تفسير سورة الكهف : 8- ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ …..﴾

تاريخ الإضافة 1 مايو, 2025 الزيارات : 166

تفسير سورة الكهف

8- ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ …..﴾

تفسير الآيات [51- 59]

قال تعالى: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا* وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا* وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا* وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ  وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا* وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا* وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ  وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ  وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا* وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ  إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا  وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا* وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ  لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ  بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا* وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا [الكهف: 51-59]

تفسير قوله تعالى : ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف: 51]

(مَا أَشْهَدْتُهُمْ): ما أَريتهم.

بعد أَن أَبرزت الآية السابقة موضع العجب من اتخاذ هؤُلاء الظالمين إِبَليسَ وذريته أَولياء لهم من دون الله أوضَحت هذه الآية الكريمة عدم صلاحية إبليس وجنوده لأن يكونوا شركاء لله وأَعوانًا له، كما بينت ضلال تابعيهم وغباءهم، حين اتخذوهم أولياء لهم.

والمعنى: أَن الله سبحانه هو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما وحده ولم يهيئ لإبليس وذريته مشاهدة هذا الخلق ولا المشاركة فيه؛ حيث خلقت السماوات والأرض قبل خلق إِبليس وذريته؛ فكيف جعلهم أتباعهم الظالمون أولياء لهم من دون الله، وهم عاجزون عن الخلق والتدبير ولا يعلمون شيئا عن كيفية خلقهم وتدبير أمورهم.

(وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا): العضد ما بين المرفق والكتف من الذراع، والمقصود هنا. المعين أو النصير.

والمعنى : ولا ينبغي لي – وأنا القوى العزيز – أن أحتاج إِلى مُعِين أَو نصير يساعدني في الخلق والتدبير من هؤُلاء الضالين المضلين.

تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا [الكهف: 52]

(مَوْبِقًا): أَي مهلكًا يشتركون فيه وهو النار، والموبق اسم مكان من وَبَقَ – كوثب – بمعنى هلك.

والمعنى: واذكر لهم يا محمد يوم يقول لهم العليُّ الأعلى مؤَنِّبًا لهم : ادعوا شركاءكم الذين عبدتموهم من دوني لينقذوكم من العذاب المحيط بكم ؛ وفي هول الموقف ينادي الظالمون شركَاءهم فلا يلبون نداءَهم ولا يستجيبون لاستغاثتهم ؛ لأنهم في مهلكهم مشتركون، وفي جهنم خالدون، فكيف يستجيبون؟ ولهذا قال سبحانه: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا): أي وجعلنا بين الداعين من المشركين والمدعوين من الشياطين، موبقًا ومهلكًا مشتركا وهو النار التي يصلونها جميعًا.

تفسير قوله تعالى: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا [الكهف: 53]

(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا): وشاهد المجرمون النار فأيقنوا أَنهم واقعون فيها لا محالة.

(فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا): الظن هنا بمعنى التوقع والعلم، أي توقعوا وأَيقنوا أَنهم مخالطوها واقعون فيها.

 (مَصْرِفًا): مجالا للانصراف أَو الهرب والفرار من هذا المصير الأليم ، وفي هذا إشارة إلى ما يعاجلهم من الهم والحزن؛ فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب مقدر وحاضر غير مؤجل، ومجرد توقع العذاب لا شك أنه في حد ذاته عذاب،

وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قال للرجل الذي أراد أن يذبح شاة فقعد يسن السكين أمام أختها: (أتريد أن تميتها موتتين)، فكيف بالبشر؟ فهذا الانتظار وهذا العناء في حد ذاته عذاب معجل.

تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا٥٤ [الكهف: 54]

(صَرَّفْنَا): التصريف معناه تحويل الشيء إلى أشياء متعددة، كما يصرف الله الرياح مثلاً، فلا تأتي من ناحية واحدة، بل تأتي مرة من هنا، ومرة من هناك، كذلك صرف الله الأمثال. أي : أتى بأحوال متعددة وصور شتى منها.

والمعنى :ولقد بينا ووضحنا في القرآن الكريم من التوجيهات الرشيدة والمواعظ الحكيمة، بطرق عديدة وأساليب متنوعة، من القصص والعبر والحكم التي يثْبُتُ بها الحق في الأذهان، ولا تدعُ مجالا للشك والإنكار، وطالما أن الحق سبحانه صرف في هذا القرآن من كل مثل، فلا عذر لمن لم يفهم، فالقرآن قد جاء على وجوه شتى ليعلم الناس على اختلاف أفهامهم ومواهبهم .

(وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا): أي : كثير الخصومة والتنازع في الرأي، والجدل : هو المحاورة ومحاولة كل طرف أن يثبت صدق مذهبه وكلامه.

 والجدل إما أن يكون بالباطل لتبرر مذهبك ولو خطأ، وهذا هو الجدل المذموم، وإما أن يكون الجدل بالحق وهو الجدل البناء الذي يستهدف الوصول إلى الحقيقة.

وكان الإنسان منذ نشْأته حسب فطرته، أَكثر شيءٍ جدالا في الدفاع عن رأيه بالباطل متلمسًا المعاذير التي يبررها تصرفاته ، إلا من عصم الله. [1]

تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا [الكهف: 55]

(سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ): أي طريقة الله في المشركين السابقين، والمراد بها العذاب الذي حل بالأمم السابقة حينما أصروا على الكفر والعناد.

(قُبُلًا): بضمتين جمع قبيل أي أَنواعًا، وأجاز أبو عبيدة أن يكون معناه مقابلة وعيانًا كقراءته قِبَلًا بكسْر ففَتح، فإن معناه كذلك عند ابن عباس ، أي أو يحل بهم العذاب الأليم عِيانا جزاء إِمعانهم في الكفر والضلال في صور شتى من النكال والوبال.

والمعنى: وما حمل الناس على ترك الإيمان بعد قيام أَدلته ووضوح حجته، إِلا إِصرارهم على العناد واللجاج، وتحديهم للرسول صلى الله عليه وسلم أن ينزل بهم العقاب الذي توعدهم الله به، كما أنزله بالأمم السابقة التي أَصرت على الكفر والعناد، وقد حكى الله طلبهم العذاب بقوله: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [الأنفال، الآية 32]

تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا [الكهف: 56]

(لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ): ليزيلوه ويبطلوه.

والمعنى: أننا لن نبعث الرسل ليطلب منهم قومهم العذاب، فهذا خلاف ما كلف الله به الرسل، ولا شأن للرسل لهم به، إنما بعثهم ليبشروا ولينذروا في آن واحد، وما بعثهم ليطلب منهم عذاب أو غير عذاب ، لكن الناس إذا جاءهم الرسول خرجوا عن الطريق الذين يخاطبون به، ولا يقبلون بشارة، ولا يخافون نذارة، وإنما أخذوا يطلبون من الرسل العذاب، وهذا خلاف المقصود من إرسال الرسل.

(وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا): أَي قابلوا آيات الله البينات بالسخرية والاستهزاء فسخروا بالقرآن، فزعموا أنه سحر وشعر وأَساطير الأولين، وسخروا بحديث القرآن الكريم عن شجرة الزقوم ؛ كما سخروا وأنكروا البعث والنشور .

تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 57]

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ) جاء الخبر على صورة الاستفهام لتأكيد الكلام .

والمعنى: ولا أَحد أَشد ظلما لنفسه وللحق مِمَّن أَعرض عن آيات الله البينات وانصرف عن أدلتها الواضحات إِلى الباطل، فأمعن في ارتكاب الذنوب والآثام.

(وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) أي ناسيا ما جناه على نفسه وعلى الناس من بغي وعدوان.

 (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) أكنة أَغطية – جمع كنان.

(وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا) ثقلا في السمع، والمقصود من جعل الله الأَكِنةَ على القلوب، والوَقْر في الآذان ألا يأخذ بقواهم العلمية نحو الحق لإعراضهم عنه.

والمعنى : إن الحق واضح، وأصحاب العقول السليمة يدركون الرشد من الغي ويميزون الحق من الضلال، والله سبحانه حال بين المشركين وبين الإدراك السليم، فجعل على عقولهم أغشية كراهة أن يفهموه فهمًا يؤَدِّي بهم إلى السلوك السوِيِّ؛ لأنهم طبعوا على الخبث والضلال، وجعل الله في آذانهم صَمَمًا عن الاستماع إلى الحقائق وإدراكها وذلك لانصرافهم عن الحق، وتواصيهم بعدم سماعه، حيث قالوا: (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت من الآية 26 ]

ولهذا باعد الله بينهم وبين الإِصغاء والاستفادة منه جزاءَ انصرافهم، ولو علم فيهم خيرًا لهداهم وأَسمعهم سماع قبول قال تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنفال الآية 23].

(وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا): وإِن تدعهم إلى طريق الهدى فلن يستجيبوا لك؛ لأنهم الآن ليسوا أَهلا للهداية، ولأن الهداية ليست بيدك، وإنما هي بيد الله .

تفسير قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا [الكهف: 58]

(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ): وربك – أيها الرسول – واسع المغفرة صاحب الرحمة، حيث كتبها على نفسه فضلا وكرما، فلا يعذب أَحدا من عباده المحسنين الطائعين ؛ كقوله تعالى : (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) [النساء 147.]

(لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ) أما هؤُلاء المشركون فهم الذين ظلموا أنفسهم بالإِصرار على الكفر والعناد فاستحقوا سوء الجزاء، ولكنه تعالى يحلم عليهم ، ولا يعجل بهم – أي أَنه لسعة رحمته لو يؤَاخذهم بظلمهم لعَجَّل عقابهم، ولكنُه أمهلهم لعلهم يرجعون إلى الصواب.

(بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا) ملجأ يلجئون إِليه.

أي وهذا الإِمهال موقوت بأجل معدود ،  فإذا حان الأَجل وهم مصِرُّون على كفرهم وعنادهم أخذهم الله بعقابه الأليم حيث لا يجدون ملجأ للنجاة والخلاص.

تفسير قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا [الكهف: 59]

(وتلك القرى) المراد بالقرى هنا أهلها.

والمعنى: وأَهل تلك القرى المهلكة المعروفة، من قرى عاد وثمود وقوم لوط عصوا ربهم، وكذبوا رسله فأمهلهم لعلهم يؤمنون، فلما أصروا على الكُفر وأمعنوا في الضلال أخذهم الله بعذاب الهلاك والاستئصال في الموعد الذي حدده لهم كقوله تعالى :(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102)

أهم ما يستفاد من الآيات:

  1. عجز الشياطين عن الخلق: إبليس وذريته وأعوانهم لم يشاركوا في خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم.
  2. نفي اتخاذ الله أعوانًا من المضلين: الله غني عن أن يحتاج إلى معين أو نصير من أهل الباطل.
  3. ضعف الشركاء يوم القيامة: المشركون ينادون شركاءهم فلا يستجيبون لهم، ويجمعهم الله جميعًا في النار.
  4. يقين المجرمين بالعذاب: عند رؤية النار، يتيقنون أنهم داخلون فيها ولا يجدون مفرًا منها.
  5. تنويع الأمثال في القرآن: الله صرف في القرآن أمثلة كثيرة لبيان الحق للناس بكل أسلوب ممكن.
  6. كثرة جدل الإنسان: الإنسان بطبعه كثير الجدل والمخاصمة، غالبًا بالباطل.
  7. عناد الكافرين رغم وضوح الحق: ما منعهم من الإيمان إلا إصرارهم وعنادهم، حتى طلبوا نزول العذاب.
  8. مهمة الرسل: الرسل مبشرون ومنذرون، وليسوا مرسلين لجلب العذاب لمن كفر.
  9. من يُعرض عن آيات الله يُطبع على قلبه ويُثقل سمعه فلا يهتدي أبدًا.
  10. سعة مغفرة الله وحلمه: رغم كفر الناس، يؤخر الله العقوبة عنهم رحمة وحلمًا حتى يأتي أجلهم.
  11. هلاك الأمم الظالمة السابقة عبرة: الله أهلك الأمم السابقة بظلمهم، ولكل أمة موعد محدد للعقوبة.

[1] أَخرج الإِمام أحمد والشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه طرق بيت علي وفاطمة ليلًا فقال: ألا تصليان؟ فقال على: يا رسول الله إِنما أنفسنا بيد الله تعالى، إِن شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلت ذلك، ولم يرجع إليّ ثم سمعته يضرب فخذه ويقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}.

Visited 31 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع