السنن المهجورة (3) سنن منسية عند الإفطار والسحور

تاريخ الإضافة 4 مايو, 2022 الزيارات : 525

السنن المهجورة (3) سنن منسية عند الإفطار والسحور

أولا/ سنة تعجيل الإفطار:

يستحب للصائم تعجيل الإفطار، فقد رغب في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله وفعله، ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر” متفق عليه

وإنما أحب التعجيل لما فيه من التيسير على الناس، وكره التأخير لما فيه من شبهة التنطع والغلو في الدين، والتشبه بأهل الأديان الأخرى الذين كانوا يغلون في دينهم.

فعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر، لأن اليهود والنصارى يؤخرون” رواه أبو داود

ومعنى التعجيل: أنه بمجرد غياب قرص الشمس من الأفق يفطر.

وفي الحديث الصحيح: “إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم” متفق عليه.

وكان من سنته العملية عليه الصلاة والسلام: ما رواه أنس خادمه: (أنه كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات، فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء ) رواه أحمد

وقال عليه الصلاة والسلام: “من وجد التمر فليفطر عليه، ومن لم يجد التمر، فليفطر على الماء، فإن الماء طهور” رواه عبد الرزاق

والبلاد التي لا يوجد فيها الرطب أو التمر، يغني عنها بعض الفواكه الأخرى أو شيء من الحلو.

وينبغي أن يلزم الاعتدال في تناول الطعام، فلا يسرف ويكثر إلى حد التخمة، فيُضَيِّع حكمة الصيام الصحية، كما يفعله كثير من الصائمين.

ثانيا / الدعاء طوال النهار وخصوصًا عند الإفطار:

يستحب للصائم أن يرطب لسانه بذكر الله ودعائه طوال يوم صومه، فإن الصوم يجعله في حالة روحية تقربه من الله تعالى، وتجعله في مظنة الاستجابة لدعائه، والذكر والدعاء مطلوب من الصائم طوال نهاره، ولكنه مطلوب بصورة خاصة عند الإفطار.

والدعاء بعد العبادات له أصل كبير في الشرع مثل الدعاء بعد الصلوات وبعد قضاء مناسك الحج ، ولا يخرج الصوم عنه إن شاء الله ، وقد ذكر الله تعالى آية الدعاء والترغيب به بين آيات الصيام وهي قوله تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة / 186 ، للدلالة على أهمية الدعاء في هذا الشهر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :أخبر سبحانه أنَّه قريبٌ مِن عباده يجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه ، فهذا إخبارٌ عن ربوبيته لهم وإعطائه سُؤلهم وإجابةِ دعائهم ؛ فإنهم إذا دعَوْه فقد آمنوا بربوبيته لهم … ، ثم أمَرهم بأمرين فقال :  فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ  البقرة / 186 .

فالأول : أنْ يطيعوه فيما أمرهم به من العبادة والاستعانة .

والثاني : الإيمان بربوبيته وألوهيته وأنَّه ربهم وإلههم ولهذا قيل: إجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد وعن كمال الطاعة لأنَّه عقب آية الدعاء بقوله :  فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي . ” مجموع الفتاوى ” ( 14 / 33 ) .

 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ، الإِمَامُ العَادِلُ، وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الغَمَامِ، وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ  وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .

وعند أحمد :  وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ  والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.

فدعوة الصائم المستجابة تكون حال صيامه، إلى أن يشرع في الفطر، وليس بعد ذلك.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

” للصائم دعوة مستجابة عند فطره، فمتى يكون محل هذه الدعوة: قبل الفطر أم في أثنائه أم بعده؟ وهل من دعوات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو من دعاء تشيرون به في مثل هذا الوقت؟

فأجاب: الدعاء يكون قبل الإفطار عند الغروب؛ لأنه يجتمع في حقه انكسار النفس والذل لله عز وجل ، وأنه صائم ، وكل هذه من أسباب الإجابة.

أما بعد الفطر: فإن النفس قد استراحت، وفرحت، وربما يحصل غفلة.

لكن ورد ذكر، إن صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فإنه يكون بعد الإفطار: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله) . هذا لا يكون إلا بعد الفطر.

وكذلك ورد عن بعض الصحابة أنه كان يقول: (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت) .

فأنت : ادع الله بالدعاء المناسب الذي ترى أنك محتاج إليه” انتهى من “اللقاء الشهري” (8/ 25).

ومن أهل العلم من قال إن ذلك يشمل ما بعد الفطر، أي بعد الشروع فيه: جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ” س: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ما هو المقصود بدعاء الصائم عند فطره، هل يقصد دعاء الصائم قبل الإفطار بلحظات، أم بعد الإفطار مباشرة؟

ج: الحديث رواه ابن ماجه، قال في (الزوائد) : إسناده صحيح، والدعاء يكون قبل الإفطار وبعده؛ لأن كلمة: (عند) تشمل الحالتين.

وأولى ما يقوله الصائم عند فطره ما رواه ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر: “ذهب الظمأ وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى” رواه أبو داود، والدارقطني وحسن إسناده

والعمل بهذا الخبر أولي من خبر أنس وابن عباس أنه كان يقول: “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ) رواه الدارقطني، لأن سنده ضعيف.

ويدعو عند الإفطار بما أحب لدينه ودنياه وآخرته، لنفسه ولذويه وللمسلمين فهو وقت تُرجى فيه الإجابة، فقد روى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو: “أن للصائم عند فطره دعوة ما ترد” رواه ابن ماجة وذكر البوصيري في الزوائد: أن إسناده صحيح

وكان عبد الله بن عمرو يجمع بنيه عند الإفطار ويدعو قائلا: اللهم أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي ذنوبي.

ثالثا/ سنة السحور وتأخيره:

ومما سنَّه النبي صلى الله عليه وسلم للصائم أن يؤخر السحور.

السحور: (بفتح السين )ما يؤكل في السحر، أي بعد منتصف الليل إلى الفجر، وأراد بذلك أن يكون قوة للصائم على احتمال الصيام، وجوعه وظمئه، وخصوصًا عندما يطول النهار.

والأصل في السحور أن يكون طعامًا يؤكل، ولو شيئًا من التمر، وإلا فأدنى ما يكفي شربة من ماء.

روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: “السحور كله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين”  حسنه الألباني

والسحور ليس شرطًا في الصيام، وإنما هو سنة، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فعلها وأمر بها، وقال: ” تسحروا، فإن في السحور بركة ” (متفق عليه من حديث أنس)

فيُسن السحور ويسن تأخيره، لأنه مما يقوي المسلم الصيام، ويخفف عنه مشقة الصوم ؛ لأنه يقلل مدة الجوع والعطش، قال زيد بن ثابت: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، فسأله أنس: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين آية ) متفق عليه.

وقد جاء هذا الدين بالميسرات، التي تيسر على الناس عباداتهم، وترغبهم فيها، ومن ذلك تعجيل الفطور وتأخير السحور، فيسن للمسلم الصائم أن يقوم إلى السحور ويتسحر ولو بالقليل ولو بتمرة أو شربة ماء، عملاً بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم –

ومن بركة السحور:

أنه – بجوار ما يهيئه للمسلم من وجبة مادية – يهييء له وجبة روحية، بما يكسبه المسلم من ذكر واستغفار ودعاء، في هذا الوقت المبارك، وقت السحر الذي تنزل فيه الرحمات، عسى أن يكون من المستغفرين بالأسحار.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم