هل الدعاء عند نزول الثلج مستجاب ؟
سمعتك شيخنا تقول إن الدعاء عند نزول الثلج مستجاب فما الدليل على هذا القول؟ وهل العرب كانوا يعرفون الثلج ؟
الثلج له حكم المطرلأنه ماء تجمد ، والإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى : ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها) [سورة النحل 80 ] قال : … وهذا كقوله – تعالى – : (وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ ) فخاطبهم بالبرد لأنهم كانوا يعرفون نزوله كثيرا عندهم ، وسكت عن ذكر الثلج ، لأنه لم يكن في بلادهم ، وهو مثله في الصفة والمنفعة ، وقد ذكرهما النبي – صلى الله عليه وسلم – معا في التطهير فقال : اللهم اغسلني بماء وثلج وبرد ، قال ابن عباس : الثلج شيء أبيض ينزل من السماء وما رأيته قط .) انتهى
والثلج عند العرب قديما كان له مصدرين:
المصدر الأول: رحلات القوافل إلى بلاد الشام حيث يتشكل الجليد فوق بعض المرتفعات .
والثاني : نزول الثلج والبرد مع العواصف الرعدية وتحوله الى ماء يسقي الزرع ، ودليل ذلك قول سعيد بن جبير حين سئل عن قوله تعالى (وفي السماء رزقكم وما توعدون ) قال : هو الثلج.
وفي عصر الدولة الأموية كانوا يستورودون الثلج من جبال لبنان والمرتفعات السورية في الشمال ، أما العباسيين فكانوا يستوردون قطع الثلج من تركيا (عبر دجلة والفرات) ومن جبال أفغانستان (على ظهور الجمال والبغال)
ورغم أن معظمنا لا يتصور إمكانية نقل الثلوج الى مسافات بعيدة (وتحت لهيب الشمس الحارقة) إلا أن الأمور ليست بالصعوبة التي نتصورها..حيث يقطع الثلج كمكعبات تُرش بخامات نباتية تحميها من الذوبان، وكلما كانت القطعة كبيرة كلما قل معدل ذوبانها وبقائها لفترة أطول ، وبعد ذلك يتم تغطيتها بقماش أسود وعزلها بالقش أو اللباد أو جلود الخراف، وحين تتوفر هذه الشروط يمكن نقلها فوق الحمير أو الجمال (أو عبر البحار والأنهار) إلى مناطق بعيدة وحارة دون أن تفقد أكثر من 10% من حجمها الأصلي.
أما بالنسبة للدعاء فقد جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا ) رواه البخاري
والصيب : ما سال من المطر وجرى
ويستحب التعرض للمطر ، فيصيب شيئا من بدن الإنسان لما ثبت عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قال : ” أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ ، قَالَ : فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ : ( لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى ) ” . رواه مسلم
وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد المطر قال : ( اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ ) رواه البخاري
,وقت نزول الغيث هو وقت فضل ورحمة الله من الله على عباده ، وتوسعة عليهم بأسباب الخير ، وهو مظنة لإجابة الدعاء عنده .
وقد جاء في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء ، وتحت المطر ) .
رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني
والدعاء عند النداء : أي وقت الأذان ، أو بعده .
وتحت المطر : أي عند نزول المطر.