وصايا للتصبر في وفاة الوالدين

تاريخ الإضافة 3 فبراير, 2022 الزيارات : 1096
وصايا للتصبر في وفاة الوالدين
توفي والدي في رمضان الماضي وبعد ذلك لحقته أمي الغالية الشهر الماضي ،  انا تعبانة جدا وأحاول أتعايش وأرجع لحياتي الطبيعية لكن قلبي مفطور وفكري مشتت دائما … انا عملت صدقات وأدعو لهم وأحمد الله كثيرا . …انا راضية بقضاء الله، لكن انا غير قادرة اتحمل فراقهم واشتقت إليهم…أرجو مساعدتي… وجزاكم الله خيرا 
الجواب :
 مصيبة الموت ؛ مصيبة لا مفر منها ، وهي امتحان لنا لنعمل الصالحات ، ونحسن أعمالنا ؛ لننال جزاءنا ويرضى الله عنا .
والحزن والبكاء على موت قريب ، أمر جائز إذا كان على وجه العادة ، ولم يكن مصحوبا بنياحة أو تسخط ، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على موت ابنه إبراهيم ، وقال : ( إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ) رواه البخاري
والبكاء على الميت رحمة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه عليه الصلاة والسلام لما مات أحد أحفاده وهو في حجره صلى الله عليه وسلم ، بكى ودمعت عيناه ، فقال له سعد بن عبادة رضي الله عنه وقد ظن أن أي بكاء على الميت ممنوع : ” مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) رواه البخاري
فأقول لأختنا الكريمة آجرك الله في مصيبتك وأخلف لك خيراً منها – إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبري واحتسبي ، ودعي الجزع فإنه لا يفيد شيئاً، بل يضاعف مصيبتك، ويفوِّت عليك الأجر.

وهذه بعض الأمور التي تخفف عليك مصيبتك،:

أولا: الإيمان بالقضاء والقدر وأن ما أصابك إنما هو بقدر الله، لم يأت من عدو ولا حاسد، وإنما هو من أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، قال تعالى ﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾ [التوبة: 51]، وقال تعالى ﴿ ما أصاب من مصيبةٍ إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه ﴾ [التغابن: 11]
ثانيا: العلم بأن الموت يبلي كل حي، وأن الجميع مصيرهم إليه. قال تعالى ﴿ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ﴾ [الرحمن: 26 – 27] فكل مخلوق سوف يموت.
ثالثا: تذكري أن هذه الحياة معبر وطريق إلى الآخرة، وأن الجميع مسافرون إليها، وسيستقرون هناك، وحينئذ يجتمع المسلم بحبيبه وقريبه في الجنة في نعيم دائم، وحياة أبديّة.. فسلِّ نفسك وعللها بقرب اللقاء، فالموعد هناك إن شاء الله تعالى.
رابعا: الدنيا دار ابتلاء وامتحان ؛ ولذا فهي مليئة بالمصائب، والأكدار، والأحزان، كما قال تعالى: ﴿ ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ﴾ [البقرة:155]، وقال تعالى: ﴿ لقد خلقنا الإنسان في كَبَد ﴾ [البلد: 4]
خامسا: اعلمي أن الجزع لا يفيد، بل يضاعف المصيبة، ويفوّت الأجر، ويعرّض المرء للإثم. قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – (إن صبرت جَرَت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جَرَت عليك المقادير وأنت مأزور)
سادسا: أن تتذكري أن العبد وأهله وماله ملك لله – عز وجل – فله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجل مسمى.
سابعًا: التعزّي بالمصيبة العظمى، وهي مصيبة فقد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليتذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب» رواه ابن سعد وصححه الألباني. فلن تصاب الأمة بعد نبيها بمثل مصيبتها بفقده عليه الصلاة والسلام.
ثامنا: الاستعانة على المصيبة بالصلاة، قال تعالى ﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة ﴾ وقد «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزَبَهُ أمر صلَّى» رواه أبو داود وحسن سنده ابن حجر، ومعنى حزَبَهُ: أي نزل به هم أو أصابه غم. ولما أُخبر ابن عباس بوفاة أحد إخوانه استرجع وصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام وهو يقول ﴿ استعينوا بالصبر والصلاة ﴾. قال ابن حجر: (أخرجه الطبري بإسناد حسن).
ومعنى استرجع: قَال إنا لله وإنا إليه راجعون.
تاسعاً: تذكري ثواب المصائب والصبر عليها وإليك شيء منه:
1- دخول الجنة: قال تعالى: ﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدَّار ﴾ [الرعد: 24، 23]. وقال عليه الصلاة والسلام: «يقول الله عز وجلَ: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» رواه البخاري. وصفيّه هو الحبيب المصافي كالولد والأخ والوالدين وكل من يحبه الإنسان، والمراد بـ (احتسبه): صبر على فقده راجياً الأجر من الله على ذلك، وفي الحديث القدسي، قال الله عز وجل: «ابن آدم إن صبرت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثواباً دون الجنة» رواه ابن ماجه. وصحح سنده البوصيري.
2- إن الصابرين يوَفَّوْن أجورهم بغير حساب. قال تعالى: ﴿ قُلْ ياعبادِ الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ وأرض الله واسعةٌ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ﴾ [الزمر: 10].
3- معيّة الله لهم. وهي المعيّة الخاصة المقتضية للمعونة والنصرة والتوفيق. قال تعالى: ﴿ إنّ الله مع الصَّابرين ﴾.
4- محبته لهم. قال تعالى: ﴿ والله يحب الصَّابرين ﴾
5- تكفير السيئات. قال عليه الصلاة والسلام: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وَصَب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشَّوْكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه» متفق عليه. والنَّصَب: التعب، والوَصَب: المرض. وقال عليه الصلاة والسلام: «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
6- حصول الصلوات والرحمة من الله والهداية. قال تعالى: ﴿ وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم و رحمة وأولئك هُمُ المهتدون ﴾ [البقرة: 155 – 157]
7- رفع منزلة المصاب. قال عليه الصلاة والسلام: «إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبّره على ذلك حتى يبلّغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى» رواه أبو داود، وصححه الألباني.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 80 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع