداد بركة اليوم وسيصبح طويلاً ومتسعًا على عكس الماضي.

 

الوسيلة الرابعة: هي وسيلة من الأهمية بمكان وهي التدرج.

عليك بالتدرج.. “إن هذا الدين متين؛ فأوغل فيه برفق” وخاصة إذا لم تكن متعودًا على القراءة، وإلا ستجد نفسك قد مللت سريعًا, وربما توقفت عن القراءة،

الوسيلة الخامسة: الجدية

عندما تقرأ أي كتابٍ أن تقرأه بنفس الهمة التي تقرؤه بها لو طلب منك مذاكرته لتؤدي فيه اختبارًا، وليس مجرد قراءة عابرة، وكلما قرأت شيئا سجّل ملاحظاتك، مثلا هنا معلومة تريد أن تتذكرها

عناصر هامة لأحد الموضوعات، ولك اعتراض على نقطة ما في أحد الكتب، أكتب كل ذلك

الوسيلة السادسة: التنسيق للمعلومات, والنظام في كل شيء:

النظام والتنسيق مطلوبان في كل شيء، فحاول أن تكون منظمًا في كل حياتك، وعندما تقوم بتسجيل المعلومات في دفترك الخاص بعد القراءة الواعية لا تسجلها هكذا مبعثرة.

الوسيلة السابعة: تكوين مكتبة متنوعة في البيت:

وكما يفكر الزوجان في أن يكون لهما غرفة نوم، و…، عليهما أيضا أن يفكرا أن يكون لهما في المنزل غرفة للمكتبة.. وهذا العمل ليس من أدوات الترف، بل هو شيء أساسي في المنزل

الوسيلة الثامنة: انقل ما تقرأ إلى غيرك:

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “بلغوا عني.. ولو آية” فالإنسان مطالب بأن يعلّم غيره ما تعلّمه هو، وفي هذا فوائد جمة، ومنافع عظيمة، منها تثبيت العلم في الذهن, وإفادة الغير بتعليمه، ويأخذ الإنسان مثل أجر من تعلم على يديه دون أن ينقص من المتعلم شيء، أضف إلى ذلك أن الله عز وجل يبارك له في علمه

 

الوسيلة التاسعة: أن تتعاون مع أصحابك وإخوانك في القراءة:

تستطيع أن تكوّن أنت ومجموعة من أصحابك مجموعةً للقراءة، كلٌ منكم يقرأ في مجال، وتلتقون  أسبوعيًا مرة أو مرتين أو كل أسبوعين مرة.. حسبما تقتضي الظروف، ويعرض كلٌ منكم ما قرأه على أصحابه، ويتم تبادل المعلومات بشكل منظم وممتع؛ فليس ما تقرؤه عينا إنسان واحد كالذي تقرؤه هذه الأعين مجتمعة، وليس ما يستوعبه عقل واحد مثل ما تستوعبه عقول ثلاثة أو خمسة، وبهذا يحفّز كلٌ منكم الآخر، ويأخذ بيده للخير والنفع

الوسيلة العاشرة والأخيرة من الوسائل المعينة على القراءة: هي أن تنقل مِن العلماء:

فلا بد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، ولتسأل المتخصصين: ماذا تقرأ، وبأي كتاب تبدأ، وما هو أفضل كتاب في هذا الموضوع، وإذا كنت قرأت كتابًا في موضوع معيّن فماذا تقرأ بعده وهكذا…

والعلماء السابقون – كما نعرف – أخذوا العلم عن غيرهم، وبدءوا من حيث انتهى من سبقوهم، ومن ثَمَّ استفادوا, وأفادوا غيرهم، وما تكبَّر أحد منهم على التعلم والسعي في طلب العلم وسؤال غيره، وكانوا يتواضعون عند من هو أعلم منهم، ويظهر ذلك بوضوح في قصص الأئمة العظماء والعلماء الأجلاء من أمثال البخاري والنووي وابن القيّم وغيرهم… وما وصلوا إلى هذه الدرجة من العلم إلا بنقل علوم غيرهم ثم الإضافة إليها وتطويرها.. فهداهم الله, وهدى بهم أجيالاً وأجيالاً.

ماذا أقرأ؟

 

المجال الأول: أول ما نقرأ.. وأعظم ما نقرأ.. وأهم كلمات نقرؤها هي كلمات القرآن الكريم

المجال الثاني: وهو أيضًا في غاية الأهمية: أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم..

المجال الثالث للقراءة هو: العلوم الشرعية.

المجال الرابع للقراءة هو: القراءة في مجال التخصص

المجال الخامس من مجالات القراءة وهو مجال مهم جدًا أيضًا: هو مجال التاريخ:

المجال السادس في القراءة بعد التاريخ: هو قراءة الواقع:..

المجال السابع من مجلات القراءة مجال نعاني قصورًا شديدًا فيه: هو مجال قراءة الرأي الآخر:

المجال الثامن للقراءة هو: القراءة في الشبهات التي أثيرت حول الإسلام وطرق الرد عليها...

ما هو وضع المرأة في الإسلام؟

كيف نرد على من يقول إن الإسلام انتشر بحد السيف؟

ما الرد على من يقول بأن الحدود ستخرج لنا شعبًا معوّقا مقطوع الأيدي؟

ما هو الرد على من يتهم الإسلام بأنه دين الإرهاب والقسوة والجمود والتخلف؟

المجال التاسع الذي نحتاج أن نقرأ فيه وربما يثير شيئًا من الغرابة: هو مجال الأطفال!!

 

المجال العاشر والأخير هو القراءة الترويحية!

النفس البشرية تملّ، وتحتاج إلى الترويح والتسلية، ولا مانع أن يقضي المسلم بعض وقته في القراءة الترويحية والترفيهية، لا مانع من قراءة الشعر الجميل، لا مانع من قراءة بعض الأخبار الرياضية، أو الكاريكاتير أو بعض الطُرف الجميلة، لكن لا بد أن نلتزم في هذا الجانب بشيئين مهمين:

الأول: ألا يوجد في هذا المجال خروج عن المنهج الإسلامي، أي لا نقرأ – مثلا – قصصًا غير أخلاقية؛ تشجع على الرذيلة، وتدفع البنت لتقابل حبيبها دون علم الأهل بذلك، مع تسمية هذا بالحب الشريف، ولا يكون ما نقرؤه من شعر إباحيًا نأثم بسببه…

الثاني: ألا يكون الوقت الذي ننفقه في الترفيه كبيرًا، لأننا أمة جادة، ترفّه عن نفسها أحيانًا، ولسنا أمة هزلية تعيش بعض لحظات الجد…

مختصر من رسالة للدكتور راغب السرجاني


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 356 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم