أنواع النجاسات وكيفية التطهر منها
النجاسة هي القذارة التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها ويغسل ما أصابه منها .
قال الله تعالى : ( وثيابك فطهر )المدثر4 وقال تعالى : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) البقرة 222
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الطهور شطر الإيمان ) رواه مسلم .
ولها مباحث نذكرها فيما يلي :
أنواع النجاسات :
( 1 ) الميتة :
وهي ما مات حتف أنفه : أي من غير تذكية ( الذبح الشرعي ) ، ويلحق بها ما قطع من الحي ، لحديث أبي واقد الليثي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة ) رواه أبو داود والترمذي وحسنه
ويستثنى من ذلك :
1- ميتة السمك والجراد : فإنها طاهرة ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : (أحل لنا ميتتان ودمان : أما الميتتان فالحوت ( السمك ) والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال ) رواه أحمد
وقول الصحابي أحل لنا له حكم الرفع ، لأن ذلك لا يكون إلا بإخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد تقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته )
ب – ميتة ما لا دم له سائل كالنمل والنحل والذباب ونحوها ، فإنها طاهرة إذا وقعت في شئ وماتت فيه لا تنجسه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء ) رواه البخاري ، وفي رواية لأبي داود ( وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء ) .
وهذا احديث ينبغي على المسلم أن يتلقاه بالقبول والتسليم وألا يعارضه بعقله القاصر ، لأنه قد ثبت وصح عمَّن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فكيف وقد جاءت حقائق العلم والطب الحديث بتصديقه وتأكيد ما فيه ؟! .
يقول الدكتور عبد الدائم كحيل : من الأشياء المثيرة عن عالم الذباب، أن العلماء اكتشفوا مادة مطهرة على جناح الذباب! وهذه ليست خيالاً علمياً بل حقيقة علمية. فقد تأكد العلماء قبل سنوات قليلة من وجود مادة تستطيع التهام البكتريا الضارة، وهذه المادة موجودة في جسم الذباب.
وبعد ذلك تبين أن هذه المادة قد ساهمت في القضاء على وباء الكوليرا الذي اجتاح الهند في بداية القرن العشرين. حتى إن بعض العلماء استخرجوا مضاداً حيوياً من الذباب واستخدموه في القضاء على بعض أنواع الجراثيم. وقد لاحظ العلماء أن هذه المواد الحيوية تخرج من جسم الذبابة عند غمسها في الماء أو السوائل الأخرى فتنطلق هذه المضادات بسبب الضغط الذي يمارسه السائل على جسم هذه الذبابة.
إذن الحقيقة العلمية الثابتة أن الذباب يحمل على جناحه الكثير من الجراثيم الخطيرة، وبنفس الوقت يحمل المضادات الحيوية والفيروسات القاتلة للجراثيم، إذن يمكن القول بأن الداء والدواء موجودان في ذبابة واحدة!!
ولا نعجب إذا علمنا بأن هذه الحقيقة العلمية قد تحدث عنها بالتمام والكمال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال في الحديث الصحيح: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء في الآخر شفاء) رواه البخاري. وسبحان الله الذي علّم هذا النبي الأمي عليه الصلاة والسلام هذا العلم. ففي كل كلمة من هذا الحديث حقيقة علمية:
1- قرر الحديث وجود الداء في جناح الذباب، وهذا لم يكن معروفاً في القرن السابع الميلادي زمن حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
2- قرر الحديث وجود الشفاء أو الدواء في جناح الذباب، وكما رأينا أنه ثبُت علمياً وجود المضادات الحيوية في الذباب.
3- أشار الحديث إلى ضرورة غمس الذبابة في الماء، وفي هذا إشارة إلى آلية خروج الأجسام المضادة من جسم الذبابة، بعد الضغط عليها إلى داخل السائل وغمسها جيداً فيه، وهذا ما ثبت علمياً أيضاً.
4- أكد الحديث على ضرورة نزع الذبابة من السائل لأن الهدف من غمسها هو إخراج المضادات الحيوية الموجودة فيها.
رابط المقالة : ما هو الإعجاز العلمي في حديث الذباب؟
ومما ينبغي أن يُتَنبه له حتى لا يبقى هناك مجال للمشككين في الحديث ، أن الأمر في الحديث إنما هو أمر إرشاد لا أمر وجوب فالنبي – صلى الله عليه وسلم – لم يأمر من وقعت ذبابة في طعامه أو شرابه أن يستمر في الطعام والشراب ، وإنما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن يأكل من هذا الطعام أو الشراب الذي وقعت فيه الذبابة أن يغمسها فيه ، وأما من لا يريد الأكل أو الشرب بأن تعاف نفسه منظر الذباب إذا وقع في الطعام أو الشراب فلا يلزمه الاستمرار ، ولا يكون بذلك مخالفاً لأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – .
ج – حكم أجزاء الميتة من حيث الطهارة والنجاسة :
1- عظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها:
فهذا طاهر ؛ لان الأصل في هذه كلها الطهارة ، ولا دليل على النجاسة .
لأنه لا روح فيه ولا يحله الموت ومالا روح فيه لا ينجس بالموت . ودليل أنه لا روح فيه أنه لا إحساس فيه وأما نموه فهذه حياة نباتية لا تنجس بالموت ، ولأنه لو انفصل الشعر حال الحياة لكان طاهراً ، ولو كانت فيه حياة لتنجس بالموت لقوله : ( ما قطع من بهيمة وهي حية فهو ميت ) رواه أحمد عن أبي واقد الليثي .
و قال الزهري : في عظام الموتى نحو الفيل وغيره : أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها ، لا يرون به بأسا ، رواه البخاري معلقا
-2 الجلد:. لقوله صلى الله عليه وسلم : ” إذا دبغ الإهاب فقد طهر “رواه مسلم . ولأنه وجد شاة ميتة فقال : ” هلا انتفعتم بجلدها ؟ ” قالوا : إنها ميتة قال : ” إنما حرم أكلها ” . رواه البخاري ومسلم
ملحوظة :ذكر الشيخ سيد سابق- رحمه الله – أن جلد الميتة من المستثنيات من نجاسة الميتة والصواب أن الجلد يطهر بالدبغ كما في الحديث السابق،ولهذا قال ابن حجر في الفتح : (واستدل به الزهري بجواز الانتفاع بجلد الميتة مطلقاً سواء دبغ أم لم يدبغ لكن صح التقييد من طرق أخري بالدباغ )
وقد رجع الشيخ بعد سرد أنواع النجاسات فذكر تطهير جلد الميتة بالدبغ (قاله الألباني في تمام المنة )
وعلى هذا :
ما حكم تطهير جلود الميتة بالدباغ :
للفقهاء أربعة أقوال:
1- الشافعي وأحمد : يطهر كل شئ إلا الكلب والخنزير.
2- مالك :لم يجعل الدبغ من المطهرات وحملوا الطهارة الواردة في الحديث على النظافة وأباحوا استعمال المدبوغ في اليابس والماء، وفي المذهب رواية أخرى أنه مطهر .
3- أبو حنيفة : يطهر كل شئ إلا الخنزير أما الكلب فإنه يطهر بالدبغ لأنه ليس نجس العين .
4- قول أبي يوسف وداود الظاهري والشوكاني :يطهر كل شئ حتى جلد الكلب والخنزير ،
وهو الراجح ؛ لأن الأحاديث الواردة في هذا الباب لا فرق فيها بين الكلب والخنزير وما عداهما كما قال الشوكاني في نيل الأوطار ، ومال إليه العلامة القرضاوي في كتابه فقه الطهارة
وعلى هذا ما ظهر الآن من بعض الصناعات الجلدية خاصة من جلد الخنزير (كالحقائب والأحذية والملابس ) لا حرج من استعمالها .
3– الأنفحة :
الأنفحة أوالمنفحة مادة مساعدة لصناعة الجبن، يمكن أن تكون سائلة أو جافة، تستخرج من معدة العجول الرضيعة وتحتوي على أنزيم الرنين الذي يعمل على تخثير الحليب لصنع الجبن، حيث يأخذون قطرة أو قطرتين من الأنفحة ويخففونها بماء ثم يضعون قطرات من هذا المخفف على كمية كبيرة من الحليب فيتجبن.
حكم الأنفحة :
ويختلف حكم الإنفحة باختلاف ما أُخذت منه :
1- إن أُخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة يجوز أكل الجبن المصنوع منها اتفاقاً .
2- وإن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية ، ففيها خلاف بين الفقهاء :
أ- فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنها نجسة ، ودليلهم: أن الإنفحة نجسة، لكونها في وعاء نجس، وهو كرش الميتة، فيكون مائعاً لاقى نجساً فتنجس بمجرد الملاقاة، ولأن اللبن لو صب في إناء نجس تنجس، فكذلك الإنفحة لكونها في وعاء نجس.
ب-وذهب جماعة من الصحابة والتابعين منهم عمر، وسلمان الفارسي، وطلحة، والحسين بن علي وغيرهم، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، واختاره ابن تيمية ؛ ذهبوا إلى طهارتها ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال في “الفتاوى ” والأظهر أن جبنهم حلال – أي المجوس – وأن إنفحة الميتة ولبنها طاهر….. لأن إنفحة الميتة طاهرة على هذا القول ، لأن الإنفحة لا تموت بموت البهيمة ، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس .
وإذا كان هذا هو الراجح ، فسواء علمنا مصدر الإنفحة وأنها من حيوان مذكى ، أو غير مذكى ، أو لم نعلم ، فلا حرج عليك في أكل الجبن المصنوع منها .
ما رواه ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل، قال: ذكرنا الجبن عند عمر، فقلنا: إنه يصنع فيه أنافيح الميتة، فقال: “سموا عليه وكلوه”. وهذا سند في غاية الصحة، وقال أحمد: هو أصح حديث في الباب، كما سبق.
ويدل عليه أيضا أن سلمان الفارسي كان نائب عمر بن الخطاب على المدائن، وكان يدعو الفرس إلى الإسلام، وقد ثبت عنه: أنه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء؟ فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه.
ومعلوم أنه لم يكن السؤال عن جبن المسلمين وأهل الكتاب، فإن هذا أمر بين، وإنما كان السؤال عن جبن المجوس: فدل ذلك على أن سلمان كان يفتي بحلها،
د- ميتة الآدمي ؛ وهي طاهرة لحديث : ” إن المؤمن لا ينجس ” متفق عليه .
ولم يفرق بين حال الموت وحال الحياة ومعلوم أن نجاسة المشرك المذكورة في قوله تعالى : ” إنما المشركون نجس ” إنما هي نجاسة معنى لا عين بدليل أنَّ الله تعالى أباح لنا أن نتزوَّج نساء أهل الكتاب، وأن نأكل طعامهم، مع أنَّ أيديهم تلامسه؛ والإنسان يلامس زوجته إذا كانت من أهل الكتاب، ولم يَرِدْ أَمْرٌ بالتَّطَهُّر مِنْهنَّ؛ وهذا هو القول الصَّحيح .
نعود إلى أنواع النجاسات :
( 2 ) الدم :
وهو إما دم إنسان أو حيوان وتفصيله على النحو التالي :
1- دم الحيض والنفاس و الاستحاضة :
دم الحيض نجس باتفاق العلماء ، والأدلة على نجاسته كثيرة نذكر منها :-
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ قَالَ{ تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ} متفق عليه
وحكم دم النفاس ودم الاستحاضة كحكم دم الحيض ، وكذا الدم الخارج من أحد السبيلين ( القبل أو الدبر) ، لملاقاة النجاسة فهو نجس.
-2 دم الإنسان غير دم الحيض :
وهو مختلف فيه بين المتقدمين من العلماء والمتأخرين على النحو التالي :
فقد ذهب الأئمة الأربعة إلى نجاسته ودليلهم على ذلك قول الله تعالى :{ قُل لاّ أَجِدُ فِي ما أُوْحِيَ إِلَيّ مُحَرّماً عَلَىَ طاعم يَطْعَمُهُ إِلاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلّ لِغَيْرِ الله بِهِ فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنّ رَبّكَ غَفُورٌ رّحِيمٌ } الأنعام – الآية 145.
بينما ذهب المتأخرون منهم على طهوريته منهم الشوكاني والألباني وابن عثيمين ودليلهم ما يلي :
1ـ أنَّ الأصل في الأشياء الطَّهارة حتى يقوم دليل النَّجاسة، ولا نعلم أنَّه أمَر بغسل الدَّمِ إلا دم الحيض، مع كثرة ما يصيب الإنسان من جروح، ورعاف، وحجامة، وغير ذلك، فلو كان نجساً لبيَّنه ؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى ذلك.
2 ـ أن الحكم على نجاسة الدم مخالفاً للسنة كما في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن جابر رضي الله عنه قال : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني في غزوة ذات الرقاع – فأصاب رجلٌ امرأة رجلٍ من المشركين ، فحلف – يعني المشرك – أن لا انتهي حتى أهريق(أسيل) دما في أصحاب محمد ، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا ؛ فقال : من رجل يكلؤنا ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار ، فقال : كُـونا بِـفَـمِ الشِّعب .
قال : فلما خرج الرجلان إلى فَـمِ الشعب اضطجع المهاجري ، وقام الأنصاري يصلي ، وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم ، فرماه بسهم ، فوضعه فيه ، فنزعه ، حتى رماه بثلاثة أسهم ، ثم ركع وسجد ، ثم انتبه صاحبه ، فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الــدمّ قال : سبحان الله ألا أنبهتني أول ما رمى ؟ قال : كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها ” صحيح أبي داود ”
وهو في حكم المرفوع لأنه يستبعد عادة أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ، فلو كان الدم الكثير ناقضا لبينه صلى الله عليه وسلم ، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو معلوم من علم الأصول .
وعلى فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم خفي ذلك عليه ، فما هو يخفى على الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، فلو كان ناقضا أو نجسا لأوحى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر لا يخفى على أحد .
-3 أنَّ المسلمين مازالوا يُصلُّون في جراحاتهم في القتال، وقد يسيل منهم الدَّمُ الكثير، الذي ليس محلاًّ للعفو، ولــم يـرد عنـه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الأمرُ بغسله، ولم يَرِدْ أنهم كانوا يتحرَّزون عنه تحرُّزاً شديداً؛ بحيث يحاولون التخلِّي عن ثيابهم التي أصابها الدَّم متى وجدوا غيرها.
وقد صلّى عمر رضي الله عنه بعدما طُعن وجُرحه يثعب دمـاً . يعني يجري أو ينزف دما.
ولذا قال الحسن – رحمه الله – : ما زال المسلمون يُصلُّـون في جراحاتهم . رواه البخاري تعليقاً ورواه ابن أبي شيبة موصولاً .
وروى البخاري هذه الآثار تعليقاً ، فقال : وعَصَر ابن عمر بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ ، وبزق بن أبي أوفى دما فمضى في صلاته ، وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم : ليس عليه إلا غسل محاجم4 ـ أن الشهيد يدفن بدمه، ولا يغسل، ولو كان نجساً لوجب غسله،
وقولهم : إن العلة أنه يبعث يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك، أو قولهم : إن ذلك أثر عبادة كل ذلك ليس كافياً في ترك النجاسة على بدن المسلم، فالدم يوم القيامة ليس هو الدم الذي عليه ؛ لأن الله ينشأه نشأة أخرى، وأثر العبادة لا يجعلنا نترك الميت متلطخاً بنجاسته، فعلم طهارة الدم.
ومن هذه الأدلة السابقة يتضح وضوحاً ظاهراً طهارة دم الإنسان والله تعالى أعلى واعلم.
فإن قيل: ألا يُقاس على دَمِ الحيض، ودم الحيض نجس، بدليل أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ المرأة أن تَحُتَّه، ثم تَقرُصَه بالماء، ثم تَنْضحه، ثم تُصلِّي فيه
فالجواب: أن بينهما فرقاً:
أ ـ أن دم الحيض دم طبيعة وجِبِلَّة للنساء، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ “إنَّ هذا شيءٌ كتبه اللهُ على بنات آدم”فَبَيَّنَ أنه مكتوب كتابة قَدريَّة كونيَّة، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في الاستحاضة: “إنَّه دَمُ عِرْقٍ” ففرَّق بينهما.ب ـ أنَّ الحيضَ دم غليظ منتنٌ له رائحة مستكرهة، فيُشبه البول والغائط، فلا يصحُّ قياس الدَّم الخارج من غير السَبيلَين على الدَّم الخارج من السَّبيلَين، وهو دم الحيض والنِّفاس و الاستحاضة.فإن قيل: إنَّ فاطمة ـ رضي الله عنها ـ كانت تغسل الدَّمَ عن النبيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في غزوة أُحُد وهذا يدلُّ على النَّجاسة. أُجيب من وجهين:
أحدهما: أنَّه مجرَّد فِعْل، والفعل المجرَّد لا يدلُّ على الوجوب.
الثاني: أنه يُحتَمَل أنَّه من أجل النَّظافة؛ لإزالة الدَّم عن الوجه، لأنَّ الإنسان لا يرضى أن يكون في وجهه دم، ولو كان يسيراً، فهذا الاحتمال يبطل الاستدلال.
القسم الثالث : دم الحيوان المسفوح
والدم المسفوح هو الذي يخرج عندما تذبح الذبيحة؛ فيهراق ويسيل بكثرة ويتدفق ، فهذا الدم يعتبر نجسا قال سبحانه وتعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ …) المائدة:3
الدم هنا المقصود به: المسفوح؛ لأنه قيد في آية أخرى في الأنعام قال سبحانه وتعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طاعم يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِه )الأنعام:145.
والدم المحرم هنا بإجماع الفقهاء هو الذي يخرج عندما تذبح الذبيحة؛ فيهراق ويسيل بكثرة ويتدفق، هذا هو الدم الحرام.
وهناك من الدماء ما هو طاهر بالإجماع كالكبد والطحال، ويُستثنى أيضاً الدم الذي يأتي مع الذبيحة إذا طبختها، ويطفو على القدر؛ فلا بأس به فهو طاهر،
وعند الجمهور من النجاسات المعفو عنها ولهذا كان المسلمون يضعون اللحم في المرق وخطوط الدم في القدور بيِّن، ويأكلون ذلك على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها قالت : كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر .
دم السمك :
ودم السمك طاهر، لأن ميْتته طاهرة، وأصل تحريم الميتة من أجل احتقان الدَّمِ فيها، ولهذا إذا أُنهِرَ الدَّمُ بالذَّبْح صارت حلالاً، والسمك لا يذبح وإنما يؤكل ميتا ؛فدل ذلك على طهارة دمه إن وجد
( 3 ) من أنواع النجاسات
قئ الآدمي :
وفيه قولان :
1- الأئمة الأربعة قالوا بنجاسته وإن كان الإمام مالك شرط في القول بنجاسته أن يتغير الطعام عن حاله ولو بحموضة .
وعلة نجاسته عندهم القياس على البول والبراز واستدلوا أيضاً بحديث عمار (إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والقئ والدم ) وحديث أبي الدرداء ( أن النبي قاء فأفطر فتوضأ )
2- ابن حزم والشوكاني والألباني قالوا بطهارته لأن الأصل في جميع الأشياء الطهارة ، وأنه لا ينقل عن ذلك الأصل إلا بناقل صحيح صالح للاحتجاج به غير معارض بما يرجح عليه أو يساويه وهذه الدعوى تتضمن أن الله سبحانه وتعالى أوجب على عباده واجباً هو غسل هذه العين وأنه يمنع وجودها صحة الصلاة فأين الدليل على ذلك ؟!!
وأما ما استدلوا به فالحديث الأول رواه البزار وأبو يعلى ،وهو ضعيف لا يحتج به وأما حديث أبى الدرداء فقد رواه أبو داود وسنده صحيح ،لكن ليس فيه دلالة على نجاسة القئ ولا على وجوب الوضوء منه وإنما غايته مشروعية الوضوء منه لأن مجرد فعل النبي لا يدل على الوجوب ،وليس كل ما ينقض الوضوء يعد نجساً ،وإلى هذا ذهب ابن حزم ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى .
(5،4 ) من أنواع النجاسات:
البول والبراز :
ونجاسة هذه الأشياء متفق عليها ، إلا أنه يخفف في بول الصبي الذي لم يأكل الطعام فيكتفى في تطهيره بالرش لحديث أم قيس رضي الله عنها ( أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام ، وأن ابنها ذاك بال في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله غسلا ) متفق عليه
والنضح : رش الماء .
وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بول الغلام ينضح عليه ، وبول الجارية يغسل ) رواه أحمد
قال قتادة : وهذا ما لم يطعما فإن طعما غسل بولهما .
ثم أن النضح إنما يجزئ مادام الصبي يقتصر على الرضاع ، أما إذا أكل الطعام على جهة التغذية فإنه يجب الغسل بلا خلاف .
وقال العلماء قديما في الحكمة من هذا الأمر : لعل سبب الرخصة في الاكتفاء بنضحه :أن بول الذكر خفيف منتشر بحكم عضوه التناسلي أما الأنثى فبولها ثقيل مجتمع، فمن هنا جاء الحكم بالتخفيف في بول الصبي .
وليس في هذا الحكم تحيز للذكر على حساب الأنثى؛ فأحكام الشريعة أحكام إلهية، وليس لله تعالى مصلحة في ذلك التفريق،وإنما التفريق هنا قائم على فروق في أصل خلقة الذكر والأنثى؛ وقد كشفت الأبحاث العلمية الحديثة عن المطابقة التامة بين أحكام الشريعة وبين ما كشف عنه العلم الحديث في هذا الشأن ، فقد تمت دراسة نسبة تواجد البكتيريا في بول الأطفال الرضع وحديثي الولادة، حيث تم جمع عينات البول بشكل عشوائي من الأطفال الرضع ذكورا وإناثا ، وأظهرت النتائج أن معدل البكتريا في الأنثى يكون لديها مرتفعاً منذ الأيام الأولى في عمرها بغض النظر عن تقدم العمر ، وبغض النظر عما إذا كانت قد بدأت بأخذ الطعام أم لا، أما الذكر فإن تواجد البكتريا يكون أقل بكثير في الأيام الأولى من عمره، وتبدأ هذه النسبة بالتزايد تدريجياً مع مرور الزمن, وخاصة عندما يتجاوز الشهر الثالث من عمره؛ حيث تزداد احتمالية البدء بتناول الطعام..
ولم يكن عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم معامل ومختبرات يستطيع من خلالها الكشف عن هذا الفرق بين بول الغلام الرضيع والأنثى الرضيعة، وبالتالي فإن العقل السليم يجزم بأن هذا الإخبار من هذا النبي الأمي ما هو إلا وحي تلقاه من الخالق العليم؛ ليمتثله المؤمنون، وتقوم به الحجة على من كان له عقل رشيد.
(6) من أنواع النجاسات :
الودي
وهو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول وهو نجس من غير خلاف .
ويخرج في ثلاث حالات:عند الغضب والانفعال، وعند حمل شئ ثقيل ، وعقب البول .
تقول عائشة : ” وأما الودي فإنه يكون بعد البول فيغسل ذكره وأنثييه (الخصيتين) ويتوضأ ولا يغتسل ” رواه ابن المنذر
(7)من أنواع النجاسات :
المذي :
وهو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير في الجماع أو عند الملاعبة ، وقد لا يشعر الإنسان بخروجه ، ويكون من الرجل والمرأة إلا أنه من المرأة أكثر ، وهو نجس باتفاق العلماء ، إلا أنه إذا أصاب البدن وجب غسله وإذا أصاب الثوب اكتفي فيه بالرش بالماء ، لان هذه نجاسة يشق الاحتراز عنها ، لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب ، فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام .
عن علي رضي الله عنه قال : ( كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، لمكان ابنته فسأل ، فقال : توضأ واغسل ذكرك ) رواه البخاري وغيره
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : ( كنت ألقى من المذي شدة وعناء ، وكنت أكثر منه الاغتسال ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنما يجزيك من ذلك الوضوء فقلت يا رسول الله ، كيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال ( يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث أنه قد أصاب منه ) رواه أبو داود
حكم إفرازات المهبل عند المرأة :
ما يخرج من المرأة عند الشهوة مذي ،أما ما سوى ذلك مما يسميه الفقهاء (رطوبات الفرج ) ويطلق عليه حديثا (إفرازات المهبل )والتي تخرج من فرج المرأة في غالب الأوقات وتزداد أثناء الحمل وعند بذل المجهود أو المشي الكثير ، فهذه طاهرة لعدم الدليل على نجاستها ، ومثل هذه الإفرازات لاشك أنها كانت تصيب النساء زمن الوحي ، ولم يرد فيها شئ عن النبي ، بالإضافة أن مخرجها غير مخرج البول النجس فدل على طهارتها
( 8 ) المني :
ذهب الحنفية إلى القول بنجاسته واستدلوا بقول عائشة رضي الله عنها :
( كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا )
والجمهور على طهارته واستدلوا بما يلي :
1- أنَّ الأصل في الأشياء الطَّهارة، فَمَن ادَّعى نجاسة شيء فَعَلَيْه الدَّليل.
2- أن عائشة رضي الله عنها كانت تَفرُك اليابس من مَنِيِّ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وتَغْسِل الرَّطب منه، ولو كان نَجِساً ما اكتفت فيه بالفَرْكِ، فقد قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ في دَمِ الحيض يُصيب الثَّوب، قال: «تَحُتُّه، ثمَّ تَقْرُصُه بالماء، ثمَّ تَنْضِحُه، ثمَّ تصلِّي فيه» فلا بُدَّ من الغَسْل بعد الحتِّ، ولو كان المنيُّ نجساً كان لا بُدَّ من غَسْله، ولم يُجْزِئ فَرْكُ يابِسِه كدَمِ الحيض.
3- أن هذا الماء أصل عِبَاد الله المخلصين من النَّبيين، والصِّدِّيقين، والشُّهداء، والصَّالحين، وتأبى حكمة الله تعالى، أن يكون أصل هؤلاء البَررة نَجِساً.
ومرَّ رجل بعالمين يتناظران، فقال: ما شأنكما؟ قال: أحاول أن أجعل أَصْلَه طاهراً، وهو يحاول أن يجعل أصْلَه نجِساً؛ لأن أحدهما يرى طهارة المنيِّ، والآخر يرى نجاسته.
فإن قيل: لماذا لا يُقال: بأنه نجس كفَضَلات بني آدم من بول، وغائط؟
فالجواب:
1- أنه ليس جميع فضلات بني آدم نجسة، فَرِيقُهُ، ومخاطه، وعَرَقُه كلُّه طاهر.
2- أنَّ هناك فَرْقاً بين البول، والغائط، والمنيِّ. فالبول والغائط فَضْلَةُ الطَّعام والشَّراب، وله رائحة كريهة مستخْبَثَة في مشامِّ الناس ومناظِرِهم، فكان نجساً، أما المنيُّ فبالعكس فهو خلاصة الطَّعام والشَّراب، فالطَّعام والشَّراب يتحوَّل أولاً إِلى دَمٍ، وهذا الدَّم يسقي الله تعالى به الجسم، ولهذا يمرّ على الجسم كلِّه، ثم عند حدوث الشَّهوة يتحوَّل إِلى هذا الماء الذي يُخلَق منه الآدميُّ، فالفرق بين الفضْلَتَين من حيثُ الحقيقةُ واضح جدًّا، فلا يمكن أن نُلحِق إِحداهما بالأخرى في الحكْم، هذه فضلة طيِّبَة طاهرة خلاصة، وهذه خبيثة مُنْتِنَة مكْروهة.
ولكن يستحب غسله إذا كان رطبا ، وفركه إن كان يابسا .
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا ) رواه الدار قطني
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب ؟ فقال : إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق ، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة ) رواه الدار قطني والحديث قد اختلف في رفعه ووقفه .
( 9 ) بول وروث ما يؤكل لحمه :
وللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال :
1- مذهب مالك وأحمد وبعض الحنفية كمحمد بن الحسن ،وزفر وغيرهما أن بول وروث ما يؤكل لحمه ليس بنجس
2- مذهب أبي حنيفة :أنه نجس لأنه استحال إلى نتن وخبث فيكون نجساً كبول ما لا يؤكل لحمه ولكنه جعله من النجاسة المخففة ،لعموم البلوى به ووقوع الاختلاف فيه .
