يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
( مللت من انتظار السيارة كل يوم لتحملني إلى المدرسة ، فاشتريت دراجة وتعلّمت ركوبها ، ولكني لم أتقنه ، فكنت أقف على حجر أو كرسي فأمتطي الدراجة ، وأمشي بها متعثراً خائفاً ، ومررت بشيخٍ يوماً وأنا راجع إلى بيتي ، فدعوته ليركب ورائي على الدراجة فيستريح من انتظار السيارة ويوفر أجرتها ، فقال: لا ياعم أخاف ترميني قلت: يا عيب الشُّوم أتخاف وأنت ورائي ؟ فرفض وتوسل فقلت: اركب ولا تخف ، فركب مكرهاً وسرنا والطريق خال، فاعترضنا نهر صغير عليه جسر خشبي فقال: أنزل وأمشي فقلت : لا ابقَ راكباً ، وكان الجسر خشبتين طويلتين ، فلما بلغت وسط الجسر اضطربت يداي وملت به فسقط في النهر وسقطت فيه وسقطت الدراجة معنا ! ولم يكن النهر عميقاً ولكن كان نجساً وكان مجراه طيناً أما الدراجة فالتوى عمودها الفقري ، وأما نحن فخرجنا بشر حال، وتركته يُلقي في سبي ( منولوجاً ) طويلاً ، لو كنت في غير هذه الحالة لأخذت قلماً وورقاً وكتبت الشتائم المبتكرة التي نطق بها ، ولا أدري من أين اقتبسها فهي أوسخ من كل ما قاله الشعراء بل أوسخ من النهر الذي سقطنا فيه ، ولكن الحق هو أني كنت مستحقاً لها ).
الذكريات ?
رحم الله الشيخ الطنطاوي نعم العالم والأديب والمربي