3- الشافعي :الأبوال والأرواث كلها نجسة سواء ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه ونجاسته عندهم كلها مغلظة فلا يعفى عن شئ منها إلا ما يشق الاحتراز عنه .
وقد ذكر ابن تيمية بحثا قيما جمع فيه الأدلة على طهارتها أنقل خلاصته للفائدة
1- الأول أن الأصل الجامع طهارة جميع الأعيان حتى تتبين نجاستها فكل ما لم يبين لنا أنه نجس فهو طاهر وهذه الأعيان لم يبين لنا نجاستها فهي طاهرة .
2- قال أنس رضي الله عنه:” قدم أناس من عكل أو عرينة ( قبيلتان ) فاجتووا المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها ” رواه أحمد والشيخان
( اجتووا ) : أصابهم الجوى ، وهو مرض داء البطن إذا تطاول . ( لقاح ) : جمع لقحة ، بكسر فسكون ، هي الناقة : ذات اللبن .
فدل هذا الحديث على طهارة بول الإبل ، وغيرها من مأكول اللحم يقاس عليه ، ولم يأمرهم مع ذلك بغسل ما يصيب أفواههم وأيديهم ولا بغسل الأوعية التي فيها الأبوال مع حدثان عهدهم بالإسلام ولو كان بول الأنعام كبول الإنسان لكان بيان ذلك واجبا ولم يجز تأخير البيان عن وقت الحاجة لا سيما مع أنه قرنها بالألبان التي هي حلال طاهرة مع أن التداوي بالخبائث قد ثبت فيه النهي عن النبي من وجوه كثيرة ، قال ابن المنذر : ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الأقوام لم يصب ، إذ الخصائص لا تثبت إلا بدليل.
3- ثبت في صحيح مسلم أن النبي كان يصلي في مرابض الغنم وأنه أذن في الصلاة في مرابض الغنم من غير اشتراط حائل ولو كانت أبعارها نجسة لكانت مرابضها كحشوش (أماكن قضاء الحاجة ) بني آدم وكان ينهى عن الصلاة فيها مطلقا أو لا يصلي فيها إلا مع الحائل المانع فلما جاءت السنة بالرخصة في ذلك كان من سوى بين أبوال الآدميين وأبوال الغنم مخالفا للسنة .
4- وأيضا فقد طاف النبي بالبيت (بالكعبة)على بعيره مع إمكان أن يبول البعير .
5- نهي الرسول عن الاستنجاء بالبعر لأنه علف لدواب الجن فلو كان نجساً لما أفاد عدم الاستنجاء به ؛فقد نهى عن ذلك لئلا ننجسه عليهم .
6- معلوم أن الحمام ما زال ملازماً للمسجد الحرام فلو كان ذرقه (روثه) نجساً لنجس المسجد ولوجب تطهيره بإبعاد الحمام أو بتطهير المسجد ، ولم تصح الصلاة فيه …..وهذا فاسد فصح القول بطهارته .
7- أننا رأينا أن طيب المطعم يؤثر في الحل ، وخبثه يؤثر في الحرمة كما ورد في لحوم الجلالة فإن النبي حرم أكلها لاغتذائها بالنجاسة فالبهائم لا تأكل إلا طيب فلا يستنكر طهارة أبوالها تبعاً لذلك .
فائدة : هذا بحث في الإعجاز العلمي عن فوائد بول وألبان الإبل
(10) بول وروث ما لا يؤكل لحمه :
وهما نجسان ، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط ، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار ، فوجدت حجرين ، والتمست الثالث فلم أجده ، فأخذت روثة فأتيته بها ، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال : ( هذا رجس ) رواه البخاري وابن ماجة وابن خزيمة ، وزاد في رواية ( إنها ركس (نجس) إنها روثة حمار ) ويعفى عن اليسير منه ، لمشقة الاحتراز عنه .
قال الوليد بن مسلم : قلت للأوزاعي : فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه كالبغل ، والحمار والفرس ؟ فقال : قد كانوا يبتلون بذلك في مغازيهم فلا يغسلونه من جسد أو ثوب .
( 11 ) الجلالة :
الجلَّالة هي كل ما يَتناول العَذِرَة – بكسر الذال – والأرْواث ، مأخوذ من الجَلَّة – بفتح الجيم – وهي البَعْرة، وهي تشمل الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها من كل ما يَتناول هذه المواد.
وقد ورد فيها عدة أحاديث منها :
1 ـ عن ابن عمر (رضي الله عنهما) أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن أكل الجلالة ، وشرب ألبانها حتى تُحبس . أخرجه الدارَقُطني
2 ـ عن ابن عمر أيضًا : نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أكل الجلّالة وألبانها ، رواه الخمسة إلا النسائي .
3 ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن لحوم الحُمر الأهلية ، وعن الجلَّالة ، عن ركوبها وأَكْلِ لحومها . رواه أحمد
قال العلماء : ولا يُطْلَق عليها وصف الجلَّالة إلا إذا كان غالب عَلَفها من النجس ، فأما إذا رعَت الكلأ واعتلفت الحَبَّ ، وكانت تتناول مع ذلك شيئًا من الجَلَّة فليست بجلَّالة ، فلا يُكْرَه أكلها .
حكم الدجاج الذي يتغذى على علف مخلوط به مطحون عظام حيواني :
ثار الجدل في هذه الأيام حول لحم الدَّجاج الذي يُضَاف إلى عَلَفِه بعض المواد النجسة أو الكيماوية التي تُسرع نموها وتزيد حجمها أو وزنها ، وكان مِحْوَر الجدل في نقطتين ، إحداهما صِحية ، والأخرى دينية .
وقد اختلف ذوو الاختصاص والخِبْرَة في تأثير ذلك على صحة الإنسان ، ما بين مُثبت للضرر ، وبخاصة في علاقته بالفشل الكلوي والسرطان ، ونافٍ لهذا الضرر ، وبخاصة بهذه الصورة الرهيبة ، مع إشارة بعضهم إلى أن ما يُمْكِن أن يكون من ضرر فهو ليس بهذا الحجم الذي يحرِّم تناول هذه اللحوم .
ومبدئيًا نقول : ما دام لم يَجْزِم أهل الذكر بوجود الضرر البيِّن الذي يؤثر تأثيرًا بالغًا بالصحة والمال والعقل وسائر ما حاطه الإسلام بالرعاية من أجل تأدية الإنسان وظيفته في الحياة على الوجه المطلوب ، فلا وجه للقول شرعًا بمنع تناوله؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ، فما دامت العِلَّة ـ وهي الضرر المذكور ـ غير محقَّقة فالأصل في الأشياء الحل ، فإن تحققت كان المنع ، وقد جاء الشرع لتحقيق المصلحة ومنع المفسدة ، والله سبحانه يقول : (وَلا تُلْقُوا بأيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَة ) (سورة البقرة : 195) ، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في الحديث : ” لا ضَرر ولا ضِرار ” رواه ابن ماجه
واختلف العلماء فيما يُناط به الحُرْمَة والكراهة ، إنه إن كان أكثر أكلها الطاهرات فليست بجلالة ، والأصح أنه لا اعتبار بالكثرة بل بالرائحة ، فإن كان يوجد في مَرَقتها أو فيها أدنى ريح النجاسة وإن قلَّ فالموضع موضع النهي ، وإلا فلا ، فإن عُلفت الجلالة علفًا طاهرًا مدة حتى طاب لَحْمُها وزالت النجاسة زالت الكراهة ، ولا تُقدَّر مدة العلف عندنا بزمن ، بل المعتبر زوال الرائحة بأي وجه كان .
ب ـ يُؤْخَذ من هذا أن مَناط النهي هو وجود رائحة النجاسة وتغير اللحم أو اللبن أو البيض ، وذلك تابع في الغالب إلى كثرة ما تُعْلَف به الدابَّة من النجاسة أو قوة تأثيره .
جـ ـ فإذا وُجِدت الرائحة أو تغيّر اللحم طعمًا ، قال العلماء بمنع تناول لحمها وما ينتج عنه . فما هي درجة هذا المنع؟ هل هي الحُرْمَة أو الكراهة ؟ قولان للفقهاء بين الحكم بالحرمة أو الكراهة التحريمية أو الكراهة التنزيهية
د ـ وإذا كان المنع من أكل لحم الجلالة وشرب لبنها منوطًا بوجود النتن والتغير في الطعم والرائحة ، فكيف تزول هذه العلة حتى يزول المنع ؟
قال جماعة : يكفي زوال الرائحة والطعم بأية وسيلة من الوسائل ، وقال آخرون : لابد من حبس الدابة مُدَّة حتى تزول الرائحة .
وقال جماعة من هؤلاء لابد مع الحبس من العلف الطيب ، وبدون ذلك يكره أكل اللحم وشرب اللبن
هـ هذا والممنوع في الجلالة ـ بوصف كونها جلالة ـ هو أكل لحمها وشرب لبنها ، وكذلك أكل البيض ، وأيضا حمل الأمتعة عليها ، وركوبها بغير حائل بين ما يُحمل عليها وبين جلدها ، وذلك على سبيل الكراهة في الركوب .
الخلاصة : الطيور والحيوانات التي يخلط علفها بمادة نجسة ، ولكنه لم يظهر فساد هذه النجاسة في لحمها أو لبنها أو بيضها، من ناحية الرائحة أو الطعم ، وكذلك لم تكن ضارة في تناولها ، فإنه لا يحرم أكلها ولا يكره أيضا لزوال عله النهي وهي الفساد .
فإن كان علفها كله نجسا أو ظهر فيها الفساد فقد اختلف العلماء فيها بين الحكم بالحرمة أو الكراهة التحريمية أو التنزيهية.
والأولى علفها بمادة طيبة مدة من الزمان قبل تناولها حسما لموطن الخلاف.
(هذا الحكم نقلته ملخصا عن كتاب فتاوى وأحكام للشيخ عطية صقر رحمه الله وكان رئيس لجنة الفتوى بالأزهر.)
(12) من أنواع النجاسات :
الخمر :
وهي نجسة عند جمهور العلماء ، لقول الله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان )المائدة 90
الميسر: القمار
والأنصاب :التماثيل
والأزلام: الأزلام جمع زَلَم، وهو السهم، أو القدح، بمعنى قطعة من غصن مشذبة، لا ريش لها ولا نصل؛ وسميت هذه القِداح بالأزلام، لأنها زلمت، أي سويت؛ وكان أبو رافع مولى النبي ممن يصنعها في الجاهلية، وكان أهل الجاهلية يكتبون على بعضها افعل ، وعلى بعضها لا تفعل ويضعونها في كيس ، فإذا أراد المرء حاجة أدخل يده في الكيس لإخراج واحد منها.
وذهبت طائفة إلى القول بطهارتها وهم :ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك، و المزني صاحب الإمام الشافعي ،والليث بن سعد ، الشوكاني والصنعاني ومن المتأخرين ابن عثيمين ،وأحمد شاكر والألباني ،والقرضاوي رأوا جميعا أن الخمر طاهرة ، وأن المحرم إنما هو شربها
وهو الراجح ، ويستدل أيضاً أن الصحابة عند تحريمها قاموا بإراقتها في طرق المدينة ،ولو كانت نجسة لما فعل الصحابة ذلك ولنهى الرسول عنه كما نهى عن التخلي (قضاء الحاجة ) في الطرق ولا ننسى أن أغلبهم كانوا يمشون حفاة .
ولعل الفقهاء شددوا قديماً في القول بنجاستها من باب التنفير منها ، أما الآن فنحن نحتاج إلى الكحول كمطهر ومعقم ويدخل في صناعة العطور ،والروائح البرفان (perfume) .
وحملوا الرجس في الآية على الرجس المعنوي ، لأن لفظ ( رجس ) خبر عن الخمر ، وما عطف عليها كالميسر والأنصاب والأزلام، وهو لا يوصف بالنجاسة الحسية قطعا ، فالمراد الرجس المعنوي لا الحسي، ولأنه وصف هذا الرجس بكونه من عمل الشيطان، وأن الشيطان يريد به إيقاع العداوة والبغضاء فهو رجس عملي معنوي. قال تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) فالأوثان رجس معنوي ، لا تنجس من مسها.
ودلت السنة أيضا على طهارة الخمر طهارة حسية، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله: “هل علمت أن الله قد حرمها؟” قال: لا، فسارَّ إنساناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “بم ساررته؟” قال: أمرته ببيعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الذي حرم شربها حرم بيعها”، قال ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان ساقي القوم في منزل أبي طلحة (وهو زوج أمه) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة.
ولو كانت الخمر نجسة نجاسة حسية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الراوية أن يغسل راويته، كما كانت الحال حين حرمت الحمر عام خبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أهريقوها واكسروها”، يعني القدور) فقالوا: أوَنهريقها ونغسلها؟ فقال: “أوَ ذاك”.
ثم لو كانت الخمر نجسة نجاسة حسية ما أراقها المسلمون في أسواق المدينة، لأنه لا يجوز إلقاء النجاسة في طرق المسلمين.
فتوى الشيخ محمد رشيد رضا
قال في فتاواه ص1631 من مجموعة فتاوى المنار:وخلاصة القول، أن الكحول مادة طاهرة مطهرة، وركن من أركان الصيدلة والعلاج الطبي والصناعات الكثيرة، وتدخل فيما لا يُحصى من الأدوية، وإن تحريم استعمالها على المسلمين يحول دون إتقانهم لعلوم وفنون وأعمال كثيرة، هي من أعظم أسباب تفوق الإفرنج عليهم، كالكيمياء والصيدلة والطب والعلاج والصناعة، وإن تحريم استعمالها في ذلك، قد يكون سبباً لموت كثير من المرضى والمجروحين أو لطول مرضهم وزيادة آلامهم.أ.هـ.
وهذا كلام جيد متينٌ رحمه الله تعالى.
ليس كل محرم نجس
يقول الإمام الصنعاني في سبل السلام : ( والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة ، وأن التحريم لا يلازم النجاسة ، فإن الحشيشة محرمة وهي طاهرة ، وأما النجاسة فيلازمها التحريم ، فكل نجس محرم وليس العكس ، وذلك لان الحكم في النجاسة هو المنع عن ملامستها على كل حال ، فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها ، بخلاف الحكم بالتحريم ، فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة وإجماعا )
إذا عرفنا هذا فتحريم الخمر الذي دلت عليه النصوص لا يلزم منه نجاستها ، بل لابد من دليل آخر عليه ، وإلا بقيا على الأصول المتفق عليها من الطهارة ، فمن ادعى خلافه فالدليل عليه .
ما حكم خلط بعض الأدوية بشيء من الكحول؟
يقول ابن عثيمين رحمه الله : وأما خلط بعض الأدوية بشيء من الكحول، فإنه لا يقتضي تحريمها، إذا كان الخلط يسيراً لا يظهر له أثر مع المخلوط، كما أن على ذلك أهل العلم
قال في المغني ص 306 جـ 8ط المنار: وإن عُجن به (أي بالخمر) دقيقاً ثم خبزه وأكله لم يحد، لأن النار أكلت أجزاء الخمر فلم يبق إلا أثره.أ.هـ.
وفي الإقناع وشرحه ص 71 جـ 4ط مقبل: ولو خلطه -أي المُسكر- بماءٍ فاستهلك المسكر فيه أي الماء، ثم شربه لم يُحدَّ، لأنه باستهلاكه في الماء لم يسلب اسم الماء عنه، أو داوى به -أي المسكر- جرحه لم يُحدَّ، لأنه لم يتناوله شرباً ولا في معناه.أ.هـ. وهذا هو مقتضى الأثر والنظر.
أما الأثر فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الماء طهور لا ينجسه شيء إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه”، وهذا وإن كان الاستثناء فيه ضعيفاً إلا أن العلماء أجمعوا على القول بمقتضاه، ووجه الدلالة منه أنه إذا سقط فيه نجاسة لم تغيره فهو باقٍ على طهوريته، فكذلك الخمر إذا خلط بغيره من الحلال ولم يؤثر فيه فهو باقٍ على حله.
وفي صحيح البخاري تعليقاً ص 64جـ 9ط السلفية من الفتح :
قال: أبو الدرداء في المري ذبح الخمر، النينان والشمس جمع نون وهو الحوت
، المري أكله تتخذ من السمك المملوح يوضع في الخمر ثم يلقى في الشمس فيتغير عن طعم الخمر، فمعنى الأثر أن الحوت بما فيه من الملح، ووضعه في الشمس أذهب الخمر فكان حلالاً.
وأما كون هذا مقتضى النظر: فلأن الخمر إنما حرمت من أجل الوصف الذي اشتملت عليه وهو الإسكار، فإذا انتفى هذا الوصف انتفى التحريم، لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما إذا كانت العلة مقطوعاً بها بنص أو إجماع كما هنا.
وقد توهم بعض الناس أن المخلوط بالخمر حرام مطلقاً ولو قلَّت نسبة الخمر فيه، بحيث لا يظهر له أثر في المخلوط، وظنوا أن هذا هو معنى حديث: “ما أسكر كثيره فقليله حرام”، فقالوا: هذا فيه قليل من الخمر الذي يسكر كثيره فيكون حراماً، فيقال هذا القليل من الخمر استهلك في غيره فلم يكن له أثر وصفي ولا حكمي، فبقي الحكم لما غلبه في الوصف.
وأما حديث: “ما أسكر كثيره فقليله حرام”، فمعناه أنه إذا كان الشراب إن أكثر منه الشارب سكر، وإن قلل لم يسكر فإن القليل منه يكون حراماً؛ لأن تناول القليل وإن لم يُسكر ذريعة إلى تناول الكثير، ويوضح ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام”.
* الفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً.
ومعنى الحديث أنه إذا وجد شراب لا يُسكر منه إلا الفرق، فإن ملء الكف منه حرام فهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: “ما أسكر كثيره فقليله حرام”.
رابط الفتوى هنا
(13)من أنواع النجاسات :
الكلب :
أولا ما حكم اقتناء الكلب ؟
لا يجوز للمسلم أن يقتني الكلب ، إلا إذا كان محتاجاً إلى هذا الكلب في الصيد أو حراسة الماشية أو حراسة الزرع . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ) رواه البخاري
وعنه أيضا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ ) رواه مسلم
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : فِي هَذَا الْحَدِيث إِبَاحَة اِتِّخَاذ الْكِلاب لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَة ، وَكَذَلِكَ الزَّرْع
وروى ابن ماجه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ ) صححه اٍلألباني في صحيح ابن ماجه .
فهذه الأحاديث تدل على تحريم اقتناء الكلب إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم .
واختلف العلماء في الجمع بين رواية نقص قيراط ورواية نقص قيراطين .
فقيل : ينقص من أجره قيراطان إذا كان الكلب أشد أذى ، وينقص قيراط إذا كان دون ذلك .
وقيل : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أولاً بأنه ينقص قيراط ، ثم زاد بعد ذلك العقوبة فأخبر بنقص قيراطين زيادةً في التنفير عن اقتناء الكلب .
وقد شاع لدى أكثر النّاس أنّهم يفسّرون القيراط في هذا الحديث بأنّه مثل جبل أُحُد ! كما في حديث فضل صلاة الجنازة ،وهذا خطأٌ ؛ لأنّ القيراط جزء من الدينار فالدينار 24 قيراط ، وهذا أمر معلوم لدى العرب، وسار عليه العلماء.
فمعنى قوله صلّى الله عليه وسلّم في التّرهيب من اقتناء الكلاب المحرّم اقناؤها: ( نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ ): أنّه ينقُص من أجر عمله نصف سدسِه، أو ربع السدس (على رواية القيراط أو القيراطين ).
هل الكلب طاهر، أم نجس:
للعلماء ثلاثة أقوال :
1- أنه نجس كله حتى شعره، وهو قول الشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
2- أنه طاهر حتى ريقه، كقول مالك في المشهور عنه (وهذا قول ينافي قوله صلى الله عليه وسلم (طهور إناء ….) فقوله طهور دليل على النجاسة.
3- أن ريقه نجس، وأن شعره طاهر، وهذا مذهب أبي حنيفة ، وهو الرواية الأخرى عن أحمد وهذا أرجح الأقوال.
وعلى هذا، فإذا كان شعر الكلب رطبا وأصاب ثوب الإنسان، فلا شيء عليه، كما هو مذهب جمهور الفقهاء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وذلك لأن الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليل.
كما قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ الله لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115]
، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن من أعظم المسلمين بالمسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته).
وفي السنن عن سلمان الفارسي مرفوعًا ـ ومنهم من يجعله موقوفًا ـ أنه قال: (الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه).
وأما إلحاق الشعر بالريق فلا يمكن؛ لأن الريق متحلل من باطن الكلب، بخلاف الشعر، فإنه نابت على ظهره.
وأيضاً، فإن لعاب الكلب إذا أصاب الصيد لم يجب غسله في أظهر قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحداً بغسل ذلك، فقد عفي عن لعاب الكلب في موضع الحاجة، وأمر بغسله في غير موضع الحاجة، فدل على أن الشارع راعي مصلحة الخلق، وحاجتهم. والله أعلم.
وقال الشيخ ابن عثيمين: الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال : «إِذَا وَلَغَ» ، ولم يقل : «إذا عضّ »، فقد يخرج مِن معدته عند الشرب أشياء ، لا تخرج عند العضِّ. وظاهر حالِ الصحابةِ أنَّهم لا يغسلون اللحمَ سبعَ مرَّاتٍ ، إحداها بالتراب، وإذا كان معفوّاً عنه شرعاً ؛ زال ضرَرُه قَدَراً . فمثلاً: الميتةُ نجسةٌ، ومحرَّمةٌ، وإذا اضطر الإنسان إلى أكلها لم يتضرر، والحمار قبل أن يُحرَّم: طيب الأكل، ولما حُرِّم صار خبيثاً نجساً.
فالصحيح: أنَّه لا يجب غسل ما أصابه فم الكلب عند صيده ، لما تقدم، ولأنَّ صيد الكلب مبنيٌّ على التيسير. ا.هـ (الشرح الممتع [1/357]).
كيفية التطهير :
ويجب غسل ما ولغ فيه سبع مرات ، أولاهن بالتراب ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ) رواه مسلم
حكم الملابس أو البدن إن أصابه الكلب بلعابه :
يري فقهاء الشافعية والحنابلة : أنه يغسل الثوب أو البدن إن أصابه الكلب بلعابه سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ إعمالا للحديث السابق وذكر الإناء خرج مخرج الأغلب.
بينما يرى بعض الفقهاءأنه يغسل الثوب بما يتحقق به إزالة أثر لعابه ؛ لأن الحديث الوارد خاص بتطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب؛ فلا يلزم غسل الثوب أو البدن – حينئذٍ – سبع مرات، ولا يلزم أن نجعل إحدى الغسلات بالتراب.
هل يجب استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب ، أم يجزئ استعمال مواد منظفة أخرى بدلا منه ؟
اختلف العلماء في ذلك ؛ فمذهب الشافعي إلى أنه يجب استعمال التراب ، ولا يجزئ استعمال غيره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عيَّنَه وأمر به .
ومذهب الإمام أحمد أنه يجوز أن يستعمل غير التراب كالصابون ونحوه .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (10/139) :
” إذا ولغ الكلب في إناء ، فإنه كي يطهر هذا الإناء يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب , هذا عند الحنابلة والشافعية . . . فإن جعل مكان التراب غيره من الأشنان ( منظف كانوا يستعملونه قديماً ) والصابون ونحوهما ، أو غسله غسلة ثامنة ، فالأصح أنه لا يجزئ ، لأنه طهارة أمر فيها بالتراب تعبدا ، ولذا لم يقم غيره مقامه .
ولبعض الحنابلة : يجوز العدول عن التراب إلى غيره عند عدم التراب , أو إفساد المحل المغسول به . فأما مع وجوده وعدم الضرر فلا . وهذا قول ابن حامد ” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في “الشرح الممتع” (1/292) عن القول بأنه يجزئ عن التراب غيره قال :
” وهذا فيه نظر لما يلي :
1- أن الشارع نص على التراب , فالواجب اتباع النص .
2- أن السدر والأشنان كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يشر إليهما .
3- لعل في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب .
4- أن التراب أحد الطهورين , لأنه يقوم مقام الماء في باب التيمم إذا عدم . وقال صلى الله عليه وسلم : ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) .
فالصحيح : أنه لا يجزئ عن استعمال التراب ، لكن لو فرض عدم وجود التراب وهذا احتمال بعيد ، فإن استعمال الأشنان ، أو الصابون خير من عدمه ” انتهى .
هذا وقد أكّد الأطباء على ضرورة استعمال التراب في عمليّة غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب وبينوا سبب ذلك:
فقالوا إن فيروس الكلب دقيق متناه في الصغر، و من المعروف أنه كلما صغر حجم الميكروب كلما زادت فعالية سطحه للتعلق بجدار الإناء و التصاقه به، و لعاب الكلب المحتوي على الفيروس يكون على هيئة شريط لعابي سائل، و دور التراب هنا هو امتصاص الميكروب – بالالتصاق السطحي – من الإناء على سطح دقائقه ، و قد ثبت علميا أن التراب يحتوي على مادتين قاتلتين للجراثيم حيث:” أثبت العلم الحديث أن التراب يحتوي على مادتين (تتراكسلين) و (التتاراليت) و تستعملان في عمليات التعقيم ضد بعض الجراثيم .
(14) من أنواع النجاسات :
لحم الخنزير :
قال الله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) الأنعام145
الحكمة من تحريم أكل لحم الخنزير :
لقد حرم ربنا جل وعلا أكل الخنزير تحريما قطعيا ،ومن رحمة الله تعالى بنا ، وتيسيره علينا ، أنه أباح لنا أكل الطيبات ، ولم يحرم علينا إلا الخبائث ، قال تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) الأعراف/157
فنحن لا نشك لحظة أن الخنزير حيوان خبيث قذر ، فإن أكله مضر بالإنسان ، ثم هو يعيش على الأوساخ والقاذورات ، وهو ما تأباه النفس السوية وتعافه وترفض تناوله ، لما فيه من إخلال بطبع الإنسان ومزاجه السوي الذي خلقه الله عز وجل فيه .
ثانيا :وأما أضرار أكل الخنزير على جسم الإنسان ، فقد أثبت الطب الحديث جملة منها :
– يعد لحم الخنزير من أكثر أنواع اللحوم الحيوانية التي تحتوي مادة الكولسترول الدهنية ، والتي تقترن زيادتها في دم الإنسان بزيادة فرص الإصابة بتصلب الشرايين.
– كما أن تركيب الأحماض الدهنية في لحم الخنزير تركيب غريب يختلف عن تركيب الأحماض الدهنية في الأغذية الأخرى، مما يجعل امتصاصها أسهل بكثير من غيرها في الأغذية الأخرى وبالتالي زيادة كولسترول الدم .
– يساهم لحم الخنزير ودهنه في انتشار سرطان القولون والمستقيم والبروستاتا والثدي والدم .
– يسبب لحم الخنزير ودهنه الإصابة بالسمنة وأمراضها التي يصعب معالجتها.
– يسبب تناول لحم الخنزير الحكة والحساسية وقرحة المعدة.
– يسبب تناول لحم الخنزير الإصابة بالتهابات الرئة والناتجة عن الدودة الشريطية ودودة الرئة والتهابات الرئة الميكروبية.
-وتتمثل أهم مخاطر تناول لحم الخنزير في احتواء لحم الخنزير على الدودة الشريطية وتسمى تينياسوليم التي يصل طولها إلى 2-3 متر. ويؤدي نمو بويضات هذه الدودة في جسم الإنسان فيما بعد إلى الإصابة بالجنون والهستيريا في حال نمو هذه البويضات في منطقة الدماغ ، وإذا ما نمت في منطقة القلب فإنها تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوبات قلبية .
نجاسة الخنزير :
والكثير من العلماء يرى أن الخنزير نجس سواء كان حيا أو ميتا؛ لأن الله وصفه بأنه رجس، والرجس هو النجس، بدليل هذه الآية .
قال النووي في المجموع : نقل ابن المنذر في كتاب الإجماع إجماع العلماء على نجاسة الخنزير وهو أولى ما يحتج به لو ثبت الإجماع، ولكن مذهب مالك طهارة الخنزير ما دام حيا.
وفي فتاوى الأزهر : معلوم أن لحم الخنزير يحرم أكله كما قال تعالى : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ {المائدة:3}. وتحريم أكل اللحم يشمل تحريم كل أجزائه من الشحم والكبد والطحال وغيرها، لقوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ {الأنعام : 145}. لأن الضمير في قوله تعالى : فَإِنَّهُ رِجْسٌ . عائد على لفظ الخنزير لا على لفظ لحم لأن اللحم معلوم بالنص عليه، فلو عاد الضمير عليه لزم خلو الكلام من فائدة التأسيس، فوجب عوده إلى كلمة خنزير . ليفيد الكلام تحريم بقية أجزائ
هل يلحق الخنزير بالكلب في تغليظ النجاسة
الخنزير نجس بنص كتاب الله: (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) والرجس هو النجس ولكن هل نجاسته مغلظة توجب الغسل سبعاً أو يكفي إزالة عينها كغيرها من النجاس
الصحيح أن ما أصاب الإنسان من نجاسة الخنزير يجب غسله وإزالته ويكفي فيه ذهاب عين النجاسة ولا يصح قياسه على الكلب في ذلك، قال النووي: “وذهب أكثر العلماء إلى أن الخنزير لا يفتقر إلى غسله سبعاً، وهو قول الشافعي، وهو قوي في الدليل”. (شرح مسلم 1/448)
وذهب بعض العلماء إلى قياس الخنزير على الكلب ، فأوجبوا غسل نجاسته سبع مرات إحداهن بالتراب .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وهذا قياس ضعيف ؛ لأن الخنزير مذكور في القرآن ، وموجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يرد إلحاقه بالكلب ، فالصحيح أن نجاسته كنجاسة غيره ، لا يغسل سبع مرات إحداها بالتراب ) الشرح الممتع 1/356
هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم ؟
لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها ، كالخمور والخنزير ولو مع غير المسلمين ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها “
حكم الجيلاتين :
ما هو الجيلاتين ؟
الجيلاتين هو مادة مستخلصة من البروتينات المستخلصة من المادة اللاصقة لأنسجة الجلود أو العظام الحيوانية ( كولاجين) بعد معاملتها بطرق كيميائية ، ويستعمل بشكل عام للحلويات والمأكولات وكذلك يدخل في صناعة كبسولات الأدوية ، ويستخدم في إنتاج معاجين الأسنان والمراهم والكريمات.
حكمه :
الجيلاتين منه ما هو نباتي ، وهذا لا حرج في استعماله ، ولا في تناول ما اشتمل عليه ، ومنه ما هو حيواني ، وهذا فيه تفصيل :
– يجوز استعمال الجيلاتين المستخرج من الحيوانات المباحة، المذكَّاة (المذبوحة ) تذكية شرعية.
– أما الغير مذكاة تذكية شرعية فالراجح أنه جائز لما سبق أن ذكرناه من طهارة عظام الميتة وجواز استعمالها .
– أما الجيلاتين المأخوذ من الخنزير فهذا هو الذي وقع فيه الخلاف بين أهل العلم في العصر الحديث :
القول الأول : يقولون بحرمته لنجاسته الناتجة عن نجاسة أصله وهو الخنزير .
القول الثاني : يقولون إن نجس العين يطهر بالاستحالة وهو المفتى به لدى الحنفية وجمهور المالكية وابن تيمية والظاهرية ، وذلك لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة ، وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها ، فكيف بالكل ، ويعبرون عن ذلك بأنه ( الطهارة بالاستحالة ) بمعنى : إذا استحالت النجاسة طَهُرت ، فهذا الشيء أصله خنـزير لكنه استحال (أصبح) تحول إلى شيء آخر وصار صابون مثلا،
مثل الروث حينما يؤخذ ويدخل النار ويحترق، فرماده حلال لأنه صار شيئا آخر، ومثاله أيضا كما قال ابن تيمية : إذا سقط خنزير أو كلب في مملحة وتآكل واستحال تحت فعل الملح وتحلل فيه حتى فقد خواصه الأصلية ؛ حلَّ استعمال الملح ، وكما ويقول ابن القيم: إن عصير العنب طيب، وإذا استحال إلى خمر أصبح خبثا ولا علاقة للخمر بأصلها الطيب وهو عصير العنب وكذلك إذا استحالت الخمر إلى خل فالخل الناتج طيب، ولا علاقة لهذا الطيب في الحكم بأصله الخبيث وهو الخمر ولذلك فإن الحكم يتعلق فقط بالمادة الناتجة ولا علاقة للحكم بأصل هذه المادة.
فالجيلاتين أصله خنـزير ، ولكنه صار مركباً كيماوياً جديداً فأخذ حكماً آخر؛ لأن الحكم إنما كان على عين نجسة، فإذا ذهبت العين زال الحكم، وحيث إن الكولاجين النجس تتحول عينه إلى مادة أخرى مغايرة له تماماً فإن العين الناتجة ليست هي عين النجاسة وبالتالي تكون طاهرة حلال الأكل.
وعلي؛ فإن مادة الجيلاتين طاهرة حلال أكلها مطلقاً مهما كان مصدرها؛ لأنها مادة طاهرة العين، و لا يضرها استحالتها من عين نجسة أو محرمة، لأن الاستحالة مطهرة فيما يظهر، والله أعلم!
مسائل متممة للباب :
تطهير البدن والثوب :
الثوب والبدن إذا أصابتهما نجاسة يجب غسلهما بالماء حتى تزول عنهما إن كانت مرئية كالدم ، فإن بقي بعد الغسل أثر يشق زواله فهو معفو عنه ، فإن لم تكن مرئية كالبول فإنه يكتفى بغسله ولو مرة واحدة ، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ( إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع به ؟
فقال : تحته ثم تقرضه بالماء ، ثم تنضحه ثم تصلي فيه ) متفق عليه
تحته : الحت : الدلك بأطراف الأصابع
تنضحه : النضح الغسل بالماء
وإذا أصابت النجاسة ذيل ثوب المرأة تطهره الأرض ، لما روي ، أن امرأة قالت لام سلمة رضي الله عنهما : ( إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ؟ فقالت لها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يطهره ما بعده ) رواه أحمد وأبو داود .
التطهير بغير الماء :
فيها أربعة أقوال:
1- الشافعي : إزالة النجاسة بالماء فقط .
2- أبي حنيفة : الجواز بالماء وبكل مائع (سائل ) طاهر ينعصر بالعصر وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 🙁 اغسليه بالماء )للغالب لا للتقيد به .
3-مالك ورد عنه الجواز والمنع .
4- أحمد :ورد عنه ثلاثة أقوال ،الثالث منها يجوز للحاجة ، كما في طهارة فم الهرة بريقها، وطهارة أفواه الصبيان بأرياقهم، ونحو ذلك.
والسنة قد جاءت بالأمر بالماء في قوله لأسماء: حتيه، ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء). وقوله في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد: (صبوا على بوله ذنبوًا من ماء) فأمر بالإزالة بالماء في قضايا معينة، ولم يأمر أمرًا عامًا بأن تزال كل نجاسة بالماء.
وقد أذن الله بازالتها بغير الماء في مواضع: منها: الاستجمار بالحجارة.
ومنها قوله في النعلين: (ثم ليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور).
ومنها قوله في الذيل: (يطهره مابعده).
ومنها: أن الكلاب كانت تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم لم يكونوا يغسلون ذلك.
ومنها قوله في الهر: (إنها من الطوافين عليكم والطوافات) مع أن الهر – في العادة – يأكل الفأر، ولم يكن هناك قناة ترد عليها تطهر بها أفواهها بالماء بل طهورها ريقها.
ومنها: أن الخمر المنقلبة بنفسها تطهر باتفاق المسلمين.
وإذا كان كذلك، فالراجح في هذه المسألة أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان، زال حكمها، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها. لكن لا يجوز استعمال الأطعمة والأشربة في إزالة النجاسة لغير حاجة لما في ذلك من فساد الأموال، كما لا يجوز الاستنجاء بها.
فالراجح أنه يصح التطهير بأي طريقة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله،
قال العلامة الشوكاني : والحق أن الماء أصلٌ في التطهير، لوصفه بذلك كتاباً وسنة، لكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل، ولم يأت دليل بحصر التطهير في الماء. فبأي مزيل زالت النجاسة أجزأ ذلك، حتى لو كان بالمعقمات والمطهرات الكيماوية، فإن ذلك مجزئ على الراجح .
جواز التطهير بالمنظفات الكيماوية وبتكرير مياه المجاري
يقول الشيخ يوسف القرضاوي : فمادام قد زال وصف النجاسة، فلا ريح ولا طعم ولا لون، فقد صار الشيء طاهراً، وقد كثرت وسائل التعقيم والتكرير، فها أنت ترى تكرير مياه المجاري حتى تعود نظيفة في بعض االدول الأوربية ، فهذه إذا زال وصف النجاسة عنها عادت إلى الطهارة، وكذلك بعض المغاسل تنظف الملابس بالمنظفات الكيماوية، فإذا زالت النجاسة وعينها وأوصافها، فهذا يرجع إلى الطهارة، وهذا هو الراجح إن شاء الله تعالى.
وقد اتفق الفقهاء على أن هناك نجاسات تزول بالاستحالة، كقولهم في الخمر باعتبار أنها نجسة عندهم: إنها تزول بالاستحالة إذا انقلبت خلاً بنفسها، وكذلك إذا تنجس بالتغير، فزال التغير بنفسه طهر، وجاء في بعض الأحاديث التطهير بالدباغة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) أخرجه مسلم
كيفية تطهير السجاد إذا عسر نزعه:
ويسأل كثير من الناس عن تنظيف سجاد البيوت الملصوق بالغراء على أرض البيت (الموكيت)إذا وقعت عليه النجاسة، ونفس الحكم في مرتبة السرير أو كرسي الانتريه إذا أصابته النجاسة فتزال النجاسة من بول أو غائط وتقلع، وبعد ذلك نسكب ماءً وننشفه، ونسكب وننشف، وهكذا حتى تزول النجاسة من ذلك المكان، وإذا أمكن اقتلاعه وغسله فعل ذلك، وإلا فهذه الوسيلة كافية.
وهذا ما يسميه الفقهاء التطهير بالتغليب (أي بتغليب الطهارة على النجاسة )
تطهير الأرض:
تطهر الأرض إذا أصابتها نجاسة بصب الماء عليها ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام أعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه الجماعة إلا مسلم .
وتطهر أيضا بالجفاف هي وما يتصل بها اتصال قرار ، كالشجر والبناء . قال أبو قلابة : جفاف الارض طهورها ، وقالت عائشة رضي الله عنها : ( زكاة الارض يبسها ) رواه ابن أبي شيبة .
هذا إذا كانت النجاسة مائعة ، أما إذا كان لها جرم فلا تطهر إلا بزوال عينها أو بتحولها .
تطهير السمن ونحوه :
عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ( سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال : ألقوها ، وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم ) رواه البخاري .
قال الحافظ : نقل ابن عبد البر الاتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه ، إذا تحقق أن شيئا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه ، وأما المائع فاختلفوا فيه فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاته النجاسة ، وخالف فريق منهم الزهري والاوزاعي .
ومذهبهما أن حكم المائع مثل حكم الماء ، في أنه لا ينجس إلا إذا تغير بالنجاسة ، فان لم يتغير فهو طاهر ، وهو مذهب ابن عباس وابن مسعود والبخاري ، وهو الصحيح
تطهير جلد الميتة يطهر جلد الميتة ظاهرا وباطنا بالدباغ ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دبغ الإهاب فقد طهر ) رواه الشيخان .
تطهير المرآة ونحوها
تطهير المرآة والسكين والسيف والظفر والعظم والزجاج والآنية وكل صقيل لا مسام له بالمسح الذي يزول به أثر النجاسة ، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون وهم حاملو سيوفهم وقد أصابها الدم ، فكانوا يمسحونها ويجتزئون بذلك .
أي يرون المسح كافيا في طهارتها .
تطهير النعل :
يطهر النعل المتنجس والخف بالدلك بالأرض إذا ذهب أثر النجاسة ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور ) رواه أبو داود .
وفي رواية . ( إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب )
وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه فلينظر فيهما ، فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما ) رواه أحمد وأبو داود
قاعدة فقهية : ( إذا انصرف الرجل من صلاة رأى على ثوبه أو بدنه نجاسة لم يكن عالما بها ، أو كان يعلمها ولكنه نسيها أو لم ينسها ولكنه عجز عن إزالتها فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه )
قال الألباني : والدليل على هذا حديث أبي سعيد الخدري قال : ” بينما رسول الله يصلي بأصحابه ، إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله صلاته ، قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا : رأيناك ألقيت نعليك ، فالقينا نعالنا ، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا ”
ووجه الدلالة من الحديث أن رسول الله لما علم بالنجاسة استمر في صلاته ولم يستأنفها من أولها فدل على صحة ما مر من صلاته وهو متلبس بالنجاسة .
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: أفتى به عبد الله بن عمر وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وطاوس وسالم ومجاهد والشعبي وابراهيم النخعي والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري والحكم والأوزاعي ومالك واسحق بن راهويه وأبو ثور والإمام أحمد في أصح الروايتين وغيرهم.
فوائد تكثر الحاجة إليها:
1 – حبل الغسيل ينشر عليه الثوب النجس ثم تجففه الشمس أو الريح ، لا بأس بنشر الثوب الطاهر عليه بعد ذلك
2 – لو سقط شئ على المرء لا يدري هل هو ماء أو بول لا يجب عليه أن يسأل ، فلو سأل لم يجب على المسئول أن يجيبه ولو علم أنه نجس ، ولا يجب عليه غسل ذلك .
3 – إذا أصاب الرجل أو الذيل بالليل شئ رطب . لا يعلم ما هو ، لا يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو ، لما روى : أن عمر رضي الله عنه مر يوما ، فسقط عليه شئ من ميزاب ، ومعه صاحب له فقال : يا صاحب الميزاب ماؤك طاهرا أو نجس فقال عمر : يا صاحب الميزاب لا تخبرنا ، ومضى .
4 – لا يجب غسل ما أصابه طين الشوارع . قال كميل بن زياد . رأيت عليا رضي الله عنه يخوض طين المطر ، ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه .
قال ابن تيمية :”طين الشارع إذا لم يظهر به أثر النجاسة فهو طاهر ، وإن تيقن النجاسة فيه (كأن تأكد أنه طين المجاري )فهذا يعفى عن يسيره أما إذا كان كثيراً فيغسل .
5 – من خفي عليه موضع النجاسة من الثوب وجب عليه غسله كله ، لأنه لا سبيل إلى العلم بتيقن الطهارة إلا بغسله جميعه ، فهو من باب ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) .
6- مجرد لمس النجاسة لا ينجّس البدن إلا مع وجود الرطوبة في النجاسة أو في البدن.
موده
اقوال العلماء في حكم المنظفات التي يكون في داخلها تركيب شي منجس؟؟
abojannah
القول المفتى به والمرجح عندي أن النجاسة إذا استحالت طهرت، فإذا علمت أن تلك الشحوم والدهون الحيوانية تعالج كيميائيا إلى أن تستحيل إلى مواد أخرى فلا إشكال حتى ولو علمتم نجاسة أصلها أو لم تعلموا مصدر تلك الشحوم والدهون الحيوانية, ويكون حكمها كحكم الكلب والخنزير يقع في المملحة ويستحيل فيصير حكمه كحكم الملح عند من قال به وهم الحنفية والمالكية في المشهور عندهم، وأما إذا لم تستحل تلك الشحوم والدهون الحيوانية وصنعت منها مواد التنظيف وجهل حالها هل هي من حيوان ذكي الذكاة الشرعية أم لا فينظر في القرائن التي قد تغلب أحد الاحتمالين كأن يكون مصدرها دولة غير إسلامية لا تراعي الذكاة الشرعية في الذبح فيغلب على الظن حينئذ أنها نجسة، لأن الغالب على تلك الدول أنها لا تذكي الذبيحة الذكاة الشرعية وتستبيح استعمال الخنزير في أطعمتها وتأخذ حينئذ حكم الصابون الذي دخل في صناعته نجس أو متنجس, وقد اختلف الفقهاء في حكم استعماله، جاء في الموسوعة الفقهية:
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُخْتَارِ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الصَّابُونَ الْمَصْنُوعَ مِنَ الزَّيْتِ النَّجِسِ أَوِ الْمُتَنَجِّسِ طَاهِرٌ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ، وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ كَذَلِكَ الاِنْتِفَاعَ بِالصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنْ زَيْتِ نَجِسٍ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِطَهَارَتِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ نَقْلاً عَنِ الْمَجْمُوعِ: يَجُوزُ اتِّخَاذُ الصَّابُونِ مِنَ الزَّيْتِ النَّجِسِ، قَال الرَّمْلِيُّ: وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ فَقَالُوا: بِجَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِمُتَنَجِّسٍ، لاَ بِنَجِسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَأَكْل آدَمِيٍّ، فَيُسْتَصْبَحُ عِنْدَهُمْ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَيُعْمَل مِنْهُ الصَّابُونُ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الاِنْتِفَاعِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلاَمِهِمْ: عَدَمُ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالصَّابُونِ الْمَعْمُول مِنَ النَّجِسِ كَشَحْمِ الْمَيْتَةِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ تَطْهُرُ نَجَاسَةٌ بِاسْتِحَالَةٍ وَلاَ بِنَارٍ، فَالصَّابُونُ الْمَعْمُول مِنْ زَيْتِ نَجِسٍ نَجِسٌ، وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَغُبَارُهَا نَجِسٌ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ. اهــ مختصرا.
ونظرا لعموم البلوى بمثل تلك المنظفات فلعل القول بجواز استعمالها متجه، لما فيه من رفع الحرج على الناس، وليس من شك في أن الورع تركها إذا لم تعلم طهارتها، خروجا من الخلاف.
والله أعلم.
سلمى
احسن الله اليك
abojannah
جزاكم الله خيرا وبارك بكم
نورعلي سليمان
جزاكم الله خيرا وافاد بكم
abojannah
وجزاكم الله خيرا ورزقنا وإياكم الإخلاص
سيدعلي
هل تناول المخدرات تستوجب الطهارة الكبرى ام يكفي الوضوء للصلاة فقط
abojannah
تعاطى المخدرات معصية شنيعة ولها أضرار وخيمة ومتعاطيها على خطر عظيم إن لم يمن الله تعالى عليه بالتوبة، وبالتالي فيجب عليه الإقلاع عنها فوراً مخافة أن يحل عليه سخط الله تعالى ومقته،
والحكم : إن ذهب العقل بتناول المخدرات فقد انتقض الوضوء، لأن زوال العقل من نواقض الوضوء ، وأما إذا لم يذهب العقل فلا ينتقض الوضوء
ومستعمل المخدرات لا يلزمه الغسل الأكبر كل يوم للصلاة وصلاته مجزئة إذا سلمت مما يبطلها،
وشارب المسكر متوعد بعدم قبول صلاته أي بعدم الإثابة عليها أربعين يوماً وإن كانت صحيحة مجزئة لايطالب بإعادتها